تمكن فريق طبي بمستشفى جامعة السلطان قابوس من القيام بنجاح بعملية تعد الأولى من نوعها في السلطنة تتمثل في زراعة قلب صناعي لمريض يعاني من فشل القلب، وقام بالعملية الدكتور هلال بن علي السبتي بمعاونة فريق طبي متكامل مكون من الدكتور عادل بن هاشم الكندي والدكتور طارق علم الدين والدكتور سوريش تشنجودي والدكتور ناصر بن عبدالله الكمياني وطاقم فني متخصص إضافة إلى طاقم تمريضي مدرب ومؤهل لمثل هذه العمليات، ويتماثل المريض الآن للشفاء بصورة جيدة.وتكمن صعوبة العملية في أنها تعد الحل النهائي أمام الطبيب والمريض لمواجهة فشل القلب، إضافة إلى الاحتمال الكبير لفقدان حياة المريض أثناء العملية، وهو ما يشكل تحديا كبيراً أمام المريض وجراح القلب، حيث أن نسبة الوفيات في هذه العمليات مرتفعة جداً، لكنها تعد الحل الأمثل للتعامل مع هذه الحالات حيث لا يوجد خيارات كثيرة أمام المريض والطبيب لمعالجة حالات فشل القلب. ولكن في ظل الخبرة والمهارة الكبيرة للطاقم الطبي والتجهيزات الحديثة الموجودة بالمستشفى كان له دور كبير في نجاح هذه العملية وتماثل المريض للشفاء.وقد حظيت هذه العملية باهتمام الإدارة العليا لجامعة السلطان قابوس، حيث قام سعادة الدكتور علي بن سعود البيماني رئيس جامعة السلطان قابوس بزيارة المريض والاطمئنان على صحته، كما قام سعادته بالاجتماع بالطاقم الطبي الذي أجرى العملية وتوجه لهم بالشكر على جهودهم المبذولة وهنأهم على نجاح العملية وبارك لهم هذا الانجاز الطبي الذي يسجل باسم الجامعة.وفي لقاء مع الدكتور هلال بن علي السبتي استشاري أول جراحة القلب والصدر ورئيس وحدة جراحة القلب والصدر بالمستشفى الجامعي حيث قال.يعرف مرض فشل القلب الاحتقاني بعدم قدرة القلب على ضخ ما يكفي من الدم إلى أنسجة الجسم، وتعتبر أمراض القلب والشرايين من الأمراض الشائعة في العالم وتعد المسبب الرئيسي للوفيات، وتزيد هذه الأمراض يوماً بعد يوم بسبب زيادة أمراض السكري الضغط والشرايين، كما تنتج عن أمراض ارتفاع الدهون في الدم.ويتم تصنيف مرض فشل القلب لأربع درجات وهي: الدرجة الأولى تشمل الأشخاص الذين لم يحصل لديهم ضرر في القلب بعد ولكنهم معرضون له بدرجة عالية، مثال ذلك المرضى الذين يعانون من فرط ضغط الدم أو مرضى السكر أو داء تصلب القلب.أما الدرجة الثانية فتشمل المرضى الذين يعانون من ضرر في القلب لكن بدون ظهور أعراض المرض، ومثال ذلك المرضى الذين أصيبوا بنوبة قلبية أو المرضى الذي يعانون من خلل في الصمامات أو توسع البطين الأيسر وتشمل الدرجة الثالثة المرضى الذين يعانون من أعراض فشل القلب.أما الدرجة الرابعة فتشمل المرضى الذين يعانون من مرض متقدم ونهائي لا شفاء منه، ويأتي كخلل متقدم في عمل البطين الأيسر، وتبدأ الإصابة بضرر في عضلة القلب ويستمر في عملية متقدمة من التغير المستمر في شكل القلب، ومن جراء ذلك فأن عضلة القلب تتكثف خلال محاولة تخفيف توتر الجدار ثم يتوسع البطين ويصبح شكل القلب مستديرا، وهذا يسبق ظهور الأعرض بعدة أشهر وحتى عدة سنوات.وهناك عدة أسباب لفشل القلب منها تصلب وتضيق الشرايين، وفرط ضغط الدم، والمراحل المتقدمة من السكري، ونسبة الكوليسترول المرتفعة، ومشاكل الصمامات، وبعض الالتهابات الفيروسية النادرة، والأمراض التي تصيب الأنسجة وهناك بعض المرضى الذين لا يوجد لهم أي سبب معرف ممكن أن يؤدي إلى فشل القلب، وهذه كانت حالة المريض التي أجريت له العملية.