غالية بنت عامر المقرشية:
تعنى الإدارة الوطنية للملكية الفكرية بما ينتجه العقل البشري من إبداعات وابتكارات وعلوم، سواء تحولت هذه المنتجات الفكرية إلى ملكيات فكرية صناعية أو ملكيات فكرية أدبية، وتتناول ثلاثة جوانب مهمة: القانون والابتكار والاقتصاد.
وتدار الملكية الفكرية الوطنية وفق ثلاثة أنماط عالمية يمكن لأي بلد أن يختار أحد هذه الأنماط(1):
النمط الأول: مكتب وطني يدير أربعة أنواع للملكية الفكرية (براءات الاختراع والعلامات التجارية والتصاميم الصناعية وحق المؤلف) وتستخدم هذا النمط ما يمثل 40% من الدول الأعضاء في المنظمة العالمية للملكية الفكرية (وايبو).
النمط الثاني: مكتب وطني يدير ثلاثة أنواع للملكية الفكرية (براءات الاختراع والعلامات التجارية والتصاميم الصناعية)، ومكتب وطني آخر يدير حق المؤلف، وتستخدم هذا النمط ما يمثل 50% من الدول الأعضاء في الوايبو.
النمط الثالث: مكاتب وطنية منفصلة يتولَّى كلٌّ منها إدارة أحد أنواع الملكية الفكرية، ويستخدم هذا النمط عدد قليل من دول منظمة الوايبو.
وتقوم الإدارة الوطنية للملكية الفكرية بجملة من الأدوار منها: إعداد الاستراتيجية الوطنية للملكية الفكرية، واستقبال طلبات تسجيل الملكية الفكرية بمختلف أنواعها وفحصها وتسجيلها وحمايتها، ونشر الوعي بأهمية الملكية الفكرية والتدريب عليها، كذلك تعمل على التنسيق للمعاهدات الدولية التي تخدم المصالح الوطنية وتتابع تنفيذها، كما أنها تنهض بالابتكار الوطني لتسهم في الاقتصاد المبني على المعرفة، ومن أدوارها أيضا تحقيق الانتفاع بالملكية الفكرية، وتقديم المشورة والتوجيه للمبتكرين ومساعدتهم على تسويق ابتكاراتهم واستثمارها، كما تقوم بإدارة قواعد بيانات وطنية للملكية الفكرية تكون متاحة للعامة، بالإضافة إلى قيامها بالربط بين أصحاب حقوق الملكية الفكرية والمؤسسات المحلية والدولية ومؤسسات الإنتاج الفكري الأكاديمية والمنتفعين والقضاء.
وتحتاج الإدارة الوطنية للملكية الفكرية مجموعة من المقوِّمات لكي تقوم بأدوارها؛ من بين تلك المقومات: تحديد الوضع القانوني للإدارة، وتوفير الكوارد البشرية المتخصصة، وتوفير البنية التحتية الإلكترونية، وتقديم الدعم المالي، ومنح صلاحيات إنفاذ قوانين الملكية الفكرية وفض المنازعات.
وبالرجوع للعديد من الدراسات، تواجه الإدارة الوطنية للملكية الفكرية جملة من التحديات من بينها: تقسيم الأدوار على مكاتب متعددة، وقد تتبع جهات إدارية مختلفة في بعض الأحيان، وعدم منح الاستقلال الإداري والمالي للإدارة، وبطء في أتمتة الإجراءات وعمليات التسجيل، وضعف الوعي بالملكية الفكرية، وارتفاع رسوم التسجيل، وعدم كفاية الموارد البشرية وقلة تمكُّنها من عمليات الفحص الفني والموضوعي، واللجوء إلى مكاتب إقليمية للقيام بالفحص الموضوعي، الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع التكلفة المالية والمدة الزمنية، بالإضافة إلى قلة رغبة المبتكرين في تسجيل وحماية ابتكاراتهم أو استثمارها اقتصاديًّا، كذلك قلة مساهمة القطاع الخاص في دعم إنتاج وتسويق الملكية الفكرية، وضعف الربط بين الحكومة والجامعات والصناعة.
وختامًا... نجاح الإدارة الوطنية للملكية الفكرية يسهم في توفير فرص عمل ونمو في الاقتصاد المعرفي والناتج المحلي، وارتفاع نصيب الفرد من الدخل القومي، بالإضافة إلى التقدم الوطني في العلم والابتكار، كما أن نجاحها يعني رفع مستوى تصنيف الدولة في المؤشرات العالمية كالمؤشر العالمي للابتكار ومؤشر التنافسية العالمي.
ــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ المنظمة العالمية للملكية الفكرية. (2016). منهجية إعداد استراتيجية وطنية للملكية الفكرية: الأداة الثالثة: المؤشرات المرجعية. جنيف.

عضوة الجمعية العمانية للملكية الفكرية