لُقِّبَ بهذا اللقب الصحابي الجليل: أُسيد بن خضير صاحب ألقاب(الكامل)،وصاحب الصوت الخاشع. وبطل يوم السقيفة، واسمه:(أُسيد بن حضير بن سماك بن عتيك بْن امرئ القيس، يُكنّى أبا يحيى،وكان من النقباء، وكان أبو أسيد رئيس الأوس يوم بُعاث وقُتِلَ يومئذٍ، وكان ابنه أسيد بعده شريفًا في الجاهلية وفي الإسلام، وكان يكتب بالعربية ويحسن العوم والرمي)(صفة الصفوة 1/ 191)،(ورث المكارم كابرًا عن كابر، فأبوه كان زعيم الأوس، وكان واحدًا من كبار أشراف العرب في الجاهلية، ومقاتليهم الأشداء، وورث أسيد عن أبيه مكانته، وشجاعته وجوده، فكان قبل أن يسلم واحدًا من زعماء المدينة وأشراف العرب، ورماتها الأفذاذ، شريفًا فِي قومه، يُعدُّ من ذوي العقول والآراء، فلما اصطفاه الاسلام، تناهى عزّه، وتسامى شرفه، يوم أخذ مكانه، وأخذ واحدًا من أنصار الله وأنصار رسوله، ومن السابقين إلى الإسلام)(رجال حول الرسول،ص: 335).
سبب تلقيبه بـ(الكامل):
(.. وكان الناس يسمّون أباه في الجاهلية (الكامل) ولقبوه بذلك من بعد أبيه، وكانوا يسمون من كانت فيه هذه الخصال بالكامل)(صفة الصفوة 1/ 191)، ويقول صاحب (رجال حول الرسول،ص: 335): (كان أُسيد رجلًا مستنير العقل، لقبه أهل المدينة بـ”الكامل”) وفي (المنتظم في تاريخ الملوك والأمم 4/ 296):(وَكَانَ يُسمّى “الكامل”) ومما اشتهر عنه أيضًا من الألقاب (صاحب الصوت الخاشع)(فقد كان الاستماع لصوته وهو يرتل القرآن احدى المغانم الكبرى التي يحرص الأصحاب عليها، ويسمونه(الصوت الخاشع) وقد أخبر رسول الله “أن الملائكة دنت من صاحبه ذات ليلة لسماعه”)(رجال حول الرسول، ص: 335).
إسلامه وجهاده:
لما أرسل الرسول مصعب بن عمير إلى المدينة ليعلّم المسلمين الذين بايعوه بيعة العقبة الأولى، وليدعو إلى دين الله. فجلس أسيد بن خضير، وسعد بن معاذ، وكانا زعيمي قومهما، يتشاوران وقال سعد لأسيد:انطلق الى هذا الرجل فازجره،وكان مصعب في ضيافة أسعد بن زرارة من زعماء المدينة الذين سبقوا إلى الإسلام فلما وصل أسيد رأى جمهرة من الناس تصغيإلى مصعب، وفاجأهم أسيد بغضبه وثورته،فقال له مصعب: هل لك في أن تجلس فتسمع، فإن رضيت أمرنا قبلته، وإن كرهته، كففنا عنك ما تكره، فلما رأى مصعبًا يحتكم به إلى المنطق والعقل، قال لمصعب: لقد أنصفت: هات ما عندك. وراح مصعب يقرأ عليه من القرآن، ويفسّر له دعوة الدين الجديد، ويقول الذين حضروا هذا المجلس: والله لقد عرفنا في وجه أسيد الاسلام قبل أن يتكلمعرفناه في اشراقه وتسهّله، لم يكد مصعب ينتهي من حديثه حتى صاح أسيد مبهورًا: ما أحسن هذا الكلام وأجمله. كيف تصنعون إذا أردتم أن تدخلوا في هذا الدين؟ قال له مصعب: تطهر بدنك، وثوبك، وتشهد شهادة الحق، ثم تصلي، ثمّ قام أسيد ليستقبل الدين الذي انفتح له قلبه، وأشرقت به روحه، فاغتسل وتطهر، ثم سجد لله رب العالمين، معلنا إسلامه، مودّعًا أيام وثنيّته، وجاهليته.


محمود عدلي الشريف
[email protected]