والمريض يبلغ من العمر أربعة وعشرين عاماً وهو أب لطفل لم يكمل عامه الأول بعد، كان قد دخل المستشفى في أغسطس الماضي لإجراء عملية بسيطة في الأنف في إحدى المستشفيات بالسلطنة، ومن خلال الفحوصات تبين إصابته بتضخم في القلب وبعدها تم اكتشاف بأن لديه ضعف ووهن في عضلة القلب بشكل كبير جداً، وتدهورت حالته الصحية وأُدخل العناية المركزة للقلب في إحدى المستشفيات في سبتمبر وظل فيها لمدة ثلاثة أشهر، ولم يتحسن بأي نوع من الأدوية، ولم تكن له القدرة للذهاب إلى البيت طول فترة تنويمه إلا لأيام معدودة فقط، وبعدها تم نقله إلى مستشفى جامعة السلطان قابوس لإجراء العملية.والتحضير لمثل هذه العمليات يستغرق فترة طويلة تشمل على تدريب الطاقم الطبي الذي سيجري العملية وتتمثل في تأهيل الطبيب الجراح ومساعديه واستشاريي التخدير وفنيي التروية القلبية والطاقم التمريضي، كذلك تدريب المريض وأهل المريض على كيفية استخدام الجهاز ومدى تقبلهم وتوعيتهم بأهمية المحافظة على الجهاز وكيفية ربطه بالكهرباء وتغيير البطاريات وكيفية الحفاظ على نظافة الوصلة الكهربائية للجهاز، حيث أن المضخة تتطلب وجود دائم للطاقة الكهربائية ويتم ذلك عن طريق بطاريات يحملها المريض بشكل دائم حول منطقة الصدر.وتعد هذه العملية من العمليات الدقيقة جداً وأصعب من عمليات زراعة القلب بسبب شمولها على عدد من الأمور الفنية الواجب توافرها وعملها بشكل متوافق ودقيق لكل مرحلة من مراحل العملية، ولأن الطبيب الجراح يتعامل مع قلب صناعي يكون لزاماً عليه القدرة على التعامل مع أي مضاعفات قد تحدث أثناء العملية ومنها تقبله لعدم عمل الجهاز وبالتالي فشل العملية، كما أن تهيئة المريض وأهله وشرح خطوات العملية لهم ووجود نسبة كبيرة للوفاة جراء هذه العملية، ويجب على المريض معرفة أن هذا الحل يعد الوحيد المتاح ويجب عليه المحافظة على نفسه والجهاز ونظافته والالتزام بالأدوية وأوقاتها.كما تتم العملية بطريقة فتح القفص الصدري حالها حال العمليات التقليدية لجراحة القلب المفتوح، ويتم خلالها وضع المريض على جهاز القلب والرئة الصناعي الخارجي إلى أن تنتهي العملية، في العادة يأتي الدم غير المؤكسد إلى الأذين الأيمن ثم إلى البطين الأيمن ثم يدفع خلال الشريان الرئوي إلى الرئة، ويتم في الرئة سحب ثاني أكسيد الكربون من خلال عملية الزفير وإدخال الأكسجين خلال عملية الشهيق، ومن ثم يرجع الدم إلى الأذين الأيسر ومنه إلى البطين الأيسر وبعدها يتم الدفع بالدم إلى الجسم من خلال الصمام الأبهر.وفي هذه العملية كان لدى المريض فشل في عضلة القلب وتحديداً في عضلة البطين الأيسر، وبالتالي عدم قدرة العضلة على إمداد باقي أعضاء الجسم بالدم المزود بالأكسجين، ولذلك كان يعاني من تعب وإجهاد وتورم في القدمين وتورم في البطن وزيادة الماء في الرئة وقدم القدرة على النوم بارتياح، وحاجة المريض إلى تناول أدوية مدرة للبول.يتم وضع الجهاز في الجانب السفلي للبطين الأيسر ثم يمر بالمضخة وتقوم بدفع الدم إلى الشريان الأبهر وبعدها يتوزع الدم إلى الدماغ واليدين والكبد وباقي الأعضاء، وبالتالي يقوم الجهاز بوظيفة البطين الأيسر من القلب.