منها إنشاء وتطوير مصنع لإنتاج ثاني أكسيد «التيتانيوم»

■ حجم البضائع السائبة بميناء صحار والمنطقة الحرة يتجاوز 9 ملايين طن خلال الربع الأول من العام الحالي
■ عدد الحاويات التي تمت مناولتها خلال الربع الأول ارتفع بنسبة 1.9% لتصل إلى 1.9 مليون حاوية

كتبت ـ ليلى الرجيبية:
حقق ميناء صحار والمنطقة الحرة نمواً مطرداً خلال العام الجاري على الرغم من التحديات الاقتصادية المتعددة، حيث ارتفع حجم عمليات الشحن والمناولة في كل ربع من العام مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، ففي الربع الأول من العام الحالي، سجل ميناء صحار والمنطقة الحرة زيادة في الطاقة الإنتاجية بنسبة 21 بالمائة مقارنة بنفس الفترة من عام 2020م، بينما ارتفع حجم البضائع السائبة بنسبة 23.6 بالمائة ليتجاوز 9 ملايين طن. أما مناولة البضائع السائبة، فقد ارتفعت بنسبة 6.8 بالمائة لتصل إلى 426,783 طن، بينما ارتفع حجم البضائع السائبة بنسبة 7 بالمائة لتتجاوز 4 ملايين طن. وفي نفس الفترة، ارتفع عدد الحاويات التي تمت مناولتها بنسبة 1.9 بالمائة لتصل إلى 1.9 مليون حاوية، بينما ارتفع عدد السفن الراسية في الميناء بنسبة 13.7 بالمائة ليصل إلى 843 سفينة وكل ذلك بالتزامن مع أعمال التوسع التي يشهدها الميناء. أما البضائع المنقولة بين السفن، فقد حقق المشروع ارتفاعاً قياسياً بنسبة 200 بالمائة.

بينما سجل الميناء انخفاضاً بنسبة 22 بالمائة في نقل البضائع، حيث تمت مناولة 23,000 وحدة خلال هذه الفترة. ولم تقتصر النتائج الإيجابية على ذلك فحسب بل تضمنت أيضاً ارتفاع نسبة إشغال الأراضي في المرحلة الأولى بالمنطقة الحرة بنسبة 10 بالمائة مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2020م.
واوضح ميناء صحار والمنطقة الحرة بأنه يتم حاليا العمل في انشاء أكثر من 9 مشاريع في المنطقة الحرة من بينها مشروعان عملاقان، الأول إنشاء وتطوير مصنع لإنتاج ثاني أكسيد “التيتانيوم” في المنطقة الحرة بصحار يقام على مساحة تزيد عن 120 ألف متر مربع وبسعة إنتاجية تبلغ 150 ألف طن سنويا، ويعد الأول من نوعه في المنطقة. أما المشروع الثاني سيقام على مساحة 100 ألف هكتار، والذي سيكون في مجال صناعات مختلفة وسيتم الاعلان عنها لاحقا.
جاء ذلك خلال الجولة التي قام بها عدد من الصحفيين والاعلاميين في ميناء صحار والمنطقة الحرة يوم أمس الأول.

أكثر من 87% نسبة الإشغال بالميناء
وقال عمر بن محمود المحرزي، الرئيس التنفيذي للمنطقة الحرة بصحار ونائب الرئيس التنفيذي لميناء صحار: إن الميناء والمنطقة الحرة يلعبان دورا حيويًا في ربط السلطنة بالأسواق العالمية والمساهمة في استقرار إمدادات البضائع والسلع إلى السوق المحلي وتزويد الشركات والمؤسسات المحلية بفرص أكثر للانتشار عالمياً. مشيرا إلى أن ميناء صحار يعد البوابة الرئيسية للتصدير والاستيراد في السلطنة، حيث يتعامل مع أكثر من 70 بالمائة من واردات السلطنة وأكثر من 40 بالمائة من الصادرات، إضافة إلى 80 بالمائة من البضائع المعاد تصديرها.

وأوضح المحرزي بأنه قد تم تصميم ميناء صحار والمنطقة الحرة لتحقيق أقصى قدر من الكفاءة في العمليات مع ضمان توفر الطاقة والمواد الخام والخدمات اللوجستية عالمية المستوى التي من شأنها مساعدة الشركات والمؤسسات على تحقيق النجاح وإيجاد فرص نمو للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة المحلية، مشيرا إلى أن الازدهار الذي يشهده الاقتصاد وتنوع القطاعات الصناعية والفرص الواعدة لعبور البضائع من السلطنة إلى الأسواق في الشرق والغرب ساهم في جعل صحار ملاذاً للشركات الدولية.

