ترد لفظة (أيْ) مخففة الياء في لغة العرب على أضربٍ كثيرة، جئتُ هنا بأشهرها استعمالًا، وأكثرها دورانا في الكتابة، والاستخدام، ليتعرف الكتاب والمتعاملون باللغة على أنواعها، وأنماطها، وطرق استعمالها؛ ولتكون لهم كاشفة وضابطة لكتاباتهم، ومانعة من الخلط بين أنواعها، وعدم التمكن من استعمالها وفق ما وضعته اللغة لها، وما سنته قوانينها، وقواعدها، وما اتسمت به من سمات، وما تخللها من خصائص نحوية وإعرابية.أولًاـ لفظة (أيْ): مخففة الياء (بفتح الهمزة وتسكين الياء مخففة غير مشددة) لها استعمالان في اللغة، ولكل استعمال سماتٌ خاصة، وضوابطُ محددةٌ.الاستعمال الأول: أن ترد حرف نداء للقريب، ويكون عندئذ مبنيا على السكون، ولا محل له من الإعراب، نحو:(أيْ بنيَّ، وأيْ محمد، وأيْ أخي، وأيْ صغيرتي نبض قلبي، ومهجتي)، فتلك أداة من أدوات النداء، وهي كذلك من علامات الأسماء، ولا محل لها من الإعراب، وتستعمل لمَنْ ينادى عليه وهو قريب؛ لأن أدوات النداء منها ما وُضِعَ للقريب، ومنها ما وضع للبعيد، ومنها ما وضع لاستعمال القريب والبعيد، فالهمزة وأىْ مسكنة الياء وضعا لنداء القريب، ويا وأيا وهيا، ووا التي هي لنداء المندوب وُضِعَت لنداء القريب، و(يا) وحدها وُضعت لنداء القريب، والبعيد معًا، فنقول: (يا ألله، يا ربي) للقريب من عباده، والبعيد قدسية، وحبًّا، وتعظيمًا.والاستعمال الثاني: أن تردَ حرف تفسير بمعنى أيْ، وتقع بين المفسِّر والمفسَّر، أيْ بين الغامض وما يوضحه، نحو: هذا رئبال أيْ أسد، وذاك سِرْحان أي ذئب، وتلك غزالة أيْ الشمس، وذلك تتفل، أيْ ثعلب، وأريد عسجدا أيْ ذهبًا، ويعرب ما بعدها بدلًا مما قبلها، أيْ يأخذ علامة إعرابه؛ لأنه كالبدل للمبدل منه في الحكم، نقول هذا الرئبال أي الأسدُ رابض في عرينه، وهذا الهزبر أيْ الأسد متمكن من غابته، وهذا القمر أيْ أختي تنير ما حولها بجمال رأيها، وها البحر أيْ الأستاذ نافع لكل من حوله، أما لفظة (إي): (بكسر الهمزة وتسكين الياء) فلها استعمال واحد: وهو أن ترد حرف جواب، بمعنى نعم، فهي حرف جوابي، مبني على السكون، لا نحل له من الإعراب، مثل نعم وبلى وجيرِ ولا، ونحوها من أحرف الجواب، ويقع قبل القسم، نحو:(ويستنبئونك أحق هو قل إي وربي إنه لحق)، أيْ: نعم، وربي، وتقول عندما تسأل: هل ذاكرت اليوم، واختبرت)؟ فنرد:(إي والله) (أي نعم والله)، وتعرب ـ كما سلف ـ حرف جواب مبنيًّا على السكون، لا محل له من الإعراب، يكثر وقوع القسم بعده، وهي تكون حرفًا سابقة له، فيتحصل لديك نوعان لـ(أيْ) ساكنة النون هما كونها حرف نداء للقريب، وكونها ترد حرف تفسير، وأن (إي) مكسورة الهمزة ساكنة الياء لا علاقة لها بالنداء، ولا بالتفسير، وإنما هي موضوعة للجواب، وغالبًا ما يليها القسم، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله، وسلم، وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.د.جمال عبدالعزيز أحمد كلية دار العلوم ـ جامعة القاهرة - جمهورية مصر العربية[email protected]