د. سعدون بن حسين الحمداني:
يفتقر الكثير منا إلى إتيكيت آداب الطعام في المناسبات الرسمية والاجتماعية (سواء في الاختيار أو الأكل)، حيث يبدأ بملء الصحن التابع له ليصبح تلًّا من المأكولات المختلفة وكأنه يتفاخر أمام الجميع بذلك، ويبدأ بالتذوق وإرجاع المتبقي منها إلى الصحن الرئيسي. ومع كل الأسف سوف يرمي الأكل المتبقي بسلة المهملات، وينسى ويتناسى مفاهيم الصحة والأعراف والعادات العربية والإسلامية الراقية التي دائمًا تحثنا على الاعتدال في الأكل، قال تعالى: (كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غضبي..) (طه ـ 81)، وهو تنبيه إلهي لنا بعدم الإسراف والإكثار في الأكل من دون داعٍ ورمي المتبقي منه في سلة المهملات.
المدارس والمعاهد الدبلوماسية تقسم إتيكيت آداب الطعام إلى عدة أقسام منها: الرسمي، الاجتماعي، الشخصي، ثم تتفرع إلى: الفطور الصباحي، حفل شاي، دعوة غداء، دعوة عشاء، وترافق معها إتيكيت الأماكن ونوع الملابس (رسمي أو غير رسمي).
يتفاخر كبار الشخصيات والدبلوماسيون من مختلف المدارس الدبلوماسية الأجنبية حول طبيعة بروتوكول وإتيكيت نظام الأكل والشرب، وكيف يتبارون في إتيكيت تقديم أنواع الأكل والمشروبات للضيوف في المناسبات الاجتماعية العائلية أو الرسمية (النهارية أو الليلية) وبمختلف الأنواع والأشكال وبكميات محسوبة رغبة منهم بأن يكونوا القدوة في ذلك، ويتفننون في شكل المائدة وألوان الأغطية والصحون وبقية أدوات الأكل حسب صنف الغذاء ونوعه. فكثير أو أغلب المدارس تبدأ بإتيكيت آداب الطعام وبأنواع بسيطة ومتعددة وغير مسرفة بالكميات، كما هو معروف للجميع بالاحتفاظ بالموروث التراثي والشعبي لكل دولة وخصوصيتها.
إنَّ القرآن الكريم تطرق إلى إتيكيت (آداب الطعام الأكل والأشربة في كثير من الآيات الكريمة، فقد وردت لفظة (طعام) في القرآن 48 مرة وذكرت لفظة (أكل) 72 مرة، وجاءت مع ذكر الزروع 20 مرة ومع الفواكه واللحوم 11 مرة، وهو ما يؤكد المكانة الكبيرة التي تحظى بها التغذية في الإسلام، أما لفظة (شراب) فقد ذكرت 37 مرة.
ويخبرنا القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة عن أخلاقيات التغذية، أدبيات الأكل والشرب، نظافة الأغذية والأشربة، الأكل المتوازن، وأخيرًا حول نوعية المأكولات والمشروبات. هذا التقسيم الإلهي يعطينا نظرة شمولية للأطعمة والأشربة مبيِّنًا مكانتها في حياة الإنسان اليومية وكيفية التعامل معها.
إنَّ إتيكيت الطعام من الفنون الواجب تعلمها بإتقان في حياة كلِّ شخص من أجل تجنُّب الإحراج والسخرية من الآخرين؛ لأنها جزء من السلوك الإنساني والذوق العام عند تناول الطعام والشراب بشكل يعبِّر بصورة حضارية عن الإنسان وتحوُّله إلى مرحلة التحضر والتمدن العصري.
من النقاط الواجب اتباعها هي: علينا بغسل اليدين قبل تناول الطعام حتى يزيل الأوساخ عنهما؛ لكي لا يضر الشخص نفسه. التسمية قبل الأكل؛ أي: قول بسم الله الرحمن الرحيم. يكون الأكل وتناول الطعام والشراب باليد اليمين كما أوصى ديننا الحنيف. أن تتناول الطعام من أمامك، وعدم مد يدك على الطعام الذي هو أمام الآخرين ولا من وسطه. غسل اليدين بعد تناول الطعام مباشرة. الجلوس بطريقة مستقيمة وليس الاتكاء على أحد الجوانب. عدم التحدث أثناء الطعام عن الأموات والحوادث الحزينة. عدم البصاق والمخاط وقت الأكل. عدم ذم الطعام أثناء تناول الأكل. الابتعاد عن تناول الطعام في أواني الفضة والذهب؛ لأنَّه محرم. عدم ملء البطن والاعتدال في تناول الطعام. حمد الله بعد الانتهاء من تناول الطعام. عدم إحداث صوت وقت المضغ بالإضافة إلى عدم فتح الفم الممتلئ بالطعام. عدم خلط أنواع متنوعة من الطعام في الطبق نفسه، وإن كان ولا بد، فاخلط على قدر معلقة. قطع الطعام إلى قطع مناسبة الحجم للفم. عدم ملء الشوكة أو الملعقة بأكثر مما تستطيع أن تضعه في الفم. عدم الوقوف والانحناء من أجل تناول شيء عن الطاولة بعيدًا عنك. عدم وضع قطعة كبيرة على الشوكة أو الملعقة والقضم منها على دفعات. ممكن أكل الساندويشات باليد، وأكلها بالملعقة أو الشوكة في حال تقديمها مع الصلصة. عدم ترك بقايا الطعام في الطبق بعد الانتهاء من تناوله. عدم إخراج أي صوت أو إخراج الطعام في حال تناوله ساخنًا لكي لا تلفت الانتباه، ومن الأفضل شرب كمية قليلة من الماء في هذه الحالة. عدم إثارة الاشمئزاز أو إثارة الانتباه في حال كان الطعام غريبًا أو غير شهي. عدم استخدام أعواد الأسنان أثناء الجلوس إلى المائدة، ومن الأفضل الذهاب إلى الحمام في حال علق بقايا للطعام في الأسنان.
وفي الختام سوف نتحدث بالمقال القادم عن المأكولات التي تأكل باليد وأخرى بالشوكة والسكين.