يُعدُّ قِطاع التَّعدين من أهمِّ القِطاعات الاقتصاديَّة التي تعوِّل عليها سلطنة عُمان في طريقها نَحْوَ تحقيق التنويع الاقتصاديِّ المأمول، حيث تُركِّز عليه «رؤية عُمان ٢٠٤٠» الطموحة، وتعمل على تنميته بشتَّى الطُّرق، سواء عَبْرَ وضع خريطة جيولوجيَّة أو من خلال طرح مشاريع وفرص استثماريَّة تعمل على تعظيم القِيمة المضافة للثروات الطبيعيَّة العُمانيَّة بشكلٍ يرفع من إسهامه في الناتج المحلِّي الإجماليِّ، خصوصًا وأنَّ السَّلطنة تمتلك فرصًا استثماريَّة متنوِّعة لوفرة مختلف أنواع المعادن. لذا تعمل الجهات المختصَّة على تشجيع المستثمرين الجادِّين من داخل سلطنة عُمان وخارجها على التنقيب عن الثروات الطبيعيَّة، والأحجار والمعادن، خصوصًا النَّفيسة منها مِثل (الليثيوم) و(البوتاش)، التي يُنتظر منها عوائد متميِّزة في المستقبل القريب.
وحرصت السَّلطنة في خضمِّ مساعيها نَحْوَ تعظيم الاستفادة من ثرواتها المعدنيَّة، على تطوير هذا القِطاع الحيَويِّ انطلاقًا من سلسلة من التغيُّرات الهيكليَّة وفقًا لأحكام المرسوم السُّلطاني رقم (75/2020)، الذي دمج قِطاع التَّعدين مع قِطاعات النفط والغاز والطَّاقة المُتجدِّدة في شكلِه الحاليِّ، لوزارة الطَّاقة والمعادن، وسَعَتْ إلى تطوير وتنظيم القِطاع عَبْرَ استكمال وتطوير الخرائط الجيولوجيَّة والجيوفيزيائيَّة والجيوكيميائيَّة لسلطنة عُمان، والاستمرار في عمليَّات التنقيب عن المعادن بجميع أنواعها، ومعرفة استخداماتها في مجال الصِّناعة بصفة عامَّة، والاستفادة القصوى من الموارد المتاحة لتنويع مصادر الدخل القوميِّ وتوسيع قاعدته الإنتاجيَّة، والعمل على توفير احتياطات كبيرة من المعادن، التي تزخر بها والتي تتمتع بمواصفات متميِّزة.
إنَّ تلك الجهود المستمرَّة تسير وفق رؤية سامية لحضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم ـ حفظه الله ورعاه ـ التي تُوجِّه بضرورة ضمان الاستغلال الأمثل للمخزون التَّعديني بالتَّوازي مع استدامة القِطاع، والعمل على تعظيم العوائد عَبْرَ إقامة مشاريع تُعظِّم من القِيمة المضافة، خصوصًا وأنَّ البلاد تمتلك العديد من الخامات المعدنيَّة الفلزيَّة كالنحاس والكروم وخام الحديد والمنجنيز، والخامات اللافلزيَّة كالرخام والحجَر الجيريِّ والجبس والطين والسليكا والدلوميت والحجَر الرمليِّ والكاولين ومنتجات الكسَّارات المختلفة التي تملك فرصًا استثماريَّة واعدة إذا ما أُحسن تعظيم الاستفادة من الطلب المتنامي لهذه المنتجات عالميًّا، وجعل التصدير خيارًا أساسيًّا في تسويق المنتجات، سواء كانت موادَّ خامًا أو بعد مرورها بمراحل التصنيع المختلفة.
وتسعى الحكومة إلى تحقيق تلك الأهداف عَبْرَ وضع خطَّة طموحة تسعى إلى الاستغلال الأمثل للثروات المعدنيَّة والقيام بإجراء دراسات ما قَبل الجدوى الاقتصاديَّة فيما يتعلَّق بقِطاع التَّعدين، وتشجيع قيام صناعات تعتمد على المعادن المتوافرة مِثل صناعة الزجاج وإنتاج السَّبائك النحاسيَّة والصِّناعات المعدنيَّة الأخرى، كما تُعزِّز زيادة القِيمة المضافة للمنتج قَبل تصديره من خلال إصدار اللوائح المنظِّمة لذلك، وتحفيز المستثمرين على الدخول في العمليَّات التصنيعيَّة التي تعتمد على الخامات المعدنيَّة المحلِّية، وهي خطوات تعمل على جعل قِطاع التَّعدين في سلطنة عُمان قِطاعًا مستدامًا يُعزِّز القِيمة المضافة وقِيمة السلاسل، سواء كانت في الشقِّ العلويِّ أو في الشقِّ السفليِّ لتحقيق وتعظيم القِيمة الاقتصاديَّة والاجتماعيَّة.