رام الله ـ العُمانية: على الطريق الواصلة بين شمال الضفة الغربية وجنوبها يقع قصر آل الكايد، أحد المواقع التاريخية التي رسمت المشهد الحضاري والتراثي في مدينة سبسطية الفلسطينية.
ويعد القصر نموذجًا للعمارة العثمانية، ولتفاصيل الحياة السياسية والاجتماعية في فلسطين أواخر القرن السابع عشر، عندما أوكلت حكومة إسطنبول العثمانية إلى بعض العائلات الفلسطينية المتنفذة إدارة الحياة الاقتصادية والسياسية المحلية، والتي ترتب عليها جباية الضرائب وتزويد السلطة العثمانية بشباب للخدمة العسكرية والمشاركة في الحروب التي كانت تدور في عدة أقاليم من الدولة المترامية الأطراف. ووفقًا لعبد الرحيم عواد الخبير في الآثار الفلسطينية فإن هذا النظام السياسي أوجد طبقةً من الحكّام المحليين الذين تمتعوا بنفوذ سياسي واقتصادي واسعَين، الأمرُ الذي تطلب منهم إقامة مقرات تتناسب مع نفوذهم وسطوتهم وثروتهم، وتوفر لهم مظلةً اجتماعية وأمنية -خاصةً مع نشوب الصراعات بين العائلات المتنفذة بهدف توسيع النفوذ-. ومن هنا ظهرت مقرات الحكم المحلي التي كانت تدعى المشايخ أو قصور الكراسي في القرى والبلدات الفلسطينية. ويضيف عواد لوكالة الأنباء العمانية: أن قصر آل الكايد يشكل أحد هذه المقرات أو الكراسي، حيث كانت سبسطية موطنًا لمشيخة آل الكايد التي امتد نفوذها ليشمل قرى وادي الشعير، وقد تحالفوا وقتها مع مشيخة آل سيف في برقة ومشيخة المشاقي في ياصيد. وتبلغ المساحة الإجمالية للقصر 870 مترًا مربعًا ويتألف من طابقين، الطابق الأرضي مساحته 100 متر مربع وتتوسطه ساحته السماوية المحاطة بعدد من الغرف، منها ديوان الشيخ وغرف المعيشة والمخازن والإصطبلات. أما الطابق العلوي فيضم عددًا من غرف النوم بشكل يتلاءم مع الثقافة الدينية والاجتماعية التي كانت تقضي بفصل جناح النساء عن زوّار القصر، فيما يشبه نظام الحرملك أماكن نوم النساء والسلملك أماكن نوم الرجال.
وللقصر بوابة عالية واسعة تعلوها أقواس حجرية مزخرفة ومزودة عن يمينها ويسارها بمقاعد مخصصة لجلوس حراس القصر مكاسل ، أما البوابة الخشبية فقد زُودت بمدخل إضافي صغير يدعى الخوخة وذلك للحفاظ على خصوصية القصر وحجب أنظار المارة عند دخول أهل القصر وخروجهم. وامتازت الفتحات الداخلية للأبواب بوجود أقواس حجرية منقوشة، بينما منحت الزخارف والأشكال الهندسية تلك الأبواب مظهرًا أخّاذًا.