تمتدُّ العلاقات العُمانية الزنجبارية امتدادًا تاريخيًّا له شواهده الكثيرة الدالَّة عليه، حيث تُمثِّل زنجبار حقبة مهمَّة من التاريخ العُماني، كما أنَّ العلاقات بَيْنَ سلطنة عُمان وزنجبار على مدى التاريخ ترتبط بحقب القوَّة في التاريخ العُماني، وشهدت زنجبار عددًا من الهجرات العُمانية انطلقت من الهجرة الجلندانية في القرن الثامن الميلادي، وتواصلت طوال القرون الأخيرة. ويروي المؤرخون أنَّ العلاقات قد سبقت ذلك التاريخ بآلاف السنين، حيث تُوجَد أدلَّة أثريَّة على الوجود العُماني التجاري، خصوصًا في تجارة التوابل، وهذا ما يميِّز العلاقات العُمانية الزنجبارية. فالتاريخ المشترك الممتدُّ، حرص الطرفان على توطيده بعلاقات قويَّة في كافَّة المجالات الاقتصادية منها والثقافية، حيث حرص حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم ـ حفظه الله ورعاه ـ على تقوية تلك العلاقات منذ تولِّيه مقاليد الحُكم، والعمل على تحسينها بشكلٍ مستمر، خصوصًا عبر امتلاك عُمان استثمارات كبيرة في تنزانيا، وصولًا إلى امتلاكها بشكلٍ كلِّي مواقع استراتيجية مهمَّة.وتأتي الزيارة الرسمية التي يقوم بها دولة الدكتور حسين علي مويني رئيس زنجبار إلى سلطنة عُمان اليوم الثلاثاء، والتي تستغرق عدَّة أيَّام، تأكيدًا على النَّهج السَّامي الحريص على توطيد العلاقات العريقة التي تجمع السَّلطنة بزنجبار، وتأكيدًا على الروابط التاريخية والثقافية الممتدَّة، وتعزيزًا للتعاون القائم بَيْنَهما في عدَّة مجالات، ودفعًـا بـه نَحْـوَ آفاقٍ أرحب وأشمل؛ خدمةً للمصالح المشتركة، ووصولًا إلى مزيد من النَّماء، والتطوُّر، والازدهار، حيث سيتمُّ خلال هذه الزيارة بحث ومناقشة أوْجُه التعاون القائمة بَيْنَ البلديْنِ، والسُّبل الكفيلة لتقويتها؛ تحقيقًا للغايات المنشودة وتطلُّعات الشَّعبَيْنِ، حيث تعكس هذه الزيارة الرغبة الأكيدة في تعميق العلاقات بَيْنَ البلديْنِ الصديقيْنِ، خصوصًا في المجال الاقتصادي، حيث تأتي هذه الزيارة في خضمِّ تحدِّيات عالميَّة على الصعيد الاقتصادي، تسعى كافَّة دوَل العالم إلى التعامل مع تداعياتها، التي باتت تؤثِّر على جميعها (دوَل العالم). لذا ستكُونُ الزيارة وما يشملها من لقاءات على كافَّة المستويات، فُرصة للتعاون في ظلِّ مساعي سلطنة عُمان وزنجبار التوجُّه نَحْوَ التنمية الشاملة المستدامة.إنَّ أهمَّ ما يميِّز العلاقات الثنائية بَيْنَ البلديْنِ هو أنَّها علاقات تستمدُّ حيويَّتها، وتكتسب عناصر استمراريتها من عُمقٍ تاريخي، ومشترك ثقافي، وتبادل تجاري منذ أزمنة موغلة في القِدم، سيكُونُ أرضًا خصبة تفتح الآفاق نَحْوَ مستقبَلٍ واعدٍ يستحقُّه أبناء الشَّعب العُماني والزنجباري، حيث ستستعرض المباحثات واللقاءات الثنائية التي ستجمع جلالة السُّلطان المفدَّى بدولة الرئيس الضَّيف العلاقات الثنائية الوثيقة التي تربط البلديْنِ، والسُّبل الكفيلة بتطويرها في شتَّى المجالات بما يحقق المزيد من تطلُّعات وآمال الشَّعبَيْنِ، ويعمل على دعم التوجُّهات الاقتصادية الطموحة، الهادفة إلى التنويع الاقتصادي المنشود، والتي تسعى السَّلطنة إلى الوصول إليه عَبْرَ رؤية عُمان 2040 الطموحة.إنَّ هذه الزيارة تأتي في إطار ترسيخ أهميَّة الدبلوماسية الاقتصادية في تحقيق غاياتها وأهدافها، واستثمار العلاقات العُمانية التاريخية التي تتَّسم بالاحترام المتبادل، والعمل عليها في بناء مستقبَلٍ واعدٍ، يدمج بَيْنَ أواصر الأخوة والصداقة، وبَيْنَ إقامة مصالح مشتركة مع الدوَل بشكلٍ يلبِّي التوجُّهات نَحْوَ تحقيق الأهداف المشتركة، وهو ما يُفسِّر الحراك الدبلوماسي الكبير الذي تشهده سلطنة عُمان في الآونة الأخيرة، ويُعبِّر عن توجُّهات جلالة عاهل البلاد المفدَّى، والخاصة بمدِّ جسور التعاون مع كافَّة الدوَل الصديقة والشقيقة حَوْلَ العالم، خصوصًا التي تمتلك السَّلطنة معها إرثًا تاريخيًّا تليدًا قائمًا على التعاون الدائم والمستمر مِثل زنجبار.