يتكرر مشهد ارتفاع فواتير الكهرباء كُلَّ صَيف ومع معظم شرائح المُجتمع، وقَدْ حدَّدت شركة الكهرباء شرائح مَن يشملهم نظام الدَّعم الوطني، ومع ذلك تأتي الفواتير مع اكتمال الشهر مرتفعة على غير العادة فيتذمَّر المستهلك ويشتكي من ارتفاع الأسعار رغم الاستهلاك المعتاد، وحسب كُلِّ منزل وظروفه. فمُعْظم المستهلكين في شهور الصَّيف يكُونُونَ عادة خارج البلاد أو خارج المنزل كالسَّفر خارجيًّا أو في المناطق الأخرى من سلطنة عُمان، وعِنْد عودتهم إلى منازلهم يتفاجؤون بفواتير كهرباء عالية، وبذلك ينتهي الأمْرُ بهم بالإبلاغ عن هذا الارتفاع والاتِّصال بشركة الكهرباء المعنيَّة بإصدار الفواتير وتقديم شكواهم.
وحتَّى نكُونَ على بَيِّنَة من الأمْرِ، لا بُدَّ لشركات الكهرباء وضع استهلاك المواطن من الكهرباء موضع الاعتبار، وتقييم الاستهلاك وفقًا لشكوى المستهلك، فمن غير المعقول أن يشتكيَ المستهلك من ارتفاع فواتير الكهرباء ويردُّ عَلَيْه الموظف بأنَّ استهلاكك على حسب شريحة الفرد ونظام الدَّعم الوطني المستحق. وعلى الرغم من أنَّ قراءة الفاتورة تتمُّ عن طريق العدَّاد الذَّكي والذي يُرسل القراءة ذاتيًّا إلى الشركة المعنيَّة، إلَّا أنَّ المستهلك لا يزال يُشكِّك في قِيمة الفاتورة فيتقدَّم ببلاغه، وكذلك يُفيده الموظف المختصُّ بأنَّه إذا كان لدَيْك اعتراض وأنتَ غير راضٍ فبإمكانك التقدُّم بطلب فحص عدَّاد الكهرباء، وبناءً عَلَيْه يتمُّ الفحص ودفع مبلغ معيَّن نظير ذلك الفحص والنتيجة أنَّه لا يوجد أيُّ خلَلٍ أو مُشْكلة في العدَّاد، وأنَّ القراءة صحيحة، فيتوجَّب عَلَيْه دفع مبلغ فحص العدَّاد مبلغًا وقدره.
المُشْكلة ليست في فحص العدَّاد، وإنَّما في المبالغ الخياليَّة والتي تصل إلى المستهلك في هذه الشهور من السنة، فلا يُعقل أن يكُونَ هناك استهلاك وأنا لستُ موجودًا في المنزل أو تغيّر عليَّ الاستهلاك عن أيِّ شهر فتتفاوت نسبة الاستهلاك عن الشهر الذي سبق، أو وجودي من عدمه في المنزل وأنا غير مستهلك للطَّاقة.
عَلَيْه، لا بُدَّ من حلول تُرضي جميع الأطراف، فوجود شركات الكهرباء ليست للاستغلال بحجَّة أنَّ المستهلك زاد حجم استهلاكه للكهرباء في هذه الفترة، فالأمْرُ غير مقبول بتاتًا، ويجِبُ على المعنيِّين بالأمْرِ مراعاة ذلك ومحاسبة المتسبِّبين، ووضع حدٍّ لهذه المُشْكلة، وما فواتير المياه عن هذه الارتفاع ببعيد.
وجود هيئة تنظيم الكهرباء وهي المعنيَّة بقِطاع الكهرباء والمياه وشكوى المستهلك بعد نفاد جميع الحلول لا بُدَّ من تفعيل دَوْرها ومسؤوليَّتها تجاه المُجتمع، كما أنَّ وضع حلول مناسبة والجلوس مع مسؤولي شركات الكهرباء أمْرٌ ضروري جدًّا لتحقيق المصلحة العامَّة، كما أنَّ وضع المواطن كمستهلك في الصورة له الحقُّ في معرفة أماكن الخلَل والقصور.
أمَّا فيما يتعلَّق بصدور بيان شركة نماء للكهرباء مؤخرًا والذي لَمْ يُرضِ بأيِّ حالٍ من الأحوال الكثير من المستهلكين بحجَّة تحديث بياناتهم الشخصيَّة في نظام الدَّعم الوطني فهو أمْرٌ غير مقْنِع. فالمواطن لا يُمكِن أن يُحدِّثَ بياناته شهريًّا، فنرجو من المعنيِّين بالأمْرِ ومَن يهمُّهم المواطن وحياته المعيشيَّة بالمقام الأوَّل النظر في أقرب وقت مُمكن للخدمات المقدَّمة له والتي تمسُّه شخصيًّا، كما أنَّ تدخُّل مجلس الوزراء الموقَّر في هذا الموضوع يُريح المواطن، وكما عهدنا من مجلس الوزراء الموقَّر أن يقفَ مع المواطن في كُلِّ ما من شأنه تحقيق العدالة والإنصاف في أموره المعيشيَّة.
إنَّ ما يحدث في مواقع التواصل الاجتماعي من مُعْظم المُغرِّدين ممَّن تضرَّروا من ارتفاع فواتير الكهرباء والمياه، ومحاولة إيصال أصواتهم إلى الجهات المعنيَّة أصبح حديث السَّاعة، وكما يعْلَم الجميع بأنَّ توجيهات جلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم ـ حفظه الله ورعاه ـ بمراعاة ظروف المواطنين فيما يتعلَّق باستهلاك الكهرباء والمياه في شهور الصَّيف موضع التنفيذ، والأمل أن يتمَّ هذا الأمْرُ وتضطلع به شركات الكهرباء والمياه، بما يزيل حالة التجاذب والامتعاض التي أخذت حيِّزًا كبيرًا في مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة وأوساط المُجتمع.
ومن هذا المنبر أطالب شركات الكهرباء والمياه بإعادة النظر فيما يتعلق بارتفاع أسعار الكهرباء والمياه ومراعاة احتياجات المواطنين وظروفهم المختلفة، وعدم استغلال هذه الشهور ورفع أسعار الفواتير، وقطْع عدَّاد الكهرباء وتكبُّدهم خسائر لَمْ تكُنْ في الحسبان، فمِنْهم ذوو الحاجة، ومِنْهم كبار سِن على أجهزة التنفُّس الصناعيَّة وأجهزة أخرى مختلفة.
حفظ الله الجميع من كُلِّ سوء ومَكْروه وأدام عَلَيْنا نعمة الأمن والأمان، وأنعمَ عَلَيْنا بالصحَّة والعافية في ظلِّ القيادة الحكيمة لمولانا جلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم حفظه الله ورعاه وألبسه ثوب الصحَّة والعافية.




أفلح بن عبدالله الصقري
كاتب عماني