د. طه بن محسن بن جمعة اللواتي:يحتفل العالم سنويا في اول احد من شهر يونيو من كل عام باليوم العالمي للناجيين من مرض السرطان، وذلك بهدف نشر الوعي عن هذا المرض وللنظر في احوال الناجين وحل المشاكل التي قد يواجهونها بعد اجتيازهم لهم لمرض السرطان وللتعاضد معهم.فمرض السرطان مرض قديم ويعود تاريخ الكتابة الأولى المتعلقة بحالة السرطان إلى الطب المصري ، في بردية كاهون القديمة (1850 قبل الميلاد) ففي الواقع تم تقديم وصف لسرطان الرحم ، بينما تتناول وثيقة أخرى ، بردية إيبرس (1550 قبل الميلاد). حالة عدم قابلية الشفاء من هذا مرض سرطان الثدي. بينما والد الطب أبقراط (460-370 قبل الميلاد) ارجع أن أصل الأمراض هو مادي حصري ويعتمد على مزيج متناغم من الأخلاط الأربعة: الدم من القلب ، والمادة المخاطية في الدماغ، والصفراء من الكبد والسوداء القادمة من الطحالوبالتالي فإن حالة عسر العلاج ، أو المرض ، تتوافق مع انهيار التوازن ، ونتاج تراكم المادة السوداء في الأنسجة هو ما ينتج أورامًا خبيثة. لتعريفهم ، وقداستخدم الطبيب اليوناني لأول مرة مصطلح السرطان ، الذي أصله الاشتقاقي هو سرطان البحرمن الكلمة اليونانيةkarkinos)) لأنه ، تمامًا مثل السلطعون ، يلتهم الأنسجة بقبضة مؤلمة وحادة. لعلاج الأورام الخارجية أوصى بعدم علاج المرضى بهذا المرض" اذ ان هؤلاء المرضى يموتون قريبًا إذا عولجوا ، ويعيشوا أطول إذا تركوا لمصيرهم" ومن هنا اتت نظريا المرض المميت والمرض الذي لايقهر وهي نظريات تعود لحوالي 2500 عام تم تفنيدها.حتى وصلنا الى نهاية الالفية الاولى ميلادي مع الطبيب العربي المسلم من المشرق ابو علي حسين ابن سينا والذي ذكر بان السرطان من الممكن علاجه جراحيا وانما انتشاره ياتي بسبب او ان التشخيص اتى متاخرا او ان هناك مرض اخر في عضو اخر. بينما الطبيب الجراح الاندلوسي ابوالقاسم الزهراوي فقد قال ان كان السرطان في عضو من الممكن استئصاله كالثدي او الذراع وكان في مرحلة ابتدائية فارجو استئصاله قبل ان يستفحل لكنه ان كان في مراحله المتاخرة فاتركوه وشانه فانا لم استطع علاج اي منهم ولم ارى اي احدقبلي استطاع علاج اي منهم . وقد حاول علماء عهد النهضة بالغرب تغيير نظرية ابوقراط للسرطان بدون فائدة تذكر حتى حلول عام 1769 ، حين قام الطبيب الفرنسي جان أستروك بشوي قطعة من أنسجة سرطان الثدي مع شريحة من اللحم البقري ثم وطلب من مجموعة علماء من مضغها. كلاهما تذوق نفس الشيء ، وخلص إلى أن أنسجة الورم لا تحتوي على كميات غير معتادة من السوداء او الصفراء أو الحمض. ومن هنا بدأت ابحاث السرطان الحديثة. وللاسف الشديد الى ذلك الوقت كان الكلام عن الناجيين ضرب من الخيال.اما الان فقد وجد الوباء الذي يصيب الكل ولا يفرق بين رجل او امراة غني او فقير بل حتى كبير او صغير ومعاول تشخيص معتمد له منذ ايام الفراعنه منذ اكثر من ٤٠٠٠ عام ، , و اليوم نحسب سنويا يتم تشخيص حوالي ١٧ مليون حالة جديد سرطان بالعالم كافة بحسب منظمة الصحة الدولية. ومع تقدم اساليب العلاج و الكشف المبكر اصبح لدينا اعداد اكبر للناجيين من السرطان، إلا أن هناك وباء جديد اخر مرتبط بالسرطان الا وهو الاحباط لما بعد العلاج و هذا الوباء يمكن الوقاية منه عكس مرض السرطان، بواسائل بسيطة مرتبطة بالترابط الاجتماعي مع الناجيين.فالإحصائيات تقول إن كل عام يتم تشخيص ٤٥٠ رجلًا وامرأة من بين كل ١٠٠٠٠٠ مصاب بواحد من عشرات أنواع السرطان ويموت منه ١٧١ رجلًا وامرأة سنويًا.وقد خصيصت مؤسسة National Cancer Survivors Day Foundation يوم الناجين من السرطان -وفقا لموقع Days of The year الأمريكي- لكل الذين واجهوا هذا المرض الأكثر رعبا، وتغلبوا عليه ، ومن ثم استقبلوا الحياة بامل جديد وقوة وحدد هذا اليوم بهدف منه تكريم كل من حارب السرطان وانتصر عليه والاحتفال معه، وأيضًا جلب الأمل لأولئك الذين ما زالوا يكافحون هذا المرض الرهيب بالتضامن معهم واظهار التكاتف والالتفاف حولهم.والذي يصادف هذا العام الاحد الخامس من يونيو 2022 وحسب المؤسسة الامريكية National Cancer Survivors Day Foundation فان الناجي من السرطان هو أي شخص عاش تاريخ من السرطان من لحظة التشخيص وحتى الفترة المتبقية من حياته، في حين أن الأرقام المذكورة أعلاه تبدو مروعة إلا أن هناك أملًا أكبر مما تشير إليه، ففي الولايات المتحدة وحدها هناك ١٤.٥ مليون شخص تعرضوا للسرطان وشفوا منه و٣٢ مليونًا حول العالم، وتعكس الأرقام نجاحًا كبيرًا، ويزداد معدل الشفاء كل عام.ويُخصص يوم الناجين من السرطان أيضًا للمساعدة في جمع الأموال والوعي لأبحاث السرطان وعلاجه، ويحمل شعار المعركة لم تنته بعد، وبفضل الجهود التي تبذلها منظمات مثل National Cancer Survivor’s Day Foundation والجمعية الأمريكية للسرطان، أصبح علاج السرطان قاب قوسين أو أدنى. إنه ليس مجرد يوم يجتمع فيه الآلاف للاحتفال بمن نجوا، بل إنه فرصة لإلهام أولئك الذين تم تشخيصهم مؤخرًا بأنه من الممكن التغلب على السرطان والتغلب عليه، ويعتبر طريقة لتقديم الدعم للناجين والعائلة والأشخاص في كل مكان ممن تأثروا أو ما زالوا يتأثرون بهذا المرض الذي يغير الحياة ولنقول لهم نحن معكم .* عضو مجلس ادارة الجمعية العمانية للسرطانكاتب عماني