■ تحديات تواجه السياحة البحرية فـي السلطنة


مشغلو القوارب السياحية:
■ نطالب بترويج السياحة البحرية وأزمة قادمة لقرابة 200 قارب
■ 13 ألف ريال عماني قيمة مواقف السفن الخشبية وعقوبات للمتأخرين

تحقيق ـ بدر الزدجالي:
نشطت السياحة البحرية بالسلطنة، وخصوصا في مسقط وخصب بشكل جيد خلال السنوات الماضية، حيث أوجدت معها قطاعا استثماريا وعائدا ماديا جيدا للمواطن وكذلك لعدد من الشركاء في هذا القطاع .. هذا القطاع بدأ صغيرا وأصبح ينمو بجهود ذاتية ولكن بخطوات بطيئة وبأقل التكاليف من قبل الجهات الحكومية أو القطاع الخاص.. تنمية هذا النشاط في السياحة البحرية بدأ بمشاريع صغيرة ومتوسطة لتجد تلك المشاريع طريقها بنجاح مع تنظيم نفسها والدخول بقوة في هذا السوق والذي بدأ يأخذ حيز الاتساع مع تزايد عدد السياح في السلطنة وتزايد الخدمات والمرافق والفعاليات والأحداث وتوسع الاستثمار، فنشط سوق القوارب السياحية ليصل إلى اليخوت السياحية والسفن الخشبية. ومع هذا التوسع بدأ التراجع من جديد بسبب أزمة تفشي وباء كورونا (كوفيد ـ 19) والتي أوقفت التدفق السياحي للسلطنة وأصبح العدد ضئيلا جدا واعتمدت الحركة على المواطنين والمقيمين بالسلطنة، ولكن لم تلبِّ احتياجات العاملين في هذا المجال ومعه ظهرت العديد من الأزمات والتحديات التي واجهت مشغلي هذه المشاريع والمساعي كبيرة لتجاوزها.

وأكد عدد من مشغلي القوارب السياحية الذين التقتهم (الوطن) أن من أكبر التحديات التي يواجهونها هي قلة المواقف المخصصة للقوارب السياحية نظرا لتزايد أعداد القوارب السياحية وكذلك اليخوت الخاصة وارتفاع قيمة تلك المواقف من 2500 ريال إلى 30 ألف ريال عماني سنويا وتختلف الأسعار حسب حجم القوارب، فيما تم احتساب مبلغ 13 ألف ريال عماني للقوارب السياحية الخشبية وإيقاف الدعم السابق لأصحاب المشاريع، وكذلك الاحتكار وغيرها من المشكلات التي يواجهها أصحاب تلك القوارب. وتدخل عدد من الجهات الحكومية في عملية تنظيم عمل مشاريع السياحة البحرية، وتختلف تلك الجهات في عملها وتنظيمها لتلك القوارب وكذلك المواقف وغيرها من الإجراءات المتعلقة بها.. كل تلك الجهات تعمل وفق رؤيتها وإجراءاتها الروتينية ويطالب أصحاب تلك المشاريع بأن توحد الجهود، وأن يكون الإشراف عبر جهة واحدة لتفعيل وتنشيط هذا الجانب. وتملك السلطنة مقومات سياحية جميلة وخصوصا في الشريط الساحلي الممتد من مسندم إلى صلالة وبها الكثير من الرؤوس والخلجان ومناطق الغوص والجزر والتي تشكل منظومة متكاملة للترويج لهذا القطاع، وكذلك في ظل غياب الترويج عن عدد آخر من الجزر الجميلة التي تملك مقومات السياحة مثل مصيرة العامرة بالسكان والجزر الأخرى التي تملك حياة مرجانية وفطرية وحيوانية ومخلوقات بحرية.

أزمة أخرى للمواقف
وأشار مشغلو القوارب السياحية إلى أن هناك أزمة أخرى ستظهر للمواقف خلال الأشهر القليلة القادمة مع تحويل أحد المرافئ الحاضنة لتلك القوارب السياحية واليخوت وهو مركز العاصمة لليخوت والغوص إلى مشروع سياحي آخر من قبل شركة حكومية وإلغاء تلك المواقف والتي ستتسبب في أزمة أخرى حيث يحوي هذا المركز قرابة 200 قارب ويخت سياحي ولا يوجد مكان يحوي هذا العدد.. إلا أن القرار الذي أصدرته الشركة الحكومية بالإخلاء ما زال معلقا حتى نهاية العام، مؤكدين أن هذا المركز يعد أحد أقدم المراكز في مسقط حيث كانت هناك مساعٍ لتوفير وإنشاء مواقف اخرى من الشركة إلا أن المشكلة تفاقمت وأصبحت في أروقة المحاكم.

