الحديث عن ارتفاع أسعار فواتير الكهرباء ليس بالجديد، هو حديث طويل مضى عليه سنوات، وما من سنة ترتفع فيها أسعار الكهرباء حتى تعلو الأصوات مطالبة بالوقوف على الأسباب، ودراسة الأوضاع والعمل على إيجاد معالجات جذرية حقيقية وفاعلة.سنوات مضت وفي كلِّ سنة تطلُّ علينا مشكلة ارتفاع الفواتير بما فيها فواتير الكهرباء لتفتح العديد من التساؤلات التي شغلت الجزء الأكبر من أبناء المجتمع، حيث يرى البعض أنَّ هناك ضعفًا في إدارة موارد شركات الكهرباء، والبعض الآخر يراها في تكلفة الرواتب والامتيازات، بينما يرى آخرون أنَّ هناك مغالاة في الأسعار واللا مبالاة في قراءة حقيقية لعدَّادات الكهرباء، بجانب ارتفاع في كلفة أسعار الإنتاج وغيرها الكثير من الآراء التي لم تجد ردًّا شافيًا ووافيًا حتى اليوم عن الأسباب الحقيقية وراء ارتفاع فواتير الكهرباء.ومع كُلِّ مشهد من مشاهد ارتفاع أسعار الكهرباء تسارع الجهة المشرفة على القطاع بتوضيح الأسباب لذلك الارتفاع والتي يجدها المجتمع أنَّها أسباب غير مقنعة ومحاولة للالتفاف على أساس المشكلة، وهو بالتالي ما يرفع من حدَّة المطالبات بتنازلات أكبر تخفف من وطأة ارتفاع الأسعار وتوجد حلول مستدامة لا وقتية.الإحصائيات تقول بأنَّ الحكومة مستمرة في دعم أسعار الكهرباء والتي تقارب 250 مليون ريال عُماني، في الوقت الذي شهد فيه القطاع تنفيذ العديد من مشاريع التوسعة والتطوير والتحديث لمواكبة الطلب المتزايد على القطاع والذي سجَّل العام الماضي معدَّلات قياسية من حيث الإنتاج الذي بلغ 39 ألفًا و81.9 جيجاواط ساعة، ونُموًّا في عدد المشتركين، وهو ما وسَّع من دائرة المستفيدين ورفع من العوائد المالية للشركات التي عانت لسنوات من تراجع نتيجة عدم وجود إدارات قادرة على إحداث التغيير في أداء شركات الكهرباء بعد سنوات من الخسائر.يرى المستهلك أنَّ أسعار الفواتير مبالغ فيها وأنَّ الفاتورة التي كانت قبل خمس سنوات تبلغ 40 ريالًا عُمانيًّا أصبحت اليوم تتراوح بين 80 إلى 100 ريال عُماني لنفس المنزل وبنفس عدد أفراد الأُسرة، ممَّا أثقلَ من كاهل العديد من الأُسر التي باتت غير قادرة على تغطية جزء من تكاليف تلك الفواتير ومتطلبات واحتياجات أُسرهم في ضوء ارتفاع الأسعار بالنسبة للكثير من السلع الأساسية.الإبقاء على هذه المشكلة وغياب الحلول العملية التي ترضي الجميع قد يفاقم منها مستقبلًا، لنبقى في نفس الدائرة، لذلك فالحكومة ـ ممثَّلةً في مجموعة نماء ـ عليها أن تعملَ على إيجاد الحلول التي تساعد الجميع على ضبط فاتورة الاستهلاك وتطبيق فكرة العدَّادات مسبقة الدفع، مع أهمية إيلاء موضوع قراءة العدَّادات جانبًا من العناية والتطوير، وتكثيف البرامج التي تتعلق بتوعية المستهلك، وتعزيز قنوات التواصل معهم عبر مختلف الوسائل، والتسهيل على المشتركين وتوفير آليَّات مرنة لدفع الفواتير، ومراجعة دائمة ومستمرة للتسعيرة، وغيرها من الجوانب التي يمكن على المعنيين في شركات الكهرباء العمل عليها خلال المرحلة القادمة.مصطفى المعمري كاتب عماني