إن أحزاب «الصهيونية الدينية» تفتش عن مساربها، وتتوغل الآن في المجتمع «الإسرائيلي»الصهيوني، وتسير باتجاه الدفع نحو تعزيز وسطوة نفوذ حزب (بن غفير)، ومنها حزب «يهوديت هتوراه».

أظهر استطلاع للرأي العام “الإسرائيلي” جرى قبل أيام، ونشرت نتائجه يوم، الأحد 17/7/20200، أن خوض حزب “الصهيونية الدينية” للانتخابات التشريعية، برئاسة (الكاهاني إيتمار بن غفير)، قد يرفع تمثيل الحزب في الكنيست إلى 13 عضوًا في حين يفشل، سواء المعسكر الذي يقوده حزب الليكود بزعامة بنيامين نتنياهو، أو المعسكر المنافس في الحصول على أغلبية تمكِّن من تشكيل حكومة في “إسرائيل”.
وبيَّن الاستطلاع أن خوض حزب “ميرتس (ويوجد في عضويته أعداد من مواطني عرب الداخل المحتل عام 1958)، والمحسوب على تيارات اليسار الصهيوني” في الانتخابات برئاسة (زهافا غلؤون)، قد يمُكنه من عبور نسبة الحسم، والحصول على خمسة مقاعد برلمانية في الكنيست، وذلك على حساب حزب “العمل الإسرائيلي” الذي تُعطيه نتائج الاستطلاع انخفاضًا في تمثيله إلى ستة أعضاء كنيست، في حين يحصل “العمل” على سبعة مقاعد وحزب “ميرتس” على أربعة إذا ما ترأس (يائير جولان) قائمة حزب “ميرتس” لو جرت انتخابات الكنيست اليوم قبل الغد.
وفيما تحافظ القائمة العربية المشتركة برئاسة أيمن عودة، والتي تُعد خارج الاصطفافات السياسية للمعسكرات “الإسرائيلية” في جميع الحالات على تمثيلها الحالي (6 مقاعد) رغم تراجعها إلى 5.6، بحسب نتائج استطلاع القناة 13، يفشل حزب “يمينا” برئاسة أييليت شاكيد في عبور نسبة الحسم (3.25%)، والحصول على 2.9% من أصوات الناخبين. وقد جاءت نتائج الاستطلاع، مع فحص سيناريوهات مختلفة.
فإذا ما ترأس عضو الكنيست اليميني (بن غفير) قائمة “الصهيونية الدينية”، وقائمة حزب “ميرتس” بتكليف من قبل آخرين... وهذا افتراض على كل حال، فسيحصل معسكر نتنياهو بكل تكويناته على 60 مقعدًا، منها لحزب الليكود 32 مقعدًا. حزب “الصهيونية الدينية” 13 مقعدًا. حزب “شاس” ثمانية مقاعد، وحزب “يهوديت هتوراة” سبعة مقاعد.
أما أحزاب المعسكر المناوئ (الأحزاب التي تُشكل الحكومة الحالية وائتلافها)، فتحصل على 54 مقعدًا، منه لحزب “ييش عتيد” (يوجد مستقبل) 22 مقعدًا. حزب “كاحول لافان، وحزب تيكفا حداشا” 11 مقعدًا. وحزب “يسرائيل بيتينو” (حزب اليهود الروس) على ستة مقاعد، وحزب “العمل” ستة مقاعد. وحزب “ميرتس” على خمسة مقاعد، والقائمة العربية الموحَّدة على أربعة مقاعد.
وفي حالة خاصة، وكما تُشير معطيات قياس الرأي الأخيرة في “إسرائيل”. فإذا ما ترأس (زهافا غلؤون) قائمة حزب “ميرتس اليساري الصهيوني”، وترأس (بتسلئيل سموتريتش) قائمة حزب “الصهيونية الدينية”، فسيحصل معسكر نتنياهو وحزب الليكود على 59 مقعدًا. وقد يُمكنه ذلك على الأرجح من تشكيل وقيادة حكومة جديدة، يسعى إليها نتنياهو أصلًا، للخلاص من ملفات الفساد والرشاوى والعطيات وقبول الهدايا ومع زوجته سارة... وغيرها؟؟
إن الخطر كامن، ويختبئ خلف التكوينات الاجتماعية المُستجدة في “إسرائيل” والتي لها علاقة بالأحزاب والحراكات التي نشأت خلال العقدين الأخيرين، وكلها “أحزاب تحت التجريب على ما يبدو”، وقادتها من أصحاب الخبرات المتواضعة، الذين يعتمدون على (العسكر وأجهزة الأمن والشاباك في اتخاذ قراراتهم) أكثر من اعتماده على قدراتهم وكفاءاتهم القيادية. وهذا الخطر إذا ما بقي قائمًا فسينسف العملية التسووية من جذروها، وتحديدًا “حل الدولتين”. وبالتالي ستعود الأمور أدراجها إلى “نقطة الصفر”. و”المراوحة بالمكان”. وإلى الفراغ السياسي لكل عملية التسوية في المنطقة، إن لم نقل كسرها وتهشيمها “شر تحطيم”.
إن أحزاب “الصهيونية الدينية”، تبدو وكأنها الآن بمثابة “البعبع”، الذي يخرجه الساحر من جيبه، كإخراجه (الأرنب) من جعبته. فهو يريد بشخص عضو الكنيست (بن غفير)، أن يفرض نفسه على المعادلة “الإسرائيلية” ومعادلة المنطقة، ويريد في الوقت نفسه تمرير أجنداته “الإسرائيلية التوراتية المتزمتة”..؟
وعليه، وبالنتيجة المنطقية في تقديم المعطيات والمعلومات وتحليلها، إن أحزاب “الصهيونية الدينية” تفتش عن مساربها، وتتوغل الآن في المجتمع “الإسرائيلي” الصهيوني، وتسير باتجاه الدفع نحو تعزيز وسطوة نفوذ حزب (بن غفير)، ومنها حزب “يهوديت هتوراه”. بقالبه التوراتي، والمدموغ بالطابع المُتطرف، في مجتمعٍ بات التطرف أحد أهم مكوِّناته، مع فشل عملية التسوية، ومعها المراوغة “الإسرائيلية” المفتوحة دون حسيب أو رقيب، بشأن ما يُعرف بالحل الأممي، “حل الدولتين”. وهو الحل الذي توافق عليه المجتمع الدولي استنادًا في جوهره لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة.


علي بدوان
كاتب فلسطيني
عضو اتحاد الكتاب العرب
دمشق ـ اليرموك
[email protected]