أحمد صبري:مثلما تحولت ظاهرة الاتجار بالبشر إلى معضلة تهدد الأوطان، فإن آفة المخدرات هي الأخرى تحولت إلى أزمة فتاكة؛ لخطورتها المتنامية على المجتمع العراقي التي حولت شبابه إلى مجرد أرقام غير منتجة وتراجع دورهم في الحياة، وتحوُّل العراق من منطقة عبور للمخدرات إلى بلد مستقبل ومستهلك للمخدرات بأنواعها التقليدية.وتجارة المخدرات رغم تغولها بين الشباب فإنها دخيلة على المجتمع العراقي، غير أن الانفلات الأمني وتراجع الدور في مكافحتها، فضلا عن أن فوضى المناطق الحدودية هي من ساعد على اتساع هذه الظاهرة بين الشباب، لا سيما بعد احتلال العراق.وأدى اتساع ظاهرة المخدرات إلى مطالبات منظمات المجتمع المدني من مخاطر تفاقم آفة تعاطي المخدرات في العراق، وبالأخص بين الشباب وصغار السن، وانتشار زراعة المخدرات في بعض مناطق بجنوب العراق. والمطالب بحلول عاجلة لوضع حد لمشكلة تزايد تعاطي المخدرات بين الشباب أن إشكالية انتشار المخدرات في العراق بدأت بالتفاقم بعد احتلال العراق عام 2003، إذ كان العراق قبلها (مجرد ممر) لتلك المواد، وكانت المنظمات الدولية تصنف العراق بأنه من أنظف البلدان من آفة تعاطي المخدرات، إلا أن الانفلات الأمني والحدودي الذي شهدته البلاد، أدى إلى اتساع تلك التجارة ووصولها إلى حدود غير مسبوقة. ويشير مراقبون ورؤساء منظمات معنية بمتابعة ملف المخدرات في العراق إلى أن الجهود الرسمية لا تتناسب مع حجم الانتشار الكبير، وتقتصر على مكافحة صغار التجار وعدم ملاحقة المتورطين الرئيسيين فيها لارتباطهم بجهات سياسية نافذة وميليشيات. فضلًا عن أن عدم حسم ملف المنافذ الحدودية يُعدُّ أحد أكبر العراقيل أمام هذا الملف، خصوصًا كون الحدود الشرقية تُعد المصدر الأكبر لدخول المخدرات إلى العراق.لقد أصبحت اليوم تجارة المخدرات وتعاطيها ظاهرة خطيرة انتشرت في عدة محافظات عراقية، الأمر الذي بات يقلق الجميع. فقد تزايدت ظاهرة انتشار المخدرات في العراق، التي وصلت إلى حدود قياسية فيما يتعلق بنسب التعاطي بين الشباب وانتشار ظاهرة تجارتها.بدوره، مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة التابع لمنظمة الأمم المتحدة، أهم وكالة عالمية معنية بالمخدرات، دق ناقوس الخطر بكشفه عن أن حوالي 275 مليون شخص تعاطوا المخدرات في جميع أنحاء العالم في العام الماضي، في حين عانى أكثر من 36 مليون شخص من اضطرابات تعاطي المخدرات.وكعادته كل سنة، يقوم هذا المكتب بنشر تقريره السنوي حول المخدرات على المستوى العالمي، يتضمن معلومات مفصلة وإحصائيات تخص إنتاج وتهريب واستهلاك المخدرات دوليًّا.إن المخدرات بأنواعها صارت تلعب دورًا هدَّامًا وفتَّاكًا في صحة المجتمع والأفراد، فهي آفة تهدد وتُدمِّر الشعوب وتحديدًا الشباب والمراهقين الذين يُعدُّون بيئة خصبة لتعاطي السموم المحرمة شرعًا وقانونًا نظرًا للمخاطر الجسيمة المترتبة على التعاطي. كما أن مشكلة المخدرات بأبعادها النفسية والاجتماعية والاقتصادية باتت في غاية التعقيد، حيث تتشابك وتتقاطع الجهود الأمنية والثقافية والتربوية والإعلامية في زيادة الوعي بأخطار هذه الظاهرة.