د. سعدون بن حسين الحمداني:يتميز مجتمعنا العربي الأصيل بأعلى مراتب البروتوكول والإتيكيت في استقبال الضيوف، ومهما كان نوع ودرجة ومنصب الضيف، وتخبرنا مضايف ومجالس قبائلنا عن مدى الانضباط والاحترام والكرم، واستقبالهم برحابة صدر وبشاشة الابتسامة وحلوة الكلمة.تنفرد أغلب الشعوب العربية بهذه الصفة من ناحية استقبال الضيف والاحتفاء به والوقوف على خدمته منذ لحظة وصوله إلى حين مغادرته هو ومن معه، حيث يجلس الضيف في صدر المضيف وعلى يمين المضيف، ويُقدم له الطعام والشراب له أولا ثم بقية الحضور. ولكن ينقصهم بعض الأمور الأكاديمية والفنية الحديثة والأغلب معذورون لعدم معرفتهم بهذه المراسم والأعراف الدبلوماسية والتي أصبحت سمة من سمات العصر الحديث، لذلك فإن ظاهرة استقبال الضيوف هي من مقوِّمات النجاح والكرم وحسن الخلق حتى أن ديننا الحنيف يؤكد على ذلك.كما أن كثيرًا من المدارس الدبلوماسية في مختلف بقاع العالم اقتبست من العالم العربي الكثير من العادات الكريمة والطيبة.إنّ إتيكيت استقبال الضيوف من مختلف الدرجات والصنوف (نساء أو رجالًا) رسميًّا، شخصيًّا، عائليًّا، صباحًا، مساءً، زيارة عمل، زيارة مجاملة، زيارة صديق، زيارة خاصة، كلها لها (إتيكيتها) الخاص، وخصوصًا في عالمنا العربي والإسلامي، ولها سماتها المعروفة بالتقيد بتعاليم الإسلام وعاداتنا العربية الأصيلة، وحتى طبيعة ألوان الملابس الصباحية أو المسائية أو في استقبال الضيوف.ومن أهم بنود الإتيكيت في استقبال الضيوف: أن يكون الضيف على الجهة اليمنى من المستضيف منذ اللحظة الأولى لاستقباله من باب البيت أو المكتب، وأن يجلس أيضًا على اليمين في غرفة أو حجرة الضيوف أو المكتب. وفي الزيارات الرسمية يكون المنسق (السكرتير) أو مدير المكتب هو المكلف باستقبال الضيف من السيارة إلى أن يصل مكان اللقاء، وفي التوديع على المضيف توديع ضيفه إلى الباب الرئيسي لمكان الإقامة (البيت أو الدائرة الرسمية)، من الأفضل أن تقوم أنتَ بنفسك بفتح الباب لضيوفك في الدعوات العائلية والاجتماعية حصرًا، احرص على نظافة منزلك بصورة دائمة وذلك لتتجنب إحراج نفسك، نسِّق مواعيد ضيوفك بحيث يكونون متقبلين لبعضهم البعض، وتجنب استضافة الأشخاص الذين يوجد بينهم تنافر في الرأي، حتى لا تكون سببًا في حدوث المشاكل بينهم، الاهتمام بأطفالهم إن كانوا موجودين مع الضيوف، عدم المبادرة بمصافحة المرأة المحجبة إلا إذا بادرت هي بالمصافحة.ومن أهم بنود الإتيكيت في استقبال الضيوف: أن تستقبل ضيوفك والابتسامة تعلو وجهك، فالابتسامة هي مفتاح للقلوب، كما أنها من أرقى الأساليب في التعامل مع الأفراد، وكذلك نبرة ومستوى الصوت، فهي تُعد من علامات الضيافة، وعلى الضيوف عدم الجلوس طويلا بعد فترة الغداء أو العشاء؛ لأنه قد يسبب إحراجًا للمضيف، أجلسْ ضيوفك في غرفة مريحة واهتم بأن تكون درجة حرارة الغرفة مناسبة للطقس، ابتعد عن استعمال الهاتف النقال أمام الضيف إلا في الحالات الطارئة فقط، اترك مجالًا للضيوف أن يتحدثوا واستمع لهم بإنصات واهتمام، إذا انسكب أي شيء من الضيوف على الأرض أو على أثاث الغرفة لا تتذمر أمامهم بل استقبل الوضع بابتسامة لطيفة ورقيقة، إذا كان ضيوفك متزوجين فلا تقم باستدعاء ضيف أعزب واحد معهم، تحاشى وضع الرجلين على بعضهما وهزها أمام الضيوف، لا تحاول أن تظهر أمام ضيوفك بمستوى أعلى من مستواك؛ فذلك سيثير التساؤلات ويسيء إليك ولا تتكلم عن نفسك وتفوقك في أي مجال، يفضل تجنُّب وضع الملح الزائد في الأكل أو البهارات أو الأشياء الحارة؛ لأن ذلك قد يحرج الضيف وهو في حالة صحية معيَّنة، يكون تقديم المشروبات حسب ذوق الضيف وحسب عاداتنا الإسلامية والعربية، بالإضافة إلى عدم إجبار الضيف على أكل نوع من المأكولات أو الفواكه أو شيءآخر، الإصغاء الكامل للضيف والتفاعل معه بالكلام، وإفساح المجال للبقية بالنقاش مع تفادي الحديث في المواضيع الحساسة مثل: الدين والمذهب والأمور المالية كالراتب والمخصصات والقروض.هناك أنواع كثيرة لاستقبال الضيوف، ويستند ذلك إلى موضوع الزيارة ونوع الأشخاص وهدف الزيارة (رسمية، عائلية، اجتماعية، شخصية، نسائية، مختلطة)، وكذلك تفضل الأوقات دائمًا في كل أنواع الزيارات بين الساعة الـ(10) صباحًا إلى الـ(12) إذا كانت زيارة مجاملة، وكذلك مساءً بين الساعة الـ(6) إلى الساعة الـ(8)، أما إذا كانت هناك مأدبة غداء أو حفل عشاء، فإن استقبال الضيوف يستند إلى عمق العلاقة وطبيعة الزيارة وتاريخها وصلة القرابة.