ترد لفظة (أيّ) مشددة الياء في لغة العرب على أضربٍ كثيرة، جئتُ هنا بأشهرها استعمالا، وأكثرها دورانا في الكتابة، والاستخدام، ليتعرف الكتاب والمتعاملون باللغة على أنواعها، وأنماطها، وطرق استعمالها؛ ولتكون لهم كاشفة وضابطة لكتاباتهم، ومانعة من الخلط بين أنواعها، وعدم التمكن من استعمالها وفق ما وضعته اللغة لها، وما سنته قوانينها، وقواعدها.
“أيّ”: (بفتح الهمزة، وتشديد الياء) لها استعمالات خمسة :
الاستعمال الأول:
أن تَرِدَ في التركيب اسمَ شرطٍ جازمًا، وهو عندئذ يتطلب فعلين اثنين: (فعل الشرط، وفعل الجواب) ، نحو قوله- تعالى-: “أياما تدعوا فله الأسماء الحسنى”، وكقولنا :” أيَّ كتاب تقرأ تستفد”، “وأي زمن تسافر فيه أسافر معك”،”وأي أخ تصادق أصادقه لعلمي بتقواك”، ونحو: أي مكان تعملْ فيه يشهدْ لك”، وكل طريق تسلك يشرفْ بك” .
فأيّ الشرطية تكون بحسب ما تضاف إليه، فقد تكون للزمان، أو قد تكون للمكان، أو قد تكون للعامل أو غير العامل، أو قد تكون للحال، وتعرب حسب موقعها في الجملة، فهي في هذه الآية أداة شرط، وأخذت محل المفعول به المقدم وجوبا، ومع نصبها إلا أنها عملتِ الجزم في فعل الشرط، وفي جملة جواب الشرط التي أصبحت في محل جزم بتأثير(أي)، فجملة(فله الأسماء الحسنى” في محل جزم.
الاستعمال الثاني:
أن ترد اسم استفهام، واسم الاستفهام له صدارة الكلام وجوبا، ولا تحتاج إلى جملتين كالسابقة، وتعرب حسب موقعها في الجملة، نحو: من أيِّ مكتبة اشتريت هذا الكتاب؟، ونحو: أيُّ رجل قابلته ؟، ونحو: أيَّ رجل رأيتَ ؟، قال -تعالى- “فأيَّ آيات الله تنكرون “ هنا مفعول به مقدم وجوبا، وفي نحو: “أيُكم يأتيني بعرشها ...” هنا وردت مبتدأ، وبعده جملة الخبر الفعلية، وفي الحديث الشريف : أيُّ الناس أحق بحسن صحابتي ؟ قال أمك، قال: ثم من ؟، قال :أمك، قال :ثم من ؟، قال :أمك، قال: ثم من ؟، قال :أبوك” . فأي هنا وردت مبتدأ له الصدارة؛ لكونه اسم استفهام،مبنيًّا على السكون، في محل رفع، ونحو:” (أي الرجال المهذب ؟!) وردت مبتدأ كذلك.


د. جمال عبد العزيز أحمد
جامعة القاهرة - كلية دار العلوم بجمهورية مصر العربية
[email protected]