ضعف الحركة
قال أحمد المعشري صاحب إحدى الشركات السياحية: إن حركة السياحة البحرية في الوقت الراهن ضعيفة جدا والأسباب تعود إلى جائحة كورونا، ونعتمد وبشكل كبير على حركة السياحة الخارجية عبر السياح الأجانب الذين اعتادوا التوافد إلى السلطنة، ولكن الوضع اختلف حاليا والذي أثر بدوره على السياحة البحرية بشكل ونعتمد حاليا على الحركة من قبل المواطنين والمقيمين بالسلطنة ولكن تبقى الحركة ضعيفة جدا. وأشار المعشري إلى أنه وخلال السنوات الماضية نمت وبشكل كبير السياحة البحرية بسبب تزايد عدد السياح الأجانب والذين يتخذون من السياحة البحرية مكانا مناسبا للاستطلاع وقضاء أفضل الأوقات نظرا لتوافر المقومات السياحية البحرية الجميلة بمسقط من الخيران والخلجان والجزر وغيرها، وعملنا على تطوير هذا الجانب بإقامة فعاليات وجولات خاصة ومعها تزايد عدد القوارب السياحية، واتخذنا من هذا العمل وظيفة وعملا دائما عبر المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وفتح لنا باب رزق.

تحديات كبيرة
وأضاف أحمد المعشري: تكمن أكبر التحديات في تطوير هذا القطاع لعدم وجود بنية أساسية كبيرة لهذا القطاع، وخصوصا للقوارب السياحية؛ لعدم وجود مرافئ ومواقف كثيرة وخصوصا في محافظة مسقط والتي تتركز فيها السياحة البحرية حيث لا يوجد سوى مارينا بندر الروضة والموج مسقط والسيفة ومركز العاصمة لليخوت والغوص منها ملك لشركات حكومية أو مساهمة حكومية وعدد المواقف بها محدود جدا في ظل تطور وتزايد القوارب السياحية واليخوت الخاصة. أما المشكلة الأخرى فهي ارتفاع قيمة المواقف السنوية، وسبق وأن طالبنا بتخفيض قيمة المواقف في المارينا وحصلنا على مكرمة سامية من المغفور له ـ بإذن الله تعالى ـ جلالة السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور ـ طيَّب الله ثراه ـ في العام 2016م ولكن وبعد أربع سنوات تم رفع الأسعار من جديد وأصبحت منهكة، وخصوصا في الوضع الراهن بتوقف السياحة ونطالب من الجهات الحكومية حلولا جذرية وسريعة لمشغلي السياحة البحرية.

صعوبات وتحديات
بدوره أكد صالح الحسني صاحب إحدى الشركات السياحية البحرية ضمن المشاريع المتوسطة والصغيرة أن ارتفاع أسعار المواقف من أبرز المشكلات التي نعاني منها، وخصوصا في الوضع الراهن بتوقف السياحة بسبب جائحة كورونا، وهناك احتكار من الشركات المسؤولة عن هذه المواقف وعدم وجود تسهيلات للشباب وفرض الغرامات وغيرها رغم أنها شركات حكومية، وسبق وأن خاطبنا الجهات المعنية للتسهيل ولكن دون جدوى. وأضاف: السياحة البحرية لها مردود جيد وأغلب السياح يفضلون قضاء الكثير من الأوقات في البحر، سواء في الجولات البحرية أو الغوص والذي أصبح يستقطب العديد من الهواة من خارج السلطنة نظرا لتوافر أماكن مناسبة في مسقط للغوص وكذلك زيارة الجزر، وهذا بدوره جعلنا نعمل بجهد من أجل تنظيم هذا العمل متمنين دعم الجهات الحكومية في الترويج لهذه النوعية من السياحة والتي أصبحت رائجة في دول العالم ويصرف لها مبالغ طائلة لتطويرها. وقال الحسني: إن من ضمن الصعوبات والمواقف التي تواجهنا عدم التسهيل والتعاون من قبل الشركة المسؤولة عن مواقف القوارب والاحتكار في عدد من العمليات اللازمة للقوارب منها الصيانة والتي تكلفنا الكثير جدا من قبل الشركة المسؤولة عن الصيانة بعشرة أضعاف فيما بالإمكان عمل تلك الصيانة بأنفسنا وبأسعار أقل بكثير، وكل ما نحتاج له هو الرافعة فقط، ولكن نجد الرفض والإجبار بالتعامل معها، وهناك العديد من القوارب السياحية وغيرها معطلة لعدم قدرة ملَّاكها على دفع قيمة الصيانة للشركة بالإضافة إلى إجبارنا على دفع مقدم سنة أو فرض عقوبات ونتمنى منهم التفهم في الوضع الحالي، وأن يكون الدفع ربع سنوي، ونحن ندرك مدى التوسع والنمو في هذا القطاع في السنوات الماضية ولكن الوضع اليوم يختلف تماما.

