عرض ـ أحمد الجرداني:
أخي القارئ.. وبعد ان تحدثنا في الحلقة السابقة حول سبب اكتشاف العمانيين للبحيرات العظمى في افريقيا وكذلك انتشار الإسلام وما بعد ذلك من تشويه لصورة العمانيين في افريقيا، وذلك من قبل بعض المؤرخين الحاقدين، لذا لا بد لنا من متابعة هذا الموضوع،مع التطرق على الكثير من المكتشفين العمانيين حسب ما أفاد به سعادة الشيخ في بحثه فمع الموضوع..
يقول سعادة الشيخ احمد السيابي: ولعل الأمر بالنسبة إلى ادّعاء الرحالة الأوروبيين بالاكتشاف هو كما يقول الدكتور جمال زكريا قاسم عن استعانة أولئكم الرحالة بالتجّار والأدلاء العرب في عمليات كشف افريقيا، أنها في حقيقتها لم تكن كشفًا، وإنما كانت مجرد تسجيل لحقائق كانت معروفة لدى العرب من قبل، ولعله من الغريب ومن العجيب أيضًا، أن أولئك الرحالة ما كانوا يستطيعون الوصول إلى الداخل الإفريقي لولا توصيات السلاطين في زنجبار بهم، وتسهيلات العرب العمانيين المستقرين هناك، لهم ذلك، حتى أنه في كثير من الأحيان يرسل السلاطين مع أولئك الرحالة حراسة لحمايتهم من الأخطار التي ربما تتهددهم في طريقهم لتنفيذ عملياتهم الاستكشافية التنصيرية، وعندما وقع (ليفنجستون) في قبضة إحدى القبائل الإفريقية أنقذه العمانيون على يد القائد المرجبي.
ويبين سعادة الشيخ في بحثه قائلًا: على أنه من الواجب أن نعترف فنقول: إن تلك كانت غفلة تاريخية عمانية من السلاطين في زنجبار ومن العرب المقيمين، لأن أولئك الرحالة ما كانوا دعاة خير وصلاح وسلام كما كانوا يدّعون، وإنما كانوا مبشرين بالديانة النصرانية، كما كانوا طلائع للاستعمار الأوروبي بعد ذلك.
موضّحًا سعادته: ومن الجميل والمناسب أن نذكر بعض المكتشفين العمانيين وهم: (1) (أحمد بن إبراهيم العامري)، وهو الذي خرج بتجارته من زنجبار ووصل إلى مملكة اوغندا التي هي إحدى مقاطعات جمهورية أوغندا حاليًا وذلك في عهد السلطان سعيد بن سلطان في سنة 1260هـ، وهناك استطاع الوصول إلى بلاط الكباكاسونا ملك اوغندا، وكان جريئاً في إنكاره على الملك ممارسته الطقوسية في دينهم التي كانت يذبح فيها الرجال الفتيان، مذكراً إياه بالإله الخالق، حتى أسلم الملك وحاشيته، وأخذ بعد ذلك الإسلام ينتشر شيئًا فشيئًا، وقد نقل هذه القصة أمين باشا الذي كان يعمل مسئولاً إدارياً من قبل الحكومة المصرية على عهد الخديوي، وكان قد التقى العامري هناك، كما التقى العامري أيضًاالرحالة ستانلي في منطقة كاراجوي في وسط افريقيا سنة (1293هـ ـ 1876م) ووصفه بقوله:هو رجل ممتاز يبدو مظهره حسناً، يستقبل الأصدقاء بصورة ودية، متحرر مع عبيده، عطوف على نسائه، وقد بقي ثمانية عشر عاماً في وسط افريقيا، ولقد تعرف بـ(سنا) ملك اوغندا وابنه موتيسا، وقد سافر مرارًا إلى اوغندا، (2) خميس بن جمعة، وهو تاجر عماني، وقد وصل إلى مملكة بانيورو التي هي إحدى مقاطعات جمهورية أوغندا حالياً، وذلك في عهد السلطان برغش بن سعيد بن سلطان، وقد استطاع التاجر خميس إقناع الملك (كباريجا) بالدخول في الإسلام فأسلم هو وأقاربه، وكان الملك كباريجا تربطه علاقة صداقة قوية مع السلطان برغش، ولعله الأمر الذي سهل مهمة التاجر خميس التجارية والدينية، (3) عبد الرحمن بن عبيد بن حمود، وهو تاجر عماني، اتخذه الملك كباريجا ملك مملكة بانيورو مستشارًا له، وذلك على عهد السلطان برغش، (4) سنان بن عامر، وهو الذي كوّن له إمارة ممتدة من تابوره إلى كمبالا العاصمة الأوغندية حاليًا، (5) حميد بن محمد المرجبي المعروف بـــ(تيبوتب)، وهو الذي استطاع تكوين مملكة الكونغو، وكان قوام جيشه حوالي مائة ألف شخص، وكانت له حروب وصولات وجولات مع الاستعمار البلجيكي على عهد ليوبولد الثاني ملك البلجيك، وقد أخبرنا حفيده مسعود بن سعيد المرجبي الذي ألتقينا به في تابوره سنة 1994م بأن جده حميداً تزوج من ابنة سلطان قبائل المويزي وأنه كان له ولد منها، ولعل ذلك كان من أسباب تمكنه ونفوذه في تلك المناطق.


- أحمد بن سعود السيابي