وقال: لدى المشروع خطط توسعية لتعزيز مكانته وترسيخ ريادة السلطنة كمركز للتجارة والصناعة في العالم. ومع الانتعاش الذي تشهده القطاعات الاقتصادية حالياً واستئناف أعمالها، نتوقع أن تكون طاقتنا الإنتاجية خلال العام الحالي هي الأقوى في مسيرتنا.
وقال المحرزي: إن نسبة الاشغال في ميناء صحار بلغت حاليا أكثر من 87 بالمائة، وجاءت فكرة التوسعة نظرا إلى المشاريع الجديدة التي ترغب بالاستثمار في الميناء والتي تمر بمرحلة التقييم، وعقد اتفاقيات مع بعض الشركات أبرزها مع توتال، مشيرا إلى ان الفترات الأولى من تكوين هذه المشاريع ستكون هناك ضمانات مالية ومع تطور توقيع الاتفاقيات سوف ترجع الضمانات المعهودة، وكلها مرتبطة بعقود طويلة الأمد.
وأشار إلى أن التوسعة في المجال الجنوبي قائمة بالفعل وتم ردم أكثر من 50 هكتارا والآن هي أرض مستوية، معربا عن تفاؤله خلال المرحلة القادمة مع تعافي الاقتصاد الوطني والعالمي بأن تنمو نسبة الإشغال في الميناء، موضحا أنه بالرغم من تأثيرات الجائحة والتحديات الاقتصادية إلا أن الميناء شهد نموا جيدا، ومع وجود انشاءات ومصانع كبيرة وقائمة فإن ذلك يدعم عملية الاستدامة والمرونة في أعمال الميناء والمنطقة الحرة.
أما فيما يتعلق بتوسعة الميناء من الجهة الشمالية فقد تحتاج فترة أطول تمتد من سبعة أعوام إلى 10 أعوام، يعزى السبب في ذلك إلى الانتهاء من إصدار التراخيص من الجهات المعنية.

وقال: إن جائحة (كوفيد 19) كان لها تأثير كبير بالنسبة لسلاسل الإمداد، وتمت ملاحظة التغيرالكبير في سلاسل الإمداد، وأصبحت الكثير من الأسواق تعتمد على قرب سلاسل الإمداد أو مراكز التوزيع من البلد المنتج أو السوق، لذلك شهدت المرحلة الماضية حركة جيدة في الاستيراد المباشر من دول المنشأ مباشرة إلى السلطنة، مما فتح مجالات وأسواق جديدة. مؤكدا بأن استدامة الحركة في الميناء وتنوع الأسواق، جراء تقدم الميناء في العديد من المؤشرات العالمية، موضحا ان مجالات الاستيراد والتصدير قائمة على مبادئ اقتصادية مستدامة ومتينة، كالكفاءة والموقع وسرعة المناولة وزمن مكوث السفن، والتي يتم تقييمها عالميا.

