لا شكَّ أنَّ موسم الخريف (21 يونيو – نهاية شهر سبتمبر) في محافظة ظفار يُعدُّ أحد أهمِّ المواسم الاستثنائيَّة للطبيعة حَوْلَ العالَم، حيث تتحوَّل هذه المحافظة بوجْهٍ عامٍّ ومدينة صلالة التي أصبح هذا العرس السياحي الطبيعي يتقلَّد اسمها إلى فردوس من الجَمال والسِّحر على الأرض.يُمثِّل هذا الموسم قِيمة سياحيَّة مضافة ومدخلًا من مدخلات الاقتصاد الوطني عالي القِيمة، كما يُمثِّل هُوِيَّة للسياحة الوطنيَّة ويرسم صورة ذهنيَّة لسلطنة عُمان وطبيعتها، الأمْرُ الذي يدفع بالضرورة إلى أهمِّية الاستعداد المسبق لمِثل هذه المناسبات والفرص الاقتصاديَّة الطبيعيَّة، الاستعداد الشامل وعلى مختلف المستويات، سواء من حيث تعزيز مواطن القوَّة أو احتواء جوانب الضعف.عندما نتحدَّث عن مَواطن القوَّة التي تُميِّز خريف صلالة فإنَّنا ـ بلا شك ـ سنُركِّز على الطبيعة الخلَّابة، حيث تساقط الرذاذ طوال الموسم، وكثرة العيون والأودية وانتشار الضباب، والثراء التاريخي والتراثي، كذلك وجود الطُّرق الآمنة التي تنتشر في معظم أماكن الخريف، الأمْرُ الذي يساعد على تيسير وصول السيَّاح إلى عموم تلك الأماكن السياحيَّة، الثروة الحيوانيَّة المميّزة هي الأخرى مصدر قوَّة غذائيَّة تساعد على تعزيز قوَّة الموسم ونجاحه. أضف إلى تلك النقاط؛ الاستقرار الأمني والهدوء النَّفْسي وأخلاق وطِيبة أبناء هذه المحافظة الجميلة.طبعًا لا يُمكِن تجاهل نقاط الضعف التي ـ بلا شك ـ تبذل الجهات المعنيَّة كُلَّ ما بوسعها لاحتوائها، خصوصًا أنَّ موسم الخريف في ظفار لا يُمثِّل محافظة ظفار فقط، بل هو موسم وطني، وبالتالي مهمَّة تعزيز جوانب قوَّته واحتواء جوانب ضعفه يجِبُ أن تتحوَّلَ إلى مهمَّة وطنيَّة عالية الأهمِّية.وقد تفضَّل حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم ـ حفظه الله ـ بتوجيه الجهات المعنيَّة بتقديم دعم مباشر في أسعار الوقود في مطار صلالة، الأمْرُ الذي ـ بلا شك ـ سيُسهم كثيرًا في تسيير مزيدٍ من رحلات الطيران المباشرة من وإلى مطار صلالة بأسعار تنافسيَّة، يضاف إلى ذلك أنَّ هذا الدَّعم والتَّوجيه يُعدَّان اهتمامًا مباشرًا من لدُن جلالته بضرورة تذليل كُلِّ الصِّعاب واحتواء نقاط الضعف التي يُمكِن أن تؤثِّرَ بشكلٍ مباشر أو غير مباشر على خريف ظفار.أهمِّية الاستماع إلى آراء وتقييم وملاحظات زوَّار الخريف (صوتًا وصورة) مُهمٌّ للغاية، الأمْرُ الذي يلزم الجهات المعنيَّة بتوفير مصدر للتواصل المباشر بَيْنَ المسؤولين والزوَّار، ومن وجهة نظري وجود أرقام تواصل عَبْرَ الجوَّال وليس الهواتف الثابتة وبها خاصيَّة (الواتساب) يُمكِن أن تساعدَ على ذلك، حيث يُمكِن أن يتمَّ إرسال الملاحظات بالصوت والصورة إلى المسؤولين.يضاف إلى ذلك أهمِّية رفع عدد ومستوى البرامج الترفيهيَّة في عموم المحافظة والأماكن السياحيَّة مع ضرورة أخذ كُلِّ الاحتياطات اللازمة لتلك البرامج من مواقف ودَورات مياه، بالإضافة إلى الاحتياطات الأمنيَّة لحفظ تلك الأماكن السياحيَّة من التَّدمير والتَّشويه والتَّلويث. موضوع النظافة هو الآخر يجِبُ أن يُعطى أولويَّة خاصَّة حيث ضرورة توافر الحاويات الثابتة والمتحرِّكة في كُلِّ مكان، وبالطبع توافر الوقود بمختلف أشكاله، فليس من المقبول أبدًا أن تقفَ المَرْكبة في محطَّة وقود ليتمَّ الردُّ عليك بأنَّ المحطَّة خالية من الوقود مؤقتًا.تتحمل وسائل الإعلام بمختلف توجُّهاتها مسؤوليَّة كبيرة تجاه موسم الخريف في ظفار، وكم أتمنَّى أن نجدَ الترويج لهذا الخريف في معظم محافظات سلطنة عُمان وليس في ظفار فقط، فعندما يدخل السائح من بوَّابة ولاية شناص أو البريمي، خصوصًا يجِبُ أن يجد اللوائح والإرشادات اللازمة لوصوله بكُلِّ أمان وسلامة إلى ظفار، يضاف إلى ذلك أن يحصل السائح على المعلومات الكافية عن باقي محافظات سلطنة عُمان والأماكن السياحيَّة بها، كتيِّبات خاصَّة بالخريف والأماكن التراثية والسياحيَّة.أخيرًا، وهي النقطة الأهم في هذا المقال كُلُّ الرجاء أن يبدأ العمل المهني والعلمي على دراسة مَواطن القوَّة ونقاط الضعف الخاصَّة بموسم خريف ظفار من خلال المؤسَّسات الأكاديميَّة المتخصِّصة وعلى رأسها أكاديميَّة الدراسات الاستراتيجيَّة والدفاعيَّة وجامعة السُّلطان قابوس، كما أتمنَّى أن يتمَّ التأكيد على أهمِّية إدارة المخاطر والأزمات، حيث إنَّ وجود الزوار والسيَّاح يلزم السَّلطنة بتوفير الحماية والرعاية اللازمة لهم، وأخذ كُلِّ الاحتياطات المطلوبة في حال وجود أيِّ مخاطر أو أنواء مناخيَّة موسميَّة يُمكِن أن تؤثِّرَ على مستويات الأمن والأمان في هذا الموسم. محمد بن سعيد الفطيسيباحث في الشؤون السياسية والعلاقات الدوليةرئيس تحرير مجلة السياسي – المعهد العربي للبحوث والدراسات الاستراتيجية[email protected]MSHD999 @