تُعدُّ المدرسة البيئة الملوَّنة التي تحتوي على سُبل تربوية وتعليمية وترفيهية متنوِّعة بالنسبة للطالب، كما أنَّها تُعدُّ بيئة اجتماعية تنمِّي مهاراتهم العلمية والاجتماعية التي تساعدهم في التأقلم مع مجتمعات مختلفة خارج إطار المدرسة والمنزل، وقد نشأنا ونحن نؤمن دائمًا بمقولة (المدرسة هي بيتنا الثاني) فإنَّ أبناءنا نشؤوا عليها، ولكــن من المؤسف أن نرى هجر المنزل الثاني الذي يمنح الطالب العلوم والتربية والترفيه في غياب جماعي من ثلاث جهات وبدون سابق إنذار لا يكاد العام الدراسي يدخل شهره الأخير حتى نرى صفارات إنذار الغياب قد بدأت وفق الخطَّة المعتمدة من قِبل المختصين في وزارة التربية والتعليم بانتهاء العام الدراسي يوم 7 من يوليو القادم. ومنذ أن بدأ فجر الأول من مايو حتى خلت صفوف من طلابها!!
كما تنتشر كثيرًا عبارة (الأُمَّهات حكومة وحدهن) ولكن هذا غير صحيح البتة فأمرُ الغياب لا يقتصر على قرار اتخذته الأُمَّهات بأنفسهن بل إنَّ هناك تحرُّكات من قِبل بعض أعضاء الكادر التندريسي أيضًا في تحريض الطلاب وتشجيعهم على الغياب، سواء قبل الامتحانات بأسبوع بالنسبة للحلقة الثانية أو بعد الامتحانات بالنسبة للحلقة الأولى، وقد يتضايق البعض من كلامي هذا ولكنها حقيقة مؤسفة. وهناك تحريض الطلاب لبعضهم البعض للغياب بحجة أن يبقوا في المنزل استعدادًا للامتحانات وقليل هم من يكرسون أسبوع الغياب للمذاكرة، ليتغيب معظم طلاب الفصل، ويعاقب الحاضر عن طريق إيقاف شرح الدرس ليحذو البقية حذوهم في الغياب. وأخيرًا الطرف الثالث وهم أولياء الأمور الذين يسمحون بغياب أبنائهم، حيث إنَّ وليَّ الأمر بِيَده أن يسمح أو لا يسمح بالغياب فهو الذي يقود دفة القيادة في المنزل، وعليه أن يعي الآثار السلبية المترتبة على الطالب بسبب ذلك، كما عليه أن يعي أنَّه لا يقدِّم لابنه أيَّ خدمة بهذا التصرف، بل يُسهم في حرمانه من حقه في التعليم.
في المقابل دعونا نلتفت قليلًا إلى أمر مُهمٍّ في الخطَّة التعليمية التي تُشكِّل عاملًا مساعدًا لغياب طلاب الحلقة الأولى، فعندما ينتهي التقييم والامتحانات قبل انتهاء المنهج فما فائدة حضور الطلبة؟ فعليًّا الغياب يكون بعد الامتحانات والتقييم فإذا كان المُعلِّم مرتبطًا بمنهج لإتمامه لماذا يكون التقييم سابقًا للمنهج؟ هنا من الطبيعي أن لا يحضر الطلبة خصوصًا في هذه الأجواء الحارة والارتفاع الشديد في درجة الحرارة. إذًا لا بُدَّ للوزارة أن تعيد النظر في وضع الخطط الدراسية بحيث تضْمن أن يكون آخر يوم امتحان للطلبة هو آخر يوم دراسي في العام.

كلمة أخيرة:
بدون الوعي الكامل من الجهات الثلاث المعنية المذكورة أعلاه لن يكون هناك انضباط بالرغم من القرارات الجديدة المضافة مؤخرًا.

حفصة بنت محمد الجهورية
[email protected]