مميزات الميناء
وعن ميزات ميناء صحار في ظل التنافس الكبير في المنطقة، قال المهندس عمر المحرزي: إن أحد المميزات الرئيسية التي يقدمها أي ميناء موقعه الجغرافي وبالنسبة لميناء صحار يتميز بموقع جغرافي فريد؛ من حيث وقوعه على خطوط النقل والشحن العالمية وقربه من الأسواق. مؤكدا على أنه يجب أن تكون هناك كفاءة شاملة وبنية أساسية متكاملة، وهذا يشهده الميناء والمنطقة الحرة حاليا، فعلى سبيل المثال رصيف الحاويات يضم رافعات تعد الأحدث من نوعها في العالم وبإمكانها مناولة أكبر السفن، وكذلك الأنظمة التقنية التي يعمل بها الميناء، كنظام بيان ونظام التخليص الجمركي المسبق، وكفاءة عالية في المناولة بالميناء ونقل الحاويات من السفينة إلى المنطقة الحرة تستغرق أقل من 45 دقيقة حتى يتم تخليصها ووصولها إلى المصنع وهذه الميزات جميعها قامت وفق الأنظمة والبنية الموجودة، بالإضافة إلى الميزات المتعلقة بالطاقة واسعارها في السلطنة وتوفر الطاقة البديلة، وتوفر الأراضي بمساحات مختلفة مع سهولة التسويق لها بشكل أوسع، ومن المميزات في الميناء والمنطقة الحرة بصحار تكامل عدة مشاريع ووصولها إلى الطاقات الإنتاجية والتي توفر المواد الخام لصناعات كثيرة، بالتالي فإن جميع المنتجات البترولية ومشتقاتها موجودة في ميناء صحار فالصناعات التحويلية والمرتبطة بها هي الصناعات التي يتم التركيز عليها حاليا في استراتيجية التسويق وكذلك مرتبطة بالبلاستيك والمعادن والمواد الخام مثل الجابرو والنامستو كلها موارد طبيعية متوفرة في محيط المنطقة وبالتالي فإن تلك الميزات التنافسية أسهمت وسوف تسهم في تعظيم الفائدة مستقبلا .
وقال المحرزي: ان إدارة الميناء والمنطقة الحرة بصحار عمدت في الفترة الماضية إلى عملية التوازن ما بين حركة السوق والرسوم، حيث تم تخفيض الرسوم المتعلقة بتراخيص التجارة الحرة إلى 50% مع تراجع الحركة بسبب الأوضاع الاقتصادية التي يشهدها العالم أجمع.
وحول التمويل البحثي لتبريد ميناء صحار أوضح أن الاتفاقية كانت عبارة عن دراسة وسيتم أخذ مخرجاتها لتحويلها إلى صناعة، حيث تم عمل الدراسة في استخدام تكنولوجيا مختلفة في عمليات التبريد، وتم التوصل الى نتائج إيجابية والآن بصدد تقييمها، مشيرا إلى وجود شراكة حقيقية لدعم الاستثمار في مجال الابتكار وطاقات الكوادر الوطنية، ومن ضمن المبادرات تجهيز مختبر الذكاء الإصطناعي في كلية العلوم التطبيقية بصحار.

استقطاب شركات
من جانبه قال مارك جيلينكيرشن الرئيس التنفيذي لميناء صحار: على الرغم من الظروف والتحديات المترتبة عن جائحة كوفيد-19 وتذبذب أسعار النفط خلال عام 2020 إلا أننا استطعنا التقدم بخطى واثقة في مسيرة نجاحاتنا وأكملنا العام مسجلين أداء قويا على كافة المستويات، حيث ارتفعت الطاقة الإنتاجية مقارنة بعام 2019م. ومع دخول الربع الأخير من العام الحالي نحن نتطلع إلى مواصلة أدائنا القوي. مشيرا إلى أن ميناء صحار والمنطقة الحرة استقطبا شركات أكثر ومستثمرين جدد خلال هذا العام ونجح في مواجهة الآثار المترتبة عن الجائحة من خلال اتخاذ تدابير احترازية وإجراءات استباقية مدروسة للحفاظ على سلامة الموظفين والمستأجرين والمجتمع بشكل عامٍ.

وأوضح الرئيس التنفيذي لميناء صحار أنه على الصعيد الوطني، فقد استطاع الميناء أن يضع بصمته خلال الفترة الماضية حيث تشير الإحصائيات أن 7 منتجات من كل 10 منتجات يتم شراؤها أو استهلاكها من قبل الأفراد قادمة عبر الميناء. ومن خلال تعزيز التعاون مع شركائنا، نؤكد مجدداً التزامنا الراسخ تجاه السلطنة والمجتمع المحلي بإيجاد سلاسل توريد تتسم بالمرونة والاستدامة.

وأشار مارك جيلينكيرشن إلى أنه بالنظر إلى المستقبل، فقد وضعنا خطة استراتيجية دقيقة وواضحة لتوظيف المقومات والمزايا المتعددة التي ننفرد بها ومن بينها موقعنا ومواردنا وتنافسيتنا وحرصنا على الاستثمار في التقنيات الجديدة من أجل تعزيز مكانة سلطنة عُمان على الخارطة اللوجستية العالمية. متطلعا إلى افتتاح الطريق البري بين السلطنة والمملكة العربية السعودية والذي بدوره سيساهم في تعزيز الاستثمارات في قطاع الشق السفلي اللوجستي لتحقيق المزيد من النمو والتطور في المستقبل.


