د. سعدون بن حسين الحمداني:يُعد استقبال كبار الشخصيات وممَّن بدرجتهم من أهم واجبات ومهام دائرة المراسم أو دائرة التشريفات، كما يطلق عليها في بعض الدول العربية. ويقسم الضيوف إلى عدة أقسام: (VIP3/VIP 2 VVIP / VIP 1)، بالإضافة إلى أهمية مكان الاستقبال، سواء في المطار صالة (كبار الشخصيات) أو (صالة المسافرين) (القصر الرئاسي، الوزارة، السفارة) أو بناية فيها علم الدولة (سيادة الدولة)، كما أن البروتوكول من دولة إلى دولة يختلف كثيرًا. فعلى سبيل المثال، في الولايات المتحدة الأميركية لا يخرج رئيس الدولة إلى المطار لاستقبال ضيف الدولة الذي هو بنفس الدرجة، بالإضافة إلى بعض الدول الأوروبية الأخرى، عكس بروتوكولات الدول العربية، وهو دلالة على أصالة الأخلاق وكرم الضيافة باحترام الضيف وتقديره، وهو ما تميزت به المدرسة الدبلوماسية العربية، وأقرب مثال على ذلك، ما نقلته لنا شاشات التلفاز عندما استقبل جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ بنفسه ضيف السلطنة الأمير محمد بن سلمان ـ ولي عهد السعودية بمطار مسقط باستقبال رسمي رغم اختلاف المسميات.يتنافس الدبلوماسيون من مختلف المدارس الدبلوماسية الأجنبية حول طبيعة بروتوكول وإتيكيت استقبال كبار الشخصيات وبقية الضيوف من مختلف السلم الوظيفي (نساء أو رجالًا) رسميًّا، شخصيًّا، عائليًّا، زيارة عمل، زيارة مجاملة، زيارة صديق، زيارة خاصة، كلها لها إتيكيتها الخاص، وخصوصًا في عالمنا العربي والإسلامي، ولها سماتها المعروفة بالتقيد بتعاليم الإسلام وعاداتنا العربية الأصيلة.تتفاخر المدارس الغربية بأنها تطور هذا الفن وتدرسه لكبار الشخصيات، وكذلك للكادر الدبلوماسي في كيفية استقبال الضيوف على مختلف المستويات، سواء في المناسبات الوطنية أو الأعياد أو زيارات المجاملة، وحتى طبيعة ألوان الملابس الصباحية أو المسائية، كانت المدارس الأوروبية وخصوصًا البريطانية والفرنسية تتبارى لتطوير هذا الفن والوصول به إلى أعلى وأرقى المعاني المطلوبة.ويتسم مجتمعنا العربي بصورة خاصة بكرم الضيافة وحُسن الاستقبال ورحابة الصدر، سواء في الماضي أو في الحاضر؛ لأنه من مكارم الأخلاق، ولكن ينقصه حسن الترتيب في بعض المجتمعات وشرائح الطبقة الوظيفية؛ لأن هناك أصولًا ومراسمَ الواجب إتقانها في استقبال الضيوف من مختلف الدرجات والأعمار والأجناس.إن استقبال الضيوف من المواقف الصعبة التي يواجهها بعض الناس؛ فاستقبال الضيوف يترك انطباعًا (إيجابيًّا أو سلبيًّا) أوليًّا عند الضيف.ومن أهم بنود الإتيكيت في استقبال كبار الشخصيات في المطار هو السجادة الحمراء وحرس الشرف بالمطار، بالإضافة إلى مواكبة طائرة الضيف منذ دخولها للأجواء الدولة بسرب من الطائرات المقاتلة كجزء من الاحتفاء به وحمايته، وأول دولة عربية عملت بهذا الاستقبال الجوي هو العراق ومصر في سبعينيات القرن الماضي، كما وجوب حضور الكادر المتقدم من الوزراء والدرجات الخاصة، بالإضافة إلى وجود السيارات والنقليات المناسبة، ولا نحبذ التكلم عن قطع الطرق وحسب البروتوكول المتعارف والمقابلة بالمثل؛ كما أنه من الضروري استقبال ضيوفك والابتسامة تعلو وجهك؛ فالابتسامة هي مفتاح للقلوب وهي من أرقى الأساليب في التعامل مع الأفراد، وكذلك نبرة ومستوى الصوت، فهي تُعد من علامات الضيافة، وعليك ترك مجال للضيوف أن يتحدثوا واستمع لهم بإنصات واهتمام، أن يكون الضيف على الجهة اليمنى من المستضيف منذ اللحظة الأولى لاستقباله من وقت الوصول، وأن يجلس أيضًا على اليمين في غرفة أو حجرة الضيوف أو المكتب، وفي الزيارات الرسمية على مستوى الوزراء أو الوكلاء يكون المنسق أو مدير المكتب هو المكلف باستقبال الضيف عند مدخل البناية عند وصول سيارة الضيف إلى أن يصل مكان اللقاء، وفي التوديع على المضيف توديع ضيفه إلى الباب الرئيسي لمكان الإقامة.إذا كانت دعوة الضيف لبيتك فاستعد لاستقبال ضيوفك قبل وصولهم، فارتدِ الملابس الملائمة والجميلة، وتجنب استقبالهم بالملابس المنزلية؛ لأن هذه الملابس توحي بأنك غير مستعد لمقابلتهم أو لا تقدرهم أو تُنزلهم منزلتهم التي يستحقونها، أو أن وجودهم غير محبب أو غير مرغوب به (من الأفضل أن تقوم أنتَ بنفسك بفتح الباب لضيوفك في الدعوات العائلية والاجتماعية حصرًا) احرص على نظافة منزلك بصورة دائمة وذلك لتتجنب إحراج نفسك، جهز الحمام من حيث توفير المناديل والمنظفات الراقية، واحرص على أن يكون الحمام معطرًا ونظيفًا، نسِّق مواعيد ضيوفك بحيث يكونون متقبلين لبعضهم البعض، وتجنب استضافة الأشخاص الذين يوجد بينهم تنافر في الرأي؛ حتى لا تكون سببًا في حدوث المشاكل بينهم، الاهتمام بأطفالهم إن كانوا موجودين مع الضيوف، عدم المبادرة بمصافحة المرأة المحجبة إلا إذا بادرت هي بالمصافحة، تجنب الحديث بشكل كبير عن حياتك الشخصية وعن إنجازاتك.وفي الختام.. يستحسن تنظيم مخطط توضيحي لعموم استقبال كبار الشخصيات وأماكن المستقبلين، واستنادًا إلى القدم بالتعيين وتقسيم المسؤوليات (استقبال، جلوس، مكان الضيافة، الطعام، النقليات) يمكن إجراء بعض التغييرات على قواعد المجاملة إذا اقتضت الضرورة بشرط عدم المساس بأسبقيات الشخصيات، ويستند ذلك إلى موضوع وهدف الزيارة ونوع الأشخاص (رسمية، عائلية، اجتماعية، شخصية، نسائية، اقتصادية، عسكرية.. وغيرها) وكذلك تفضل الأوقات دائمًا في كل أنواع الزيارات بين الساعة 10 صباحًا إلى 12 إذا كانت زيارة عمل، وكذلك مساءً بين الساعة 6 إلى الساعة 8، فإن استقبال كبار الشخصيات يستند إلى عمق العلاقة وطبيعة الزيارة وتاريخها وتبادل المصالح المشتركة.