ومن أكبر مخاطر العملية التي قد يواجهها الطاقم الطبي هي حدوث النزيف وحدوث الجلطات الدماغية، وأخطرها حدوث فشل في الجانب اليمين من القلب وفيها يتم وضع جهاز آخر لتعويض هذا الفشل وفي هذه الحالة نسبة الوفاة ترتفع بشكل كبير جداً بسبب زيادة كمية النزيف. ويلجأ الطاقم الطبي في بعض الأحيان إلى مساندة الجانب اليمين من القلب بصفة مؤقتة لمدة ثلاثة أسابيع إلى خمسة أسابيع وبعدها يتم إزالة الجهاز من الجانب اليمين والإبقاء على الآخر في الجانب الأيسر.فيما يمكث المريض بعد العملية بالمستشفى لمدة شهر كامل وبعدها يتحتم عليه مراجعة المستشفى بمعدل مرتين في الأسبوع خلال الشهر الأول بعد العملية وبعد مضي الشهر الأول يكون على المريض مراجعة المستشفى مرة واحدة كل أسبوع وبعدها في الشهر الثالث تكون المراجعات مرة واحدة كل أسبوعين، لتتحول إلى مراجعة واحدة فقط في الشهر بعد مضي ثلاثة أشهر من العملية، وتفيد هذه المراجعات في متابعة صحة المريض بعد العملية ومعرفة التطورات في حالته الصحية من خلال الفحوصات الطبية.وهناك ثلاثة احتمالات للمرضى الذين تجرى لهم مثل هذه العمليات وهي كالتالي: الاحتمال الأول هو أن تتعافى العضلة بعد العملية بسبب تخفيف الضغط على العضلة وقيام الجهاز بهذا الدور، وبالتالي تسترجع العضلة قوتها ويصبح المريض ليس بحاجة لهذا الجهاز، وبالتالي يتم إزالة الجهاز بإجراء عملية أخرى.أما الاحتمال الثاني هو الإبقاء على الجهاز إلى أن يشاء الله، أما الاحتمال الثالث هو زراعة قلب من متبرع وهذا غير موجود في السلطنة لعدم وجود متبرعين بالأعضاء خاصة المرضى الميتين دماغيا، ويلجأ بعض المرضى إلى الذهاب لبعض الدول التي لديها قوائم انتظار للحصول على متبرع، وإجراء عملية زراعة قلب.وتعتبر وحدة جراحة القلب والصدر من الوحدات النادرة حيث تعد إحدى وحدتين في السلطنة، وقد تم تزويدها بأحدث الأجهزة والمعدات الحديثة المتطورة في جراحة القلب والصدر ، وقد تم استقطاب مجموعة من الخبرات في هذه الوحدة من نيوزيلاندا ، وكندا ، والهند .ولقد جاء إنشاء هذه الوحدة نتيجة ازدياد أمراض القلب والتي أصبحت في ازدياد مطرد بسبب التغيير في أنماط المعيشة والحياة السريعة وكذلك ظهور الأمراض مثل الضغط والسكري ، وتنقسم الجراحات التي تقدمها الوحدة إلى قسمين هما :أمراض القلب : وهي : زراعة الشرايين لأمراض الشرايين ، وإصلاح وتبديل الصمامات القلبية ، وجراحة انتظام وتنظيم دقات القلب ، وجراحة الشرايين الرئيسية، وجراحات التدخل المحدود لصمامات القلب . أمراض الصدر والرئة: وهي التشوهات الخلقية ، والأورام ، والتهابات الصدروفي الإطار نفسه فإن الوحدة تتضمن الوحدة عددا من الأجهزة المتطورة الحديثة وهي جهاز القلب والرئة الصناعية ، وجهاز تنظيم دقات القلب ، وجهاز تحفظ الخلايا الدموية لإعادة استخدامها .ويبلغ معدل العمليات التي تقوم بها الوحدة بلغت خمس عمليات أسبوعيا ، وبلغت عدد العمليات التي قامت بها الوحدة مذ افتتاحها حوالي (1000) ألف عملية صدر وقلب وقد بدأت الوحدة نشاطها من 25 مارس لعام 2008م وبالنسبة للأخصائيين والطاقم الموجود بالوحدة فيوجد ثلاثة استشاريي جراحة ، وأربعة أخصائي قلب وثلاثة للتروية القلبية ، وثلاثة استشاريي تخدير قلب ، ومجموعة من المساعدين والفنيين وطاقم التمريض وبالنسبة للتعاون فإن الوحدة على تعاون وثيق بين مختلف الجهات والمستشفيات في السلطنة، وكذلك هناك تعاون وثيق منذ البداية مع كندا وألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية وذلك حتى يكون مستوى الخدمات والعناية التي تقدمها يضاهي المستويات العالمية المعروفة.