وأكد مارك جيلينكيرشن بأن ميناء صحار والمنطقة الحرة يدرسان إمكانية بناء مركز لتوليد الهيدروجين الأخضر على نطاق واسع مدعوماً من محطات الطاقة الشمسية. وستنتج المنشأة المخطط لها هيدروجين خاليا من الكربون من الطاقة الشمسية وبتكلفة منخفضة حيث سيتم تخزينه للاستخدام عند الطلب. موضحا بأن قدرة الهيدروجين الأخضر على الحد من الانبعاثات الكربونية في العديد من الصناعات الثقيلة المعروفة بانبعاثاتها الكربونية. كما يمكن أن تؤدي إمكانية إنتاج الفولاذ الأخضر باستخدام الهيدروجين المتجدد إلى حدوث طفرة في الابتكار وتوفير خيار واعد للسلطنة لتعزيز التصنيع من خلال تعزيز مستوى التصدير ليصل إلى مليارات الدولارات.

83 ألف لوح
من ناحيته أوضح منذر بن خلفان البلوشي المشرف العام في محطة الطاقة الشمسية (قبس) أن ميناء صحار والمنطقة الحرة يتقدمان بخطى واثقة في مسيرة نمو جاذبة للاستثمارات ومعززة لمكانة السلطنة كمركز لوجستي عالمي حيث تعاون ميناء صحار والمنطقة الحرة مؤخراً مع شركة عُمان شل في تطوير مشاريع الطاقة الشمسية، حيث تم تخصيص مساحة 600 هكتار من الأراضي لمحطات الطاقة الشمسية لإيجاد قيمة اقتصادية طويلة الأمد للسلطنة والشركات في المنطقة الحرة حيث تبلغ ألواح الطاقة الشمسية التي تم تركيبها في الموقع حتى الآن 83 ألف لوح في خمس محطات، وستساعد محطة الطاقة الشمسية (قبس) التي تبلغ طاقتها 25 ميجاواط في استدامة وإظهار الفوائد التجارية للطاقة الشمسية للأغراض الصناعية. مؤكدا بأن مشروع (قبس) يعد أول مشروع للطاقة الشمسية الكهروضوئية على نطاق شركة شل في الشرق الأوسط.

تجدر الاشارة إلى أن ميناء صحار والمنطقة الحرة يلعبا دوراً فاعلاً على الصعيد المجتمعي حيث يواصل دعم السلطنة في تحقيق الأهداف المرسومة في رؤية عُمان 2040. كما وضع المشروع أهدافه الخاصة لتعزيز أداء الميناء والمنطقة الحرة عبر توظيف الابتكار والتقنيات الحديثة وزيادة كفاءة الطاقة. كما يحرص المشروع على الحدّ من التأثيرات الضارة بالبيئة من خلال اختيار أنواع الوقود النظيفة واستخدام المركبات التي تعمل بالهيدروجين والغاز الطبيعي المسال. كما يركز الميناء على تقديم خدمات بحرية عالية الجودة لعملائه، والتعاون مع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة المحلية لتطوير بيئة عمل متكاملة وشاملة تعزز من مكانة ميناء صحار والمنطقة الحرة كمركز لوجستي عالمي. ويساهم المشروع بنسبة تقارب 2.8 بالمائة في الناتج المحلي الإجمالي للسلطنة حيث يضع زيادة القيمة المحلية المضافة في مقدمة أولوياته في مختلف عملياته.

الطائرات المسيرة
ويعد ميناء صحار والمنطقة الحرة الأول في السلطنة في استخدام تقنية الطائرات المسيرة عن بُعد لإجراء عمليات المراقبة الأساسية للميناء. بالإضافة إلى مزايا التصوير الجوي للكشف عن أضرار البنية الأساسية في الوقت الفعلي، وتقديم التقارير، ومراقبة مستوى السلامة البيئية والأمن في الأرصفة البحرية، استطاعت التقنية الجديدة أن تثبت فعاليتها للوصول إلى المناطق الصعبة. وتقدم الصور الجوية منظورا جديدا للميناء والمنطقة الحرة حيث تُسهل اكتشاف الأضرار وتمكن فرق العمل من الاستجابة بشكل فوري وسريع لها. كما وتحلل هذه التقنية التغييرات في البنية الأساسية باستخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي مما يقلل مدة الصيانة وفترات التعطل بسبب حدوث المشكلات. هذا وقد تم استخدام الروبوت الغواص لتشخيص البنية الأساسية لقاعدة الميناء وتنفيذ عمليات الصيانة للأرصفة البحرية ومصد اصطدام السفن في مناطق خطرة وظروف لا يستطيع الغواصون تصويرها وفحصها من خلال إرسال الصور والتقارير المستمرة عنها. وقد أسهمت هذه التقنية في تحقيق ميناء صحار لأعلى معدلات الاستجابة والتنبؤ بمواعيد الصيانة المستقبلية بدون أي تدخل بشري وبالسرعة والكفاءة المطلوبة.