لَمْ يَعد خافيًا الدَّور الذي تؤدِّيه الدبلوماسيَّة الاقتصاديَّة في العلاقات بَيْنَ سلطنة عُمان والدوَل الشقيقة والصديقة في العالم أجمع. فالنَّهج السَّامي الذي حرص حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم ـ حفظه الله ورعاه ـ على السَّير فيه بخطى ثابتة، هو ربط ما تملكه البلاد من علاقات متميزة تتسم بالعُمق والمتانة والاحترام المتبادل مع كافَّة دوَل العالم، بالمصالح الاقتصاديَّة التنمويَّة التي تعمل على تحقيق أهداف وطموحات وتطلُّعات الشعوب والحكومات على المستويين الإقليميِّ والدوليِّ، لتكلل تلك العلاقات، التي تحمل أبعاد التنمية المختلفة، العلاقات الدبلوماسيَّة، وتُعزِّز المصالح المشتركة، وتوطِّد كافَّة أوْجه التعاون البنَّاء، الذي يُحقِّق آمال وطموحات الشَّعب العُمانيِّ في إقامة تنمية شاملة مستدامة.
وتحرص سلطنة عُمان على توطيد العلاقات الاقتصاديَّة، ليس فقط مع الدوَل الصديقة والشقيقة، لكنَّ التوجيهات السَّامية لعاهل البلاد المُفدَّى، تعمل على توطيد العلاقات الاقتصاديَّة مع الدوَل والكيانات والتكتلات الاقتصاديَّة الكبرى، التي تُشكِّل رقمًا صعبًا ومؤثرًا في الاقتصاد العالميِّ والحركة التجاريَّة في كافَّة رُبوع المعمورة.
وتُعدُّ رابطة الأسيان أحد الكيانات الكبرى اقتصاديًّا، ليس في شرق آسيا فقط، لكنَّها تمتلك ثقلًا اقتصاديًّا على مستوى العالم أجمع، وتمتلك قدرات استثمارية ورؤوس أموال مستثمرة، تسعى إلى الانتشار الواعي لمفاهيم التعاون والتنمية المنشودة، كما أنَّها تُعدُّ نموذجًا مُلهمًا لغيرها من دوَل العالم؛ بفضل النجاحات التي حققتها دوَل المجموعة في العقود القليلة الماضية، حيث أثبتت مجموعة الآسيان ـ دولًا ومنظَّمة ـ قدرتها على الصعود الاقتصاديِّ اللافت، رغم الصعوبات والتحدِّيات التي تواجه الاقتصاد العالميَّ.
ومن هذا المنطلق، تأتي أهميَّة الزيارة التي قام بها وفدٌ من سفراء دوَل الآسيان المعتمدين لدى سلطنة عُمان (إندونيسيا، ماليزيا، تايلاند، سنغافورة، بروناي دار السلام) أمس إلى صالة «استثمر في عُمان»، والتي تعرفوا خلالها على الحوافز المقدَّمة للمستثمرين، وآليَّة وإجراءات الاستثمار في سلطنة عُمان، واطلعوا على أقسام صالة «استثمر في عُمان» وتعرَّفوا على أهمِّ الخدمات والتسهيلات التي تقدِّمها للمستثمر الراغب في الاستثمار في السَّلطنة وآليَّة الاستثمار والجهات المرتبطة بالصالة والممكنات والمعلومات التي توفرها للمستثمرين، كما تمَّ استعراض أبرز الفرص المتاحة في مختلف القِطاعات الاقتصاديَّة بسلطنة عُمان، خصوصًا مع السمعة الطيِّبة التي تملكها السَّلطنة على الصعيدَيْن الأمنيِّ والسياسيِّ، وما تملكه من موقع جغرافيٍّ متفرد، وغيرها من الإمكانات التي تجعل منها ملاذًا استثماريًّا آمنًا يمتلك العديد من الفرص الواعدة والمتنوِّعة.
إنَّ مِثل هذه الزيارات الهادفة إلى تعزيز العلاقات الاقتصاديَّة بَيْنَ سلطنة عُمان ودوَل الآسيان، تأتي ترجمةً للجهود الحكوميَّة المنطلقة من رؤية عُمان 2040 الطموحة السَّاعية لجذب الاستثمارات وتحقيق التنويع الاقتصاديِّ المنشود، خصوصًا مع مِثل تلك الزيارات التي تهدف إلى تعزيز العلاقات الاقتصاديَّة بَيْنَ سلطنة عُمان والكيانات السياسيَّة والاقتصاديَّة الكبرى على مستوى العالم، والتي تُعدُّ دوَل الآسيان من أهمِّها في الوقت الحاليِّ، والتي تأتي ترجمةً للدبلوماسيَّة الاقتصاديَّة التي تقوم بها وزارة الخارجيَّة بالتعاون مع وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار لجذب الاستثمارات الأجنبيَّة والتعريف ببيئة الاستثمار في سلطنة عُمان، حيث شهدت الزيارة عرضًا مرئيًّا تضمَّن حوافز الاستثمار في سلطنة عُمان وبرنامج إقامة مستثمر والمميزات والتسهيلات التي تقدِّمها المناطق الاقتصاديَّة الخاصَّة والمناطق الحُرَّة، كما اطَّلع الوفد على أبرز مُقوِّمات بيئة الاستثمار في سلطنة عُمان ودَوْر الصالة والخدمات التي تقدِّمها للمستثمرين وفق آليَّة واضحة والأدوات اللازمة لضمان سير رحلة المستثمر داخل الصالة بوضوح وجودة. ولا رَيْب أنَّ هذه الزيارة مِثلما مثَّلت فرصةً للتعرُّف على إمكانات السَّلطنة ومُقوِّماتها، فإنَّها ستُعطي الآمال المرجوَّة مكانها وفُرص تحقُّقها بإذن الله.