للحرف(حتى) صورٌ متعددةٌ في اللغة العربية، وهذه الصور لها سمات نحوية، وخصائص صرفية، وضوابط إملائية، وفروق لغوية، فمن السمات النحوية أن لها أربعة استعمالات في التراكيب ، حيث يؤثر دخولها في إعراب الأسلوب تأثيرا واضحا، أعرضها فيما يأتي:صور ورود “حتى” في لغة العرب:حتى : لها أربعة استعمالات :الاستعمال الأول:أن ترد حرف جر، مختصا، عاملا الجر فيما بعده من الأسماء، وذلك إذا دخلت على اسم مجرور، فتجره، وتسمى حرفَ غاية، وجر، وتكون لانتهاء الغاية الزمانية أو الغاية المكانية، فالغاية الزمانية نحو:” سلام هي حتى مطلع الفجر”، ونحو:” فذرهم في غمرتهم حتى حين “،وانتهاء الغاية المكانية نحو:” لك هذه الأرض من هنا إلى نهاية الطريق”، وتعرب حرف غاية وجر، مبنيا على السكون، لا محل له من الإعراب .وهذا الحرف له تأثير إملائي، حيث إنه إذا دخل على (ما) الاستفهامية أحدث شيئين؛ الأول قلب ألف القصر في (حتى) ألفا قائمة، (حتا) وحذف ألف ما الاستفهامية، نحو:” حتام الخلافُ بينكما؟”، “ وحتام التنافرُ والتجافي بين هذين الأخوين؟!”، فإذا لم يقع بعد ميم (ما) أي كلمة أتينا بهاء السكت لتكون على حرفين، نحو: “حتامهْ”.الاستعمال الثاني:أن ترد أداة نصب، وهنا يشترط النحاة لـ “حتى” الناصبة أن يكون المضارع بعدها مستقبلا، نحو: (حتى تفيء إلى أمر الله)، وكما تقول وأنت في طريقك إلى البلد : “سرت حتى أدخل البلدة” .ف”حتى” هنا لم تنصب بنفسها، وإنما أُضْمِرَتْ”أنْ” وجوبا بعدها - على الرأي البصري، رأي الجمهور- هي التي نصبت، ويكون المصدر المؤول من “أن” المضمرة وجوبا وما بعدها مجرورا بـ “حتى” (هذا عند البصريين)، أما الكوفيون فينصبون بـ “حتى” نفسها مباشرة، دون إضمار “أنْ” الناصبة، فحتى عندهم هي العاملة بنفسها، ولا إضمار معها، فهي الناصبة عندهم، ولا تعمل الجر ، أما إذا كان الفعل بعد” حتى” حالا، أو مؤولا بالحال- لم تعمل النصب فيه، وإنما يرفع الفعل عندئذ، نحو: كنت سرْتُ حتى أدخلُ المدينة (إن قلت ذلك بعد الدخول وأردت حكاية الحال)، وكذا يرفع الفعل بعدها إن قلت حال دخولك المدينة: (سرت حتى أدخل ُ المدينة)؛ لأن شرط وقوع المضارع مستقبلا قد اختلَ بذلك القيد .وملخص النصب بها أن الفعل بعد “حتى” إن كان مستقبلا نُصِبَ، وإن كان حالا أو مؤولا بالحال رُفِعَ، وفي حالة نصب المضارع بأن مضمرة تكون “حتى” جارة ، وفي حالة رفعه تكون “حتى” ابتدائية، وكذلك اشترطوا أن يكون الفعل مسببا عما فيه، ويكون فضلة، وهي شروط لابد منها ليكون الحرف عاملا النصب مختصا.هذا على الجانب النحوي، وعلى الجانب الصرفي لها تأثير كذلك في أن المضارع الأجوف إذا تقدمتْه “حتى” الناصبة أبقيتْ عينُه، وكذا عادت عينُه إلى أصلها الواوي أو اليائي، نحو: “سأسكت عنك حتى تسير بلا تخوف، أو وجل، وسأصبر عليك حتى تجيء طائعا، وحتى تكون مقتنعا بما تفعله”، وكذلك تبقى لام الناقص، ولا تحذف، نحو: اتق الله حتى تنجوَ من الخسران المحقق، ونحو:” ليقضيَ الله أمرا كان مفعولا”، ونحو:” ليحيا من حي عن بينة..”، وهكذا تبقي حتى كأداة نصب على عين الأجوف ولام الناقص، وبالطبع فاء المثال. د. جمال عبد العزيز أحمد جامعة القاهرة - كلية دار العلوم بجمهورية مصر العربية[email protected]