تعاني المجتمعات البشرية اليوم من ظاهرة خطيرة، أصبحت غير قادرةعلى معالجتها أو مجاراتها، بعد أن تغلغلت بشكل كبير في كل شبر من يوميات حياة الإنسان، وغيرت الكثير من المفاهيم وقضت على مجموعةمن القيم والمبادىء، وساهمت في انتشار عدد لا يحصى من السلوكيات والممارسات التي تتنافى مع الفطرة السليمة التي تستقيم بها حياة الإنسان، واستبدلت بمن وضع منهاجا لحياة المجتمع بأدوات اريد لها ان تقضي على تلك المباديء والقيم، فظاهرة المروجين عبر صفحات التواصل الاجتماعي لكل ما هو غث وسفيه تجاوزت حدود اللامعقول في الطرح ،وافرزت مجموعة من الأبواق التي سخرت لتكون أداة لنشر ما يريده البعض من تردي ورداءة في مضمون الرسالة الموجهة للمجتمع.ومع أن هناك محاولات تقام بين الحين والآخر، عبر تنظيم ملتقيات وندوات ومؤتمرات لتصحيح مسار التواصل مع المجتمع عبر تعزيز دور مؤسسات الإعلام والصحافة الحقيقية لضمان المصداقية، إلا أن التأثير لايزال أكبر لمنصات التواصل الاجتماعي الفردية، حتى أصبح المروج الواحد على سبيل المثال عدد متابعيه أكثر من عدد متابعي مؤسسة صحفية واعلامية، وتأثيرة عليهم أسرع حتى وان كان المحتوى الذي يبثه هزيلا وخاليا من رساله حقيقية، فهل فعلا الناس وفي ظل ما يعيشونه من ضغوطات الحياة يميلون كثيرا إلى التفاعل مع هذا النوع من التواصل؟ نظرا لغياب حقيقي لتواصل إعلامي جاد يلبي حاجتهم لمعلومة واضحة وصريحة وصادقة.ان التفاهة التي يصنعها البعض من خلال شبكات التواصل الاجتماعي، اوجدت لها حضورا لافتا قضت على نسبة مرتفعة من اهتمامات الناس في اتباع الطرق والأساليب الصحيحة، واكتساب المفيد من العلوم والمعارف وكذلك النكات التي لا تخدش الحياء، فما المفيد من تصرف مروج يجعل من نفسه أضحوكة ليتفاعل معه المتابعون؟ أو ذلك الذي يهز بطنه او تلك التي تأكل دون شبع وغيرهم الكثير، فلماذا نسمح حتى الان ان تمثل هذه الفئات في وقتنا الحاضر قدوات لأجيالنا؟ لابد من الاسراع في المعالجة قبل فوات الآوان وان تتحمل كل جهة مسؤوليتها للحد من هذه التصرفات التي سينتج عنها جيل سطحي في الفكر والابداع، وهذا ليس بمنع استخدام تقنية الاتصال وانما التركيز على الاستفادة من جوانبها الايجابية وهي كثيرة ومنع السلبي منها كما فعلت بعض الدول والتي تنتجها وتصدرها إلينا.طالب بن سيف الضباري
[email protected]