لُقّب بهذا اللقب الصحابي الجليل:(قيس بن سعد بن عبادة بن دليم بن حارثة بن أَبي حزيمة بن ثعلبة بن طريف بن الخزرج بن ساعدة الْأَنصَارِيّ الخزرجي الساعدي، يُكنّى: أبا الفضل، وقيل: أَبُو عَبْد اللَّه، وقيل: أَبُو عَبْد الملك، وأمه فكيهة بِنْت عُبَيْد بْن دليم بْن حارثة، وكان من فضلاء الصحابة، وأحد دهاة العرب وكرماتهم، وكان من ذوي الرأي الصائب والمكيدة فِي الحرب، مَعَ النجدة والشجاعة، وكان شريف قومه غير مدافع، ومن بيت سيادتهم)(أسد الغابة، ط: العلمية 4/‏ 404).
حين كان قيس، قبل الإسلام يعامل الناس بذكائه كانوا لا يحتملون منه ومضة ذهن، ولم يكن في المدينة وما حولها إلا من يحسب لدهائه ألف حساب، فلما أسلم، علّمه الإسلام أن يعامل الناس بإخلاصه، لا بدهائه، وكان الأنصار يعاملونه على حداثة سنه كزعيم، وكانوا يقولون:(لو استطعنا أن نشتري لقيس لحية بأموالنا لفعلنا)، ذلك أنه كان أجرد، ولم يكن ينقصه من صفات الزعامة في عرف قومه سوى اللحية التي كان الرجال يتوّجون بها وجوههم. ما أعظم هذا الفتى! الذي ودّ قومه لو يتنازلون عن أموالهم لقاء لحية تكسو وجهه، وتكمل الشكل الخارجي لعظمته الحقيقية، وزعامته المتفوقة، إنه من أجود بيوت لعرب وأعرقها، البيت الذي قال فيه الرسول ـ عليه الصلاة والسلام:(إن الجود شيمة أهل هذا البيت)، ولم يكن بين خصاله ما يفوق ذكائه سوى جوده، ولم يكن الجود خلقًا طارئًا على قيس، فهو من بيت عريق في الجود والسخاء، كان لأسرة قيس، على عادة أثرياء وكرام العرب يومئذٍ، مناد يقف فوق مرتفع لهم وينادي الضيفان الى طعامهم نهارًا، أو يوقد النار لتهدي الغريب الساري ليلًا،فهو ابن سعد بن عبادة، زعيم الخزرج الذي حين أسلم أخذ بيد ابنه قيس وقدّمه إلى الرسول قائلًا: هذا خادمك يا رسول الله، فرأى الرسول في قيس كل سمات التفوّق وأمائر الصلاح. فأدناه منه وقرّبه إليه، وظل قيس صاحب هذه المكانة دائمًا، يقول أنس صاحب رسول الله: كان قيس بن سعد من النبي، بمكان صاحب الشرطة من الأمير)(رجال حول الرسول، ص: 230).
ـ سبب تلقيبه بـ(أدهى العرب):
يقول عنه صاحب (رجال حول الرسول، ص: 230):(إنه الداهية أدهى العرب الذي يتفجر حيلة، ومهارة، وذكاء، والذي قال عن نفسه وهو صادق:لولا الإسلام، لمكرت مكرًا لا تطيقه العرب!،ذلك أنه حادّ الذكاء، واسع الحيلة، متوقّد الذهن.وكان يجلس مع نفسه فيرسم الخدعة، بيد أنه يتفحص خدعته هذه التي تفتق عنها ذكاؤه فيجدها من المكر السيء الخطر)، ويقول صاحب (أسد الغابة 4/‏ 404):(قَالَ ابْن شهاب: كانوا يعدون دهاة العرب.وقَالَ قيس: لولا أني سَمِعْتُ رَسُول اللَّه ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ يَقُولُ: (المكر والخديعة فِي النار، لكنت من أمكر هَذِهِ الأمة).

محمود عدلي الشريف
[email protected]