الترويج السياحي للأنشطة البحرية
قال أحمد اللمكي صاحب شركة سياحية: إن السياحة البحرية تنشط وبشكل كبير من أكتوبر إلى أبريل وهذه الفترة هي فترة الرواج والعمل في هذا القطاع وخلال بقية الأشهر هناك عمل متقطع وتوقف بسبب الأجواء الحارة وضعف حركة السياحة، وهذا الحديث قبل جائحة كورونا ولكن في الوضع الراهن هناك تذبذب كبير في الحركة آملًا عودة السياح إلى السلطنة وهم مصدر الحركة في السياحة البحرية التي نمت بشكل كبير وتطورت لبرامج وفعاليات يشيد بها الجميع، وخصوصا من السياح الأجانب رغم بعض التحديات والصعوبات التي تواجهنا، وهذا المشروع فتح أبواب رزق للكثير من العاملين في القطاع ونعمل على الاستعانة بكوادر وطنية بمقابل مالي للعمل معنا وهناك أعداد كبيرة تعمل في الشركات السياحية البحرية.

وأشار اللمكي إلى أن عدد القوارب السياحية واليخوت السياحية والخاصة في تزايد مستمر وظهرت السفن الخشبية حديثا في مسقط التي تلقى الإقبال بشكل كبير وأصبحت واحدة من الوسائل المهمة في السياحة البحرية والترويج للسياحة بالسلطنة حيث تبلغ قيمتها أكثر من 150 ألف ريال عماني وكذلك أسعار القوارب السياحية وهو قطاع مكلف للاستثمار به، وخصوصا للشركات المتوسطة والصغيرة، ورغم ذلك تجاوزنا التحديات ولكن تبقى مشكلة المواقف وأسعارها والتي تصل إلى 13 ألف ريال عماني للقوارب الخشبية في مواقف مارينا بندر الروضة وهو سعر كبير جدا، متمنيا تخفيض السعر وإيجاد الحلول من الجهات الحكومية المعنية، والمشكلة لا توجد مواقف أخرى، فالعدد محدود وفي حال التأخر عن الدفع نجد العقوبات من الشركة ومنع الدخول للصيانة، مشيرا إلى أن لديه قاربا متوقفا منذ أربعة أشهر بسبب الغرامات وهناك عقوبات متكررة متمنيا من الجهات الحكومية وكذلك الشركة مراعاة أصحاب القوارب والمشاريع.

تسهيلات للمشغلين
وحول تلك المطالب ومعاناة مشغلي القوارب البحرية قال سعود الصبحي نائب مدير عام شركة الواجهة البحرية للمراسي والخدمات (مارينا بندر الروضة) والتي تملكها شركة عمران: إنه تم عمل تخفيضات كبيرة لمستأجري المواقف بالمرفأ، وخصوصا من أصحاب الشركات المتوسطة والصغيرة وصلت حتى الآن إلى 160 ألف ريال عماني وهناك تسهيلات قدمتها الشركة خلال تفشي أزمة كورونا وذلك بتخفيض ثلاثة أشهر مع تسهيلات الدفع عبر الشيكات ونحن على تواصل مستمر مع هيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لتسهيل وخدمة المستأجرين من تلك الفئة. وتطرق الصبحي إلى أن هناك نسبة 20% من المواقف ما زالت متوافرة في مارينا بندر الروضة ونحن ندرك الحراك السريع والمتطور لتملك القوارب السياحية مؤخرا واليخوت الصغيرة والتي أصبحت هواية ومتنفسا لعدد كبير من محبي البحر والجولات البحرية وهذا التزايد يوجد سوقا جيدا في هذا المجال. وعن ارتفاع اسعار المواقف قال سعود الصبحي: لكل مرفأ أسعاره وخدماته، ونحن في مارينا بندر الروضة نقدم خدمات جيدة وتلك الخدمات لها مشغلون وموظفون ومن تلك الخدمات التأمين والمراقبة والاستقبال والكهرباء والماء والمطاعم وغيرها ولكل مرفأ سياسته وخدماته.

