يأتي بناء الإنسان في أولويَّات الحكومة العُمانيَّة منذ انطلاق عصر النهضة العُمانيَّة المباركة على يد المغفور له بإذن الله جلالة السُّلطان قابوس بن سعيد ـ طيَّب الله ثراه ـ، وعلى النهج نَفْسه يسير حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم ـ حفظه الله ورعاه ـ إيمانًا من جلالته بأنَّ النهوض بالمواطن هو السبيل إلى النهوض بالوطن. فالعُماني كان ولا يزال أداة النهضة المباركة وغايتها، في تداخل عبقري يؤمن بأنَّ بناء الإنسان والوطن مهمَّة متداخلة تجمع بَيْنَ الفرد والمُجتمع، لِتصبَّ في ارتقاء الوطن للمكانة التي تليق به، فالإنسان هو مَن يصنع الحضارة ويحافظ عليها، لذا يجِبُ تأهيله بمنظومة تعليميَّة وصحيَّة تُمكِّنه من القيام بالدَّوْر الذي ينتظره.
ولقَدْ عَبَّرَت سلطنة عُمان عن تلك الرؤية الملهمة في كلمتها أمام الجمعيَّة العامَّة للأُمم المُتَّحدة، حيث أكَّدت أنَّ التطوير المتواصل للنظام التعليمي بجميع مستوياته وتحسين مخرجاته هو أمْرٌ ضروري لبناء الإنسان وتمكينه في دفع عجلة التنمية الاقتصاديَّة والنهوض بها، والاهتمام بالاستثمار في البحث العلمي والتطوير التكنولوجي الذي يواكب تطوُّرات العصر، بالإضافة إلى تأكيد سلطنة عُمان التزامها أمام هذا التجمُّع الأُممي، بترسيخ حقوق الإنسان والالتزام بالمواثيق والاتفاقيَّات الدوليَّة ذات الصِّلة من أجْلِ تطوير مُجتمع عادلٍ يتبنَّى الاحترام المُطْلق لكرامة الإنسان وحقوقه والقِيَم الدينيَّة والثقافيَّة، وهي خطوة تأكيد على تكامليَّة الرؤية العُمانيَّة المعنيَّة ببناء العُماني، فالحفاظ على حقوق الإنسان هي أولى خطوات بنائه وبناء كرامته، لِيكُونَ عضوًا فاعلًا في منظومته الوطنيَّة.
ولَمْ تكتفِ سلطنة عُمان بالمُضي قُدُمًا بالاعتناء بالعُماني عَبْرَ تطوير منظومة تعليميَّة تؤهِّله وتنمِّي لدَيْه القدرات المطلوبة، ولا حتَّى بالمحافظة على حقوقه الإنسانيَّة المشروعة، بل امتدَّت مراحل بناء العُماني وفق الرؤية السَّامية لعاهل البلاد المُفدَّى إلى الاعتناء بصحَّته وبيئته، وذلك وفق التأكيد على التزام سلطنة عُمان بالعمل على تنفيذ العديد من الخطط والبرامج الهادفة إلى التكيُّف مع تغيُّر المناخ والحدِّ من آثاره، كما تعمل على تحفيز الاستثمار في مشاريع الطَّاقة المُتجدِّدة، وفق استراتيجيَّة الحياد الصفري الكربوني 2050، التي تحرص في الأساس على حفظ حقِّ الأجيال العُمانيَّة القادمة في بيئتهم البِكر، والسَّعي إلى إقامة اقتصاد أخضر يواكب بَيْنَ التنمية وتحقيق الاستدامة البيئيَّة المطلوبة.
وتأكيدًا على جديَّة هذا الطرح العُماني يواصل البرنامج الوطني للحياد الصفري أعماله؛ بهدف متابعة وتنفيذ الاستراتيجيَّة الوطنيَّة للانتقال المنظّم للحياد الصفري، ويتناول البرنامج في الأسبوع الرابع مناقشة خطط قِطاع النفط والغاز، حيث يُمثِّل قِطاع النفط والغاز ما نسبته 26 بالمئة من انبعاثات الغازات الدفيئة في سلطنة عُمان؛ أي ما يعادل 22.9 مليون طن. ومن المؤمل أن يتمَّ الخفض بمعدَّل 7 بالمئة بحلول عام 2030، بالإضافة إلى جهود سلطنة عُمان في جذب الاستثمارات الخضراء للبلاد، حيث يُعقد قريبًا منتدى الدقم الاقتصادي الذي يبحث التوجُّهات الجديدة في قِطاع الصِّناعات الخضراء وأبرز المشروعات التي تمَّ استقطابها إلى المنطقة الاقتصاديَّة الخاصَّة بالدقم، والدَّوْر المحوري للدقم بشكلٍ خاصٍّ وسلطنة عُمان بشكلٍ عامٍّ في تهيئة سُبل النجاح لهذا القِطاع الحيوي في ظلِّ التوجُّه المحلِّي والعالَمي بالصِّناعات الخضراء والطَّاقة المُتجدِّدة، حسبما أعلن منظِّمو المنتدى.



إبراهيم بدوي
[email protected]