لم تتوقف عمليات قتل الجنود الأميركان والبريطانيين وقوات الاحتلال الأخرى، وما تم تأشيره من خلال مراجعات وتدقيق لبيانات القيادة العسكرية الأميركية الوسطى والبيانات التي وثَّقتها وزارة الدفاع (البنتاجون)، ثم المواقع التي أخذت توثِّق خسائر القوات الأميركية، تؤكد أن العمليات في تزايد مطرد، كما أن الرقعة الجغرافية تتسع، وشكَّل ذلك صدمة مهولة للقيادات العسكرية الأميركية والبريطانية ولدوائر صنع القرار في واشنطن ولندن.
بعد انتهاء الأسبوع الثاني من شهر حزيران ـ يونيو2003، اعترفت القوات الأميركية بمقتل اثنين من جنودها أحدهما في الكوت والثاني في الفلوجة، وسقط الرقيب (اندريو بوكمي) البالغ من العمر ثلاثين عاما في الكوت.
وأجرت وكالة آسيوشيتد برس للأنباء مقابلات مع زوجته وشقيقته تحدثوا عنه، وذكروا أنه سبق أن خدم في الصومال عام 1992، وأنه كان يعتقد أن رحلته إلى العراق آمنة وسيعود إليهم في أسرع وقت.. أما الجندي الأميركي الذي قتل في الفلوجة في اليوم نفسه جون كلاين ويبلغ من العمر 25 عاما فبتاريخ (13/6/2003).
وقال بيان القوات الأميركية إنه توفي خلال حادث سير، ولم تكن هنالك هجمات ضد دوريته.
واليوم نفسه في يوم الجمعة (13/6/2003) شنَّ المقاومون هجمات في الموصل، وأعلن الجنرال الأميركي (بنجامين فرانكي) أن مدنيين عراقيين قد هاجموا القوات الأميركية وأن معارك قد حدثت، وذكرت وكالة الصحافة الفرنسية (13/6/2003) ما حصل في الموصل، وقالت إن المعارك جرت في ساحة نينوى، في محيط مقر المحافظة، وإن مراسلها قد شاهد عراقيين يلقون القنابل على الجنود الأميركيين. من جانبه اعترف الجنرال الأميركي بنجامين فرانكي أن جنديا أميركيا قد أصيب في جميع أنحاء جسمه بشظايا قنبلة يدوية، وشوهدت القنبلة تسقط بالقرب من مدرعة والدماء تغطي جسم الجندي الأميركي، وذكرت الوكالة الفرنسية أن المكان شهد معركة حقيقية، وقد تحصن الجنود الأميركان وراء جدران للاحتماء من النيران، في حين مرَّت مدرعات بسرعة فائقة وحلقت طائرات مروحية فوق المدينة.
ورغم أن خسائر القوات الأميركية التي تتكبدها تلك القوات جراء هجمات المقاومين في العراق لم تصل الرأي العام الأميركي كاملة، مع تزايد عدد الهجمات ضد تلك القوات، إلا أن أصحاب القرار، وبالأخص في التخطيط العسكري والاقتصادي الأميركي، كانوا على معرفة بأوضاع الميدان، ففي الوقت الذي تحتدم فيه المعارك بين القوات الأميركية ورجال المقاومة في العراق، تم تسريب معلومات للمرة الأولى عن (تكلفة حرب العراق). ونقلت صحيفة (يو أس ايه تودي) بتاريخ 13/6/2003)، أن حرب العراق تكلفت (62 مليار دولار)، وأن كل دافع ضرائب أميركي سيتحمل (251 دولارا)، وطبقًا للخطط قبل الحرب، كان مقررا أن تبقى القوات الأميركية في العراق فترة أطول، وأن عدد القوات الأميركية التي ستبقى في العراق إلى أجل غير مُسمَّى يقدر بحوالي (160 ألف جندي)، مما يعني إرجاء حساب تكلفة إعادتهم إلى الولايات المتحدة.

وليد الزبيدي
كاتب عراقي
[email protected]