رعت معالي الدكتورة مديحة بنت أحمد الشيبانية وزيرة التربية والتعليم صباح أمس افتتاح أعمال الندوة الافتراضية “فاقد التعلم في ظل جائحة كورونا: آثاره ومعالجته”، عبر منصة”زووم”، بحضور سعادة الدكتور حمد بن سيف الهمامي – المندوب الدائم للسلطنة لدى اليونسكو، والمكرمين أعضاء مجلس الدولة ، وأصحاب السعادة أعضاء مجلس الشورى، وأصحاب السعادة وكيلي الوزارة، وعدد من الخبراء من منظمة اليونيسف (UNICEF)، ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، والجمعية الدولية لتقييم التحصيل التربوي (IEA)، وتستهدف الندوة (700) مشارك من المعلمين والمعلمات، والإداريين والإداريات، والمشرفين والمشرفات، والأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين والإخصائيات، والطلبة وأولياء أمورهم بمختلف محافظات السلطنة، بالإضافة إلى المعنيين بديوان عام الوزارة، وعدد من الجهات الحكومية والخاصة، على مدى يومين متتاليين.
بدأت الندوة بكلمة ترحيبية ألقتها معالي الدكتورة مديحة بنت أحمد الشيبانية وزيرة التربية والتعليم، قالت فيها: شاءت الأقدار أن يمر العالم أجمع بجائحة كوفيد 19 التي أثّرت في الكثير من الجوانب الاقتصادية والتعليمية والاجتماعية وأرهقت كاهل الدول، ومثّل إغلاق المدارس ضررًا مباشرًا وإرباكًا كبيرًا لمنظومات التربية والتعليم جميعها؛ إذ تشير احصائيات منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة تأثر 94% من الطلبة بالجائحة على مستوى العالم في منتصف أبريل 2020، وهو ما يمثل (1.58) بليون من الأطفال والشباب بدءا من مرحلة ما قبل التعليم المدرسي إلى مرحلة التعليم الجامعي.
وأضافت معالي الدكتورة: سلطنة عمان ليست بمنأى عما يحدث في كافة دول العالم؛ إذ سارعت السلطنة إلى التجاوب مع تلك المعطيات الوبائية باتخاذ الإجراءات الاحترازية اللازمة، والتعاطي مع التحديات المختلفة التي أفرزتها هذه الأزمة، من خلال تعزيز التحول الرقمي للبيئة التعليمية، واعتماد تطبيق نظام التعليم المدمج؛ ضمانا لاستمرار العملية التعليمية التعلمية، وقد تمثلت تلك الإجراءات في الآتي: وضع إطار عام لتشغيل المدارس، يشتمل على مجموعة من التشريعات واللوائح اللازمة لتطبيق التعليم المدمج، وتطبيق البروتوكول الصحي الذي يكفل سلامة المجتمع المدرسي والتربوي بصورة عامة، وإعداد منصات تعليمية ومحتوى رقمي إلكتروني بالشراكة مع القطاع الخاص، وتعاون كافة المعلمين والتربويين؛ من أجل تقديم الخدمة التعليمية لأبنائنا الطلبة والطالبات، وقد تحقق ذلك عبر منصتي: منظرة لصفوف الحلقة الأولى من (1-4)، ومنصة Google classroom لصفوف الحلقة الثانية والتعليم ما بعد الأساسي، وتقديم حزمة من البرامج التدريبية عن بعد للهيئات التدريسية والإشرافية والإدارية؛ لتمكينهم من إيجاد طرق مبتكرة للتعليم في هذا العام الاستثنائي، وقد أظهرت مؤشرات الأداء الرقمية الجهود الكبيرة التي بذلها المعلمون جميعا وإدارات المدارس وفنيو تقنية المعلومات في تفعيل المنصات التعليمية وتوظيفها في تعليم أبنائنا الطلبة بما يتسق والخطط التربوية الموضوعة.
عقب ذلك قدم سعادة أ.د عبدالله بن خميس أمبوسعيدي، وكيل الوزارة للتعليم، الورقة الأولى التي جاءت بعنوان “التعليم في ظل جائحة كورونا وما بعدها: فاقد التعلم أم فاقد التعليم”، تطرق فيها إلى ملامح تأثير جائحة كورونا على التعليم ، واعتبرها بمثابة الانزيم الذي حفز التغيير في المنظومة التعليمية: كإغلاق عدد كبير من المدارس إما كليًا أو جزئيًا، حيث إن حوالي 60% من الطلبة لم يتلقوا التعليم، كما توقف التعليم في بعض البلدان كليًا، من جهة أخرى ازدياد الضغط على المدارس التي لا تزال مفتوحة، والضغط غير المتوقع على نظام الرعاية الصحية، وعدم المساواة في إمكانية الانتفاع بمنصات التعلّم الرقمية.
وأشار سعادته إلى: أن هناك عدة مكتسبات للتعليم في ظل جائحة كورونا، منها التحول الرقمي لعمليتي التدريس والتقويم، فقمنا بتطبيق ما كنا نتردد في تطبيقه في السابق، وتمكين المعلم في قيادة التعلم، وتعزيز الشراكة مع المجتمع المحلي بشكل أوسع، أما عن التحديات التي واجهت التعليم في ظل الجائحة تمثلت في تقييم الطلبة، واتقان التعلم عن بعد، والدافعية، والتحفيز لدى الطلبة، وتأثر الجانب النفسي والاجتماعي لهم.
بعده قدم الدكتور ديريك هاستيدت،الرئيس التنفيذي للجمعية الدولية لتقييم التحصيل التربوي (IEA) ورقة العمل الثانية والتي جاءت بعنوان (الأدