مدير المركز:

■ الاستفادة من الطاقات البشرية هو التوجه الأمثل لتحديد المسارات البحثية التي تخدم رؤية عمان 2040
■ المركز أنجز أكثر من 48 بحثا وأصدر 12 كتابا و12 استشارة بحثية خلال الخمس سنوات الماضية
■ ضرورة الدفع بالقطاع الخاص للمساهمة بشكل أكثر فاعلية فـي دعم البحث العلمي وعدد من الباحثين لا يجدون الدعم المؤسسي

كتب ـ عيسى اليعقوبي:
■ ■ يُعدُّ مركز الدراسات العمانية أحد المراكز البحثية في جامعة السلطان قابوس ويهدف إلى تأسيس ونشر دراسات إنسانية وعلمية ذات الصلة بالمجتمع العُماني وما يعهد إليه من دراسات واستشارات واردة من الجهات الحكومية والخاصة وتحقيق التعاون العلمي الثنائي مع المؤسسات المناظرة ومراكز الدراسات الأخرى والجامعات والمعاهد العربية والأجنبية ذات الأغراض والاهتمامات المماثلة.■ ■
ويعمل على تنظيم النشاطات البحثية والفكرية من مؤتمرات وندوات وملتقيات والإسهام في جمع المخطوطات العُمانية وتحقيقها وحفظها والعمل على إتاحتها للمستفيدين، بهدف العناية بالتراث العُماني المادي والمرويّ الفردي والجماعي لإشاعة المعرفة في مجال الدراسات العمانية والتراث العُماني والوصول إلى أوسع دائرة ممكنة من الباحثين والمثقفين.

دور محوري
وقال الدكتور الأستاذ الدكتور أحمد بن حمد الربعاني ـ مدير مركز الدراسات العمانية بجامعة السلطان قابوس: يرتكز الدور الرئيسي للمركز على البحث العلمي والذي يأخذ سبعة مسارات: المسار الأول يتمثل في الاستشارات البحثية التي تقدم للمؤسسات في القطاعين العام والخاص، والمسار الثاني البحوث الممولة والتي تقدم من قبل الباحثين من المركز، والمسار الثالث تنظيم المؤتمرات والندوات العلمية الدولية، والمسار الرابع إصدار الكتب العلمية المحكمة، والمسار الخامس تنظيم المؤتمرات الدولية، والمسار السادس النشر العلمي، والمسار السابع استقطاب الباحثين الدوليين.

تعزيز الاستشارات البحثية
وحول الاستشارات البحثية يوضح مدير مركز الدراسات العمانية أنها تُعدُّ إحدى أهم الخدمات التي يقدمها المركز كبيت خبرة لمؤسسات القطاع العام والخاص، وذلك من خلال تقديم بعض المؤسسات الحكومية طلب قيام المركز بتنفيذ مشروع بحثي حول موضوع أو قضية تستهدف تلك المؤسسة بحثها أو إيجاد حلول لها، ويتم تمويل المشروع من قبل المؤسسة التي تطلب هذه الاستشارة. وقد حرص المركز خلال السنوات الخمس الماضية على تعزيز الاستشارات البحثية من خلال التواصل البناء مع المؤسسات المختلفة بهدف تعريفها بالخدمات التي يقدمها المركز وجودة الخدمات التي تقدم في هذا المجال.

ويشير إلى أنه خلال الخمس سنوات الماضية نفذ مركز الدراسات العمانية (12) استشارة بحثية لعدة جهات حكومية منها ديوان البلاط السلطاني والمجلس الأعلى للتخطيط ووزارة الاقتصاد تنوعت في أهدافها وموضوعاتها كتقييم أداء وجودة المؤسسات الحكومية، وتقييم مؤسسات القطاع الخاص للمؤسسات الحكومية في مجال تعزيز الاستثمار، ومستوى رضاء المواطنين عن الخدمات، ومستوى الرفاهية، بالإضافة إلى موضوعات أخرى، كما ينفذ المركز حاليا أربع استشارات بحثية لوزارة الاقتصاد، كانت الأولى بعنوان:(واقع توزيع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة على القطاعات الاقتصادية: الفرص والتحديات والاستراتيجيات المستقبلية)، والثانية:(تحليل التجارة الخارجية وتوطين الصناعة في السلطنة)، والثالثة:(الصناعات الغذائية ودورها في دعم الصادرات وتلبية احتياجات الأمن الغذائي)، والرابعة:(دور شركات الدرجة الممتازة والأولى في توفير الفرص الوظيفية والدوران الوظيفي).

حرص واستفادة
وحول البحوث الممولة يوضح الربعاني أنها أحد روافد الإنتاج العلمي بالمركز، ويحرص المركز على الاستفادة من مصادر التمويل المتاحة في جامعة السلطان قابوس والمتمثلة في المنح الداخلية ومنح المكرمة السامية لجلالة السلطان قابوس، ومنح حملة الماجستير، وكذلك الاستفادة من المنح التي يقدمها مجلس البحث العلمي سابقًا، وحاليًّا وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار. وقد حظي المركز بالحصول على أربع منح بحثية لموظفي المركز تمثلت في أربعة مشاريع هي مستوى وعي المجتمع العماني بالشخصيات التاريخية العمانية ودور وسائل التوعية في هذا الجانب، ومشروع دراسة العلاقات العمانية البروناوية بأبعادها التاريخية والسياسية والاقتصادية وذلك بالتعاون مع وزارة الخارجية العمانية وسفارة السلطنة في بروناي، كما تم الانتهاء من العمل على بحث ممول بعنوان “Public and cultural diplomacy in Oman’s Soft Power” الدبلوماسية العامة والثقافية في القوة الناعمة العمانية، وحاليًّا يعمل المركز على إنجاز دراسة لتقييم فاعلية الرعاية اللاحقة للأحداث المفرج عنهم في السلطنة.

كما يتشارك المركز مع المراكز البحثية الأخرى وكذلك الكليات في البحوث الممولة حيث تشارك معهم في أربعة بحوث أحدها السياحة المستدامة، والثاني عن التأثيرات التربوية والنفسية والاجتماعية لـ(كوفيد ـ 19) والثالث عن التأثيرات الاقتصادية لـ(كوفيد ـ 19) والرابع عن الملكية الفكرية بالتعاون مع منظمة (WIPO) ووزارة التجارة والصناعة.

إصدارات علمية محكمة
وفيما يتعلق بالإصدارات العلمية يؤكد الدكتور أحمد الربعاني أن المركز يحرص على تعزيز الإنتاج العلمي ذي القيمة المضافة من خلال استقطاب نخبة من الباحثين من داخل وخارج السلطنة وذلك عبر توفير كافة الإمكانات والمزايا من حيث إن جميع إصدارات المركز محكمة علميًّا، ويتكفل المركز بتكاليف التحكيم والطباعة والنشر، وفي ضوء سياسية النشر العلمي في المركز فجميع الإصدارات تخضع لمرحلتين من التحكيم المرحلة الأولى من قبل المركز، وفي حال تبين أن المادة العلمية التي قدمها المؤلف تتصف بالجدة والاضافة العلمية القيمة يتم إرسالها إلى المحكمين لتقييمها وفق ضوابط محددة وبناء على قرار المحكمين يتم قبول أو رفض نشر الكتب.

وخلال الخمس سنوات الماضية أصدر المركز (12) كتابًا هي: سمات الحكم البرتغالي في الخليج وعُمان، وكتاب السكان والتنمية المستدامة في سلطنة عُمان، وكتاب تراث عُمان البحري، وكتاب الهيمنة الحضرية والنسيج العمراني التقليدي في سلطنة عُمان، وكتاب سلطنة عُمان من خلال وثائق إيطالية وتقرير العميل السري الإيطالي اومبرتو عمر عام 1912، وكتاب المراكز البحثية ودورها في صنع القرار، وكتاب لسان ظفار، وكتاب التواصل الحضاري بين عمان والسواحل الآسيوية منذ العصور التاريخية القديمة وحتى العصور الإسلامية، وكتاب خصائص الأسلوب العماني بين الشعر والنظم، وكتاب آفاق حضارية من حياة الشيخ الرئيس جاعد بن خميس الخروصي، وكتاب الشيخ سعيد بن خلف الخروصي، كما أصدار المركز كتابًا بالتعاون مع جامعة آل البيت بالأردن وهو كتاب المبرد الأزدي المجلد الأول والثاني، وقريبًا سيصدر كتاب العمارة العمانية التراثية واستدامتها، وكتاب عُمان في الصحافة الأميركية.

مؤتمرات وندوات
ويوضح الربعاني أن المؤتمرات والندوات العلمية ضمن نهج المركز في طرح القضايا التنموية والتراثية بشكل علمي بما يساعد على فهم هذه القضايا ورفد دوائر صنع القرار بالمعلومات والخبرات الإقليمية والدولية في معالجتها فقد حرص المركز على تنظيم المؤتمرات والندوات العلمية، فخلال الخمس السنوات الماضية نظم المركز عدة مؤتمرات وهي: المؤتمر الدولي العمارة العمانية التراثية واستدامتها، والمؤتمر الدولي السكان والتنمية المستدامة في سلطنة عُمان، والمؤتمر الدولي تراث عُمان البحري، والمؤتمر الدولي الهيمنة الحضرية والنسيج العمراني التقليدي، وندوة الشيخ جاعد بن خميس الخروصي، وندوة الشيخ سعيد بن خلف الخروصي، كما نظم المركز بالتعاون مع جامعة آل البيت مؤتمرين المورث الثقافي والحضاري في سلطنة عُمان بين الأصالة والمعاصرة، ومؤتمر خصوصية المصطلح العماني ومنابعه في الموروث الحضاري العماني.
وفيما يخص النشر العلمي فإن المركز يحرص على النشر العلمي من خلال إنتاجات موظفي المركز بشكل مفرد أو بالتعاون مع أكاديميين وباحثين من داخل الجامعة وخارجها من خلال النشر العلمي في دوريات علمية محكمة أو مؤتمرات دولية، وقد أنجز المركز خلال الخمس سنوات الماضية أكثر من 48 بحثًا في عدة مجالات.

استقطاب الباحثين
من خارج السلطنة
ويسعى المركز إلى تعزيز الشراكات البحثية مع الباحثين من خارج السلطنة، وخلال الخمسة أعوام الماضية زار المركز العديد من الباحثين من خارج السلطنة المهتمين بالشأن العماني، حيث وفّر المركز لهم الكتب والمراجع والوثائق التي تمكنهم من إنجاز مشاريعهم البحثية، كما يحرص المركز على تقديم خدمات للباحثين من خارج السلطنة عبر البريدي الإلكتروني لتزويدهم بما يحتاجونه من معلومات عن السلطنة.
ونظرًا للسمعة المتميزة للمركز فقد حرص بعض الباحثين على القدوم للمركز كتفرغ علمي أو باحث زائر وخلال الأربع سنوات الماضية استقطب المركز أربعة زائرين من عدة دول قضى كل منهم ما يقارب سنتين في المركز.

تعاون علمي مثمر
ويشير مدير مركز الدراسات العمانية إلى أنه يتم تنفيذ الأنشطة والفعاليات العلمية للمركز بالتعاون مع كليات الجامعة وعمادة البحث العلمي والوحدات الأخرى، ففي مجال تنظيم المؤتمرات والندوات الدولية يتم التعاون مع الأكاديميين في الكليات ذات الصلة للمشاركة في اللجنة التنظيمية واللجنة العلمية وقد تعاون المركز خلال الخمس سنوات الماضية مع كلية الهندسة، وكلية العلوم، وكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، وكلية الآداب والعلوم الاجتماعية وكلية التربية وكلية العلوم الزراعية والبحرية، كما تعاون مع مركز الدراسات الإنسانية، بالإضافة إلى ذلك التعاون مع مكتب التعاون الدولي وعمادة البحث العلمي ودائرة العلاقات العامة ومطبعة، كذلك يتعاون المركز مع بعض الكليات في مجال تدريب الطلبة والباحثين في مجال البحث العلمي والمكتبات، وهناك تعاون في مجال استقبال الوفود الرسمية والباحثين الذين يزورون المركز مع مكتب التعاون الدولي ودائرة العلاقات العامة ورئاسة الجامعة.

وحول التعاون مع المؤسسات في القطاع العام والخاص قال: لدى المركز شركاء في مجال البحث العلمي وتنظيم الفعاليات والأنشطة العلمية، فخلال الأربع سنوات الماضية كان هناك تعاون بناء مع ديوان البلاط السلطاني، ووزارة الخارجية، وسفارة السلطنة في بروناي، والمجلس الأعلى للتخطيط، ووزارة الاقتصاد، ووزارة الأوقاف والشؤون الدينية، ووزارة التراث والسياحة، ووزارة التنمية الاجتماعية، وبلدية مسقط، ووزارة الدفاع، والمتحف الوطني ومتحف قوات السلطان المسلحة، والبحرية العمانية، والهيئة الاستشارية لمجلس التعاون الخليجي، والهيئة الوطنية للمساحة، واليونسكو، ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، ومكتب الإفتاء بوزارة الأوقاف والشؤون الدينية، ومركز الخليل بن أحمد الفراهيدي للدراسات العربية والإنسانية بجامعة نزوى، ومركز عُمان للموسيقى التقليدية، والشركة العمانية للنقل البحري، والشركة العمانية للغاز الطبيعي المسال، وشركة ناصر لشكو للأعمال التجارية والزراعية، ومؤسسة الكلمة الطيبة، وجمعية العمانية للكتّاب والأدباء.

وحول التعاون بين المركز والمؤسسات الدولية والباحثين الدوليين يشير إلى أنه لا يقتصر دور المركز على التعاون مع المؤسسات المحلية بل يمتد إلى التعاون مع المؤسسات الدولية وأبرزها مع المركز الفرنسي للبحوث، وجامعة آل البيت بالأردن، كما يستقطب المركز بشكل سنوي عدد من الباحثين من عدة دول وخصوصًا دول الاتحاد الأوروبي المهتمين بدراسة التاريخ والتراث العماني، وسياسة السلام العمانية.

خدمات بحثية مميزة
يقدم المركز عددًا من الخدمات للباحثين والطلبة ومن أهمها: توفير المصادر والكتب من خلال مكتبة المركز، حيث تتضمن هذه المكتب كافة المصادر المتعلقة بالشأن العماني من كتب، وموسوعات عربية وأجنبية، وإصدارات حكومية، ورسائل جامعية، والجرائد العمانية منذ بداية النهضة المباركة، وكذلك الخرائط الحديثة والقديمة، والمخطوطات.

ويسمح للباحثين من داخل وخارج السلطنة بالاستفادة من كافة هذه المصادر مجانًا، كما يتوفر لهم أماكن للقراءة وغرف خاصة للباحثين.
كما يقدم المركز للباحثين من خارج السلطنة خدمة توفير المصادر إلكترونيًّا ومجانًا عبر البريد الإلكتروني للمركز، بالإضافة إلى ذلك فإنّ المركز يحرص على تقديم الخدمات الاستشارية البحثية للباحثين بشكل مجانًا لمساعدتهم على إنجاز مشاريعهم البحثية سواء من خلال توفير المصادر أو تقديم الأفكار البحثية وتقييم الأدوات البحثية، بالإضافة إلى توجيههم للمصادر التي لا تتوفر في المكتبة ضمن المكتبات الأخرى داخل السلطنة أو المؤسسات.

تحديات وسبل معالجتها
البحث العلمي بشكل عام يواجه عددًا من التحديات التي تتفاوت من مجال إلى آخر وأبرزها الحصول على التمويل المالي، فكما نعلم مصادر التمويل في السلطنة محدودة تقتصر على الجامعات ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، وهذا ما يستدعي الدفع بالقطاع الخاص للمساهمة بشكل أكثر فاعلية كما هو الحال في الدول المتقدمة والتي استثمرت بشكل واسع في البحث العلمي وحققت في المقابل إيرادات عالية على مستوى الناتج المحلي. كما تبرز مشكلة أخرى في أن عددًا كبيرًا من الباحثين لا يجدون الدعم المؤسسي سواء في جهات عملهم من حيث منحهم التفريغ لإنجاز مشاريعهم البحثية، وكذلك الدعم الرسمي من خلال توفير المخاطبات الرسمية لهم للجهات، بالإضافة إلى ذلك صعوبة الحصول على المصادر والمراجع وخصوصًا في الجانب التاريخي، فبالرغم من الجهود التي تبذل في مجال جمع وحفظ التاريخ العماني إلا أن هناك الكثير من هذه المصادر التي لا تتوفر في السلطنة نظرًا لتوزعها على مناطق جغرافية مختلفة من العالم، وبعضها تتوفر في بعض المكتبات والأرشيف لدول عدة مما يتطلب جهودًا كبيرة للوصول إليها وترجمتها. أما بالنسبة لدور المركز في معالجة هذه التحديات فهو يعمل على إشراك الباحثين في المشاريع البحثية الممولة بما يساعد في معالجة مشكلة التمويل إلى حد ما، كما أنه يوفر للباحثين فرصة تقديم مقترحات بحثية عبر المركز للحصول على التمويل، كما يساعد المركز الباحثين المشاركين في تلك المشاريع بتوفير الخدمة الاستشارية وتقديم الدعم الرسمي سواء من خلال توفير المخاطبات الرسمية للجهات والتواصل معها، وكما ذكرت سابقًا يعمل المركز على توفير الباحثين للمصادر المتاحة داخل السلطنة بما يوفر عليهم الجهد والوقت والتكلفة. ويرى مدير مركز الدراسات العمانية أن تطوير البحث العلمي والاستفادة من الطاقات البشرية المؤهلة في هذا المجال هو التوجه نحو تحديد مسارات بحثية تخدم رؤية (عُمان 2040) وإيجاد اليات للتمويل. وكذلك إيجاد دوائر للبحث العلمي في مؤسسات القطاع العام والخاص لدعم الباحثين في تلك المؤسسات وتقديم كافة الخدمات لهم بما يعود بالنفع على تلك المؤسسات وعلى الباحثين.