غياب المعارض والترويج
وقال: إن النشاط في تزايد والإقبال جيد للبرامج السياحية البحرية والإقبال جيد على مواقف القوارب، وهذا النشاط يولد سوقا جيدا ولكن يحتاج إلى الاهتمام بشكل كبير، حيث إن العمل الحالي يتركز فقط في القوارب السياحية الصغيرة من خلال الجولات البحرية ومشاهدة الدلافين وبعض البرامج وهذا ضمن إمكانيات وقدرات أصحاب الشركة الصغيرة .. ويحتاج إلى التركيز على اليخوت الكبيرة وبرامجها وهذا يحتاج إلى مستثمرين في هذا المجال سواء من السلطنة أو خارجها، وهناك عدد من الجهات المعنية بتنظيم هذا العمل ويحتاج إلى أن تكون جهة واحدة لتسهيل العمل وكذلك إقامة المعارض والبرامج التنشيطية والترويجية. مشيرا إلى أن المرافئ الحالية التي تملكها السلطنة غير مهيأة لاستضافة معارض لليخوت السياحية كما يحدث في عدد من الدول وهو سوق مهم وحيوي ينمو سريعا ويحتاج إلى بنية أساسية مهيأة ومرافئ أكبر وهذا بالإمكان توفيره في ظل المقومات التي تمتلكها السلطنة وتحتاج السياحة البحرية إلى ترويج أكبر من قبل الجهات الحكومية.

تطوير ميناء السلطان قابوس
مع إخلاء ميناء السلطان قابوس والتوجه إلى تحويله إلى ميناء سياحي يأمل ملَّاك القوارب واليخوت السياحية والخاصة إلى تخصيص جزء من ذلك الميناء ليكون حاضنا لتلك القوارب وبمقابل مادي، وهي فرصة مواتية للشركات الحكومية بأن تستفيد من مثل هذه المشاريع والتي تلاقي الإقبال في ظل قلة المرافئ والمواقف البحرية وما يحتاجه ميناء السلطان قابوس والذي يحتضن حاليا عددا بسيطا جدا من تلك القوارب إلى توسيع المواقف بالإضافة إلى رصيف حماية للقوارب وهذا ما يفتقده الميناء لمثل هذه القوارب كونه ميناء مفتوحا ومكاتب إدارية وبعض الخدمات اللازمة للمستأجرين.

الترويج للسلطنة
وقال خالد العزري مدير دائرة الأنماط السياحية بوزارة التراث والسياحة: تعد سياحة السفن السياحية واليخوت الفاخرة أحد أنماط السياحة الجاذبة وواحدا من القطاعات الواعدة للسياحة العمانية؛ لما يمثله هذا القطاع من أهمية في الترويج عن السلطنة كإحدى الوجهات البارزة إقليميا وعالميا من خلال استقطاب كبريات الشركات العالمية المسيرة للسفن العالمية للرسو في موانئ السلطنة المختلفة ومن ثم الاستفادة من تواجد هذه الفئة من السياح عن طريق تنظيم الرحلات والبرامج السياحية للمقاصد المختلفة وبالتالي تعظيم استفادة المجتمع المحلي من خلال المساهمة في توفير فرص عمل ورفد الناتج المحلي. وأضاف: تقوم الوزارة بالعديد من الجهود للإشراف على تنظيم قطاع سياحة السفن السياحية العالمية بالتعاون مع الشركاء والجهات الحكومية والخاصة ذات العلاقة وكذلك الوكلاء الملاحيون والسياحيون، وتحرص السلطنة على المشاركة سنويا في معرض استردي كروسي بمدينة ميامي بالولايات المتحدة الأميركية وهو أحد أهم المعارض المتخصصة عالميا في هذا النوع من السياحة ويتم تنظيم هذا المعرض بمشاركة ممثلي الحكومات والشركات العاملة في قطاع السفن السياحية، بالإضافة إلى الإعلاميين والباحثين والمهتمين بهذا المجال من مختلف دول العالم ويحظى بتغطية إعلامية واسعة. وتأتي مشاركة السلطنة في هذا العام في سبيل إعادة بناء العلاقات مع الشركات العالمية المسيرة للسفن السياحية بالتزامن مع إعادة تنشيط الحركة السياحة للتعافي من الأزمات والآثار التي خلفتها الجائحة وبحث فرص التعاون مع مشغلين جدد في هذا المجال.