لُقّب بهذا اللقب الصحابي الجليل (شبيه النبي ـ صلَّى الله عليه وسلّمـ في الخَلق والخُلُق) جعفر بن أبي طالب ـرضي الله عنهـالشهيد الطيار أبو المساكين، قال فيه الذهبي في (السير 1/206):(هو السيِّد الشهيد الكبيرُ الشأن، عَلَمُ المجاهدين، أبو عبد الله، ابن عمِّ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عبدِ مناف بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قُصيّ الهاشمي، أخو عليّ بن أبي طالب، وهو أسنُّ من عليّ بعشرِ سنين، هاجر الهجرتين، وهاجر من الحبشة إلى المدينة، فوافى المسلمين وهم على خيبر إِثْرَ أخذها، فأقام بالمدينة أشهُرًا ثمَّ أمَّرَهُ رسولُ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ على جيش غزوة مؤتة بناحية الكَرَك، فاستُشهد، وقد سُرَّ رسولُ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كثيرًا بقدومه، وحزن والله لوفاته).
ـ سبب تلقيبه بـ(أبي المساكين):
(عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رَضِي اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: كَانَ جَعْفَرٌ يُحِبُّ الْمَسَاكِينَ، يَجْلِسُ إِلَيْهِمْ يُحَدِّثُهُمْ، ويُحَدِّثُوهُ “وَكَانَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ يُسَمِّيهِ أَبُو الْمَسَاكِينَ”)(المعجم الكبير للطبراني 2/ 109)، وفي جمع الجوامع المعروف بـ(الجامع الكبير19/ 460):(كَانَ جَعْفَر يُحِبُّ الْمَسَاكينَ، يَجْلِسُ إِلَيْهِمْ يُحَدِّثهُمْ وَيُحَدِّثُونَهُ، وَكَانَ رَسُولُ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يُسَمِّيهِ أبُو الْمَسَاكين)(وَكَانَ كَرِيمًا جَوَادًا مُمَدَّحًا، وَكَانَ لِكَرَمِهِ يُقَالُ لَهُ فِي حَيَاتِهِ: أَبُو الْمَسَاكِينِ لِإِحْسَانِهِ إِلَيْهِمْ)(البداية والنهاية، ط: هجر 6/ 452)، وجاء في (التقريب) لابن حجر أنَّه قال: (جعفر بن أبي طالب الهاشمي، أبو المساكين، ذو الجناحين، الصحابيّ الجليل ابن عمِّ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ استُشهد في غزوة مؤتة سنة ثمانٍ من الهجرة، وَرَدَ ذكرُه في الصحيحين دون رواية له، ويُقال له “ذو الجناحين” لأنَّه عُوِّض عن يديه لَمَّا قُطِعتا في غزوة مؤتة جناحين يطير بهما مع الملائكة)(الذهبي في السير 1/206)، ففي (صحيح البخاري 3709) بإسناده إلى الشعبي:(أنَّ ابنَ عمر ـ رضي الله عنهما ـ كان إذا سلَّم على ابن جعفر قال: السلام عليك يا ابنَ ذي الجناحين)، وفي (صحيح البخاري 3708) من حديث أبي هريرة، وفيه:(وكان أخْيَرَ النَّاس للمساكين جعفر بن أبي طالب، كان ينقلبُ بنا فيُطعِمُنا ما كان في بيتِه، حتى إن كان ليُخرِج إلينا العُكَّة التي ليس فيها شيء فيَشُقُّها، فنلعق ما فيها).
ـ استشهاده:
وفي (البداية والنهاية 6/ 452): (قُتِلَ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ يَوْمُ مُؤْتَةَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ مِنَ الْهِجْرَةِ وَعُمْرُهُ ثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ سَنَةً) وَقَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي (الْغَابَةِ): كَانَ عُمْرُهُ يَوْمَ قُتِلَ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ سَنَةً. قَالَ: وَقِيلَ غَيْرَ ذَلِكَ.. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.


محمود عدلي الشريف
[email protected]