إن الطريق هو السبيل، والطريق العام هو حق لجميع المارة ـ أي حق ارتفاق، والمِرْفَقُ من الأمر هو ما ارْتَفَقْتَ به، وانتفعتَ، فالطريق هو مكانُ انتفاع لكلِّ المسلمين، والطرقاتُ مكانُ اجتماع الناس، واختلاطهم، ولكل المسلمين حقٌّ فى الطريق، وقد بَيَّنَتْ أحكام الشريعة الإسلامية هذا الحقَّ، وأنه لا يجوز التعدي عليه، أو إيذاء أحد فيه، وعلى هذا لا يجوز مضايقة المسلمين فى طرقاتهم، بل يجب إفساحُ الطرق ليمر الناس بسلام، وإماطة الأذى عنه؛ لأن ذلك من مطالب الإيمان.إن المسلم لا يجوز أن يُحْدِثَ فى ملكه ما يتسبب فى تضييق الطريق على الناس، مثل أن يبنيَ فوق الطرق سَقْفًا يتسبب في منع السيارات المرتفعة، والأحمال، أو أن يبني دِكَّةً للجلوس عليها، أما مجرى الطريق فلا يجوز أن يعيق المرور فيه بأن يتخذ موقفًا ثابتًا لسيارته، فهذا يضيق الطريق، ويتسبب فى وقوع التصادمات، وحصول الحوادث، فيكون متسبِّبًا فيها، ومؤثم شرعًا في حدوثها.ومن الآداب المرعية، ومن السلوك الرشيد فى استعمال الطريق عدمُ إقامة الغرس، والبناء، والحفر في الطريق، أو الذبح فيه، أو إلقاء القمامة، والفضلات والنجاسات على جانبيه بما يتسبب فى إيذاء المارَّة.لقد حَرَّمَ الله الإيذاء بكلِّ صوره، فقال تعالى:(والذِين يُؤْذُنَ المُؤمِنِينَ والمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَد احتَمَلُوا بُهْتَانًا وإِثْمًا مُبِينًا) (الأحزاب ـ 58)، وقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم):(المسلم من سَلِمَ المسلمون من لسانه ويده) (متفق عليه)، وقال:(الإيمان بضع وسبعون شعبة، أعلاها، قول: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان) (متفق عليه). د. أحمد طلعت حامد سعد كلية الآداب ـ جامعة بورسعيد بجمهورية مصر العربية
[email protected]