وليد الزبيدي:لقد كانت الأمة الجزائرية مصدر الغذاء للأمة الفرنسية قبل الغزو والاحتلال الفرنسي للجزائر في العام 1830، وأن القمح والمنتجات الزراعية والحيوانية كانت تملأ الأسواق الفرنسية والإسبانية وغيرها من الدول الأوروبية. وإذا كان الرئيس الفرنسي ماكرون لا يعرف الحقائق التاريخية فعليه أن يقرأ التاريخ الذي يعرفه العالم، وقول ماكرون في حديثه الذي نقلته "لوموند" "هل كانت هناك أمة جزائرية قبل الاستعمار الفرنسي؟ يثير تساؤلات عديدة في مقدمتها، هل يجهل ماكرون الحقائق أم يسعى لصناعة تاريخ زائف؟ فإذا كان جاهلا فتلك مصيبة، وإذا كان هدفه تزييف الحقائق، فهذا الأمر الذي لا يستطيع عمله لا ماكرون ولا غيره.ألا يعرف الرئيس الفرنسي سبب إهانة الداي حسين للقنصل الفرنسي في الواقعة الشهيرة عندما ضربه بـ"المروحة ثلاث مرات" وعرفت لاحقا بـ"حادثة المروحة". لقد راوغت السلطات الفرنسية كثيرا وتهربت من تسديد الديون الجزائرية على فرنسا، عندما تراكمت ديون الجزائر الذي كان يصدّر المنتجات الزراعية والحيوانية لفرنسا وغيرها، وكانت الأمة الفرنسية غير قادرة على تسديد تلك الديون أو تراوغ في ذلك ويحاول قادتها التهرب من التسديد، وثمة تفاصيل وقصص كثيرة، لكن ما هو مفروغ منه أن الشعب الجزائري كان أكثر حيوية ونشاطا وإنتاجا من الفرنسيين.حصلت تلك الحادثة في العام 1827، وعندما طلبت باريس من الداي حسين الاعتذار من القنصل الفرنسي، رفض ذلك الطلب رفضا قاطعا، ما دفع الحكومة الفرنسية لضرب حصار واسع على الدولة والشعب الجزائري تواصل حتى العام 1830، حيث شنت قواتهم حربا واسعة أفضت إلى احتلال الجزائر من قبل القوات الفرنسية، وكان الهدف الرئيسي الاستحواذ على الثروات الجزائرية وفرض هيمنة استعمارية شاملة على هذا البلد.لقد كانت حكومة فرنسا الاستعمارية تفتش عن أسباب لتجعل منها غطاء لغزو الجزائر حالها حال أي دولة استعمارية تستهدف الدول التي تمتلك الثروات، وقد اتضح ذلك الأمر بجلاء طيلة عشرات السنين من الاحتلال الفرنسي للجزائر الذي يعد أطول احتلال في التاريخ وقد استمر لـ132 سنة، وقد بطشت خلالها القوات الفرنسية بالحركات الجزائرية الرافضة للوجود الفرنسي على أراضيها. ومن يقرأ تاريخ الاحتلال الفرنسي يكتشف حجم إجرام الفرنسيين بحق الشعب الجزائري، وهناك حقائق عن برامج واسعة لمحاولة طمس هُوية الأمة الجزائرية، لكن تلك الحملات ووجود ما يقرب من مليوني فرنسي في مختلف القطاعات الزراعية والحيوانية عدا القوات العسكرية الفرنسية، لم تقف حائلا أمام الإرادة الجزائرية التي أطلقت حرب التحرير في الأول من تشرين الثاني من العام 1954 وحققت أهدافها الكبيرة خلال سنوات قصيرة ونالت الاستقلال التام في العام 1962، وهرب الفرنسيون ومعهم العملاء والخونة من الجزائريين الذين تعاونوا مع المحتلين ضد المقاومين الجزائريين.