د. سعدون بن حسين الحمداني:
يُعد العطر (Parfum) من أهم مقوِّمات نجاح وشخصية الإنسان، سواء للرجل أو المرأة، ولا تكتمل كاريزما الإنسان إلا بنوع وطبيعة العطر لأنه يدل على الذوق الرفيع وثقافة ومهنية وتاريخ الشخص، وسوف نتطرق في مقالنا اليوم إلى إتيكيت فنون استخدام العطر والأماكن والأنواع.. وغيرها من مرتكزات واستخدامات العطر.
العطر هو مستحضر يصنع من مواد طبيعية أو اصطناعية أو من مزيج يتألف من كليهما، ويستخدم الناس العطور بطرق كثيرة، فمن الناس من يستخدم عطورًا دهنية أو سائلة لتبقى متعلقة بملابسهم وأجسامهم فترة طويلة.
أما تاريخ العطور فيرجع إلى العصر البابلي من خلال استخراج العطر الأول باستعمال نبات المر والزيوت والزهور في بلاد ما بين النهرين البابلية، وكذلك في مصر منذ 4000 عام تقريبًا، حيث كان الناس يستخدمون العطور في كل المناسبات ومنها الاحتفالات الدينية. ومن أهم المصادر المستخدمة في استخراج العطور هو الزهور مثل أزهار الياسمين والورد والبنفسج، وكذلك زهر الليمون، بالإضافة إلى الخشب كخشب الصندل أو خشب الأرز، وكذلك من الأوراق كالخزامى والنعناع وأيضا من جذور نباتات معيَّنة كالسوسن والزنجبيل.
بدأت المدارس الغريبة المتخصصة في مجال العطور تضع مفاهيم جديدة، منها كيفية اختيار العطور حسب مواسم السنة المختلفة، لذلك يختار الناس الروائح الخفيفة في الصيف والروائح الثقيلة والقوية في الشتاء مثل: العنبر والمسك والحمضيات والفانيليا.
ونظرًا لأن لكل منا لون بشرة معيَّنا ونمط حياة مختلفا، فإن العطر يختلف من شخص لآخر، لذلك يعتقد صانعو العطور أن كيمياء الجسم الفريدة للشخص تؤثر على الطريقة التي يتفاعل بها العطر مع الجلد، على سبيل المثال تختلف مستويات الأس الهيدروجيني لدى الأشخاص وهو أحد أهم أسباب اختلاف رائحة العطور من شخص لآخر، بالإضافة إلى درجة حرارة جسم الإنسان والبيئة المحيطة.
وقد أوضحت المدارس الدبلوماسية أنه من الخطأ الشائع هو إهداء العطر في المناسبات الرسمية لأشخاص لا نعرف ذوقهم والتي تُعد من الهدايا أو جزء من تكريم الموظفين، وهو لا يحبذ أبدًا تقديم كذا هدايا، بالإضافة إلى أنه لا نعرف قد يعاني الشخص من أمراض حساسية الجلد عند استخدام العطر، لذلك تنصح المعاهد الدبلوماسية على مختلف جنسياتها بعدم تقديم العطور كهدايا للرجل أو المرأة.
يظن الكثيرون أن الفرق بين (الكولونيا) و(العطور) و(التواليت)، والروائح الأخرى هو شكل الزجاجة من الخارج، والتي يشترونها بمقابل مادي، ولكن الواقع أكثر دهاءً من تلك الفكرة، يمكننا القول: إن جميع العطور تتشابه بالفعل ولكن يتم إعطاؤها أسماء حسب تركيز الزيت الخاص بالعطر مع الكحول والماء.
أضع أمام القارئ بعض هذه المصطلحات للفائدة العامة: (Real Men Real Style) يعني هذا المصطلح: أن هذا العطر يصلح للجنسين، أيضا يشير إلى أن هذا العطر من النوع المخفف في الكحول والماء ويحتوي على كمية معيَّنة من زيت العطر؛ أي أن نسبة التركيز أقل، و( Eau Fraiche): إذا لاحظت هذا المصطلح على الزجاجة فهو يعني أن هذا النوع من العطر مخفف جدًّا، وأن تركيز زيت العطر فيه لا يتعدى من 1% إلى 3% فقط، بالإضافة إلى أن رائحته تستمر أقل من ساعة فقط، و Eau de Cologne) لكولونيا) وهي: تُعد من أقدم العطور الذكورية الشهيرة، وتستخدم بالأكثر في أميركا الشمالية والتي انتشرت بعد ذلك حول العالم تمتاز الكولونيا بأنها خفيفة وطازجة مثل الفاكهة تتكون عادة من نسبة تركيز ما بين 2٪ إلى 4٪ زيوت عطرية في الكحول والماء يستخدمها الشباب الأصغر سنًّا عادة ولا يستمر عطرها أكثر من ساعتين فقط، و( Eau de Toilette) )تواليت) هي: تركيبة مميزة من العطر النقي ويبلغ تركيز زيت العطر فيها ما بين 5% إلى 15% مذاب في الكحول، وتستمر رائحة العطر فيها حوالي ثلاث ساعات، و(Eau de Parfum): يستخدم هذا المصطلح في وصف العطور من الجنسين على حد سواء الرجل والمرأة، ولكن كل منهم حسب العطور المختلفة، يحتوي (البرفيوم) على نسبة تركيز لزيت العطر تتراوح ما بين 15% إلى 20%، وتدوم رائحة العطر لمدة ثماني ساعات، و(fumum) يدل هذا المصطلح على أن هذا النوع من أكثر العطور تركيزًا وارتفاعًا في الثمن أيضا، حيث يمتاز العطر بنفاذيته الشديدة ورائحته القوية الجذابة، وتصل نسبة تركيز زيت العطر النقي به ما بين 20% إلى 30%، وتستمر رائحة هذا العطر ليوم كامل أي 24 ساعة كاملة.
ومن أهم النقاط الواجب ذكرها بخصوص استخدام العطور هي: ليس من الذوق رش العطر في الأماكن العامة وأمام الجميع، من الأفضل رش العطر على رسغ اليد وليس على الوجه أو الملابس، ولا تختر عطرًا لمجرد أنه جميل وغالٍ وهو مناسب لك، وإنما خواص العطر المناسب للجميع، أنواع العطر تختلف منها الصباحية بالدوام الرسمي، وهناك المسائية الخاصة للنساء أو المختلطة والمناسبات الاجتماعية والرسمية، وضع العطر بكمية مناسبة بالذهاب إلى موعد خاص أو حفلات زفاف لضمان بقاء العطر على أجسادنا مدة أطول، ويجب وضعه على أماكن النبض في الجسد تحت الاذنين ورسغ اليدين، لا يستخدم العطر القوي في المناسبات الرسمية خوفًا أن هناك من يعاني من الربو أو صعوبات التنفس، لا يدمج أكثر من عطر في نفس الوقت، العطر الجميل يحسن المزاج ويعزز الصحة ويساعد على الاسترخاء، عليك معرفة نوع العطر الذي يستخدمه الشخص كي يقدم له الهدية، وخصوصا بين الزوجين أو العائلة الواحدة والأصدقاء المقربين.
وفي الختام، ينبغي علينا أن نعرف نوع المناسبة؛ لكي نضع العطر المناسب، فليس من المعقول استخدام زيت العود الحاد أو القوي خلال مقابلة هدفها الحصول على العمل أو زيارة مريض أو حضور مناسبة رسمية عامة، لذلك ينصح بالعطور الهادئة التي لا تثير استغراب أو انزعاج بعض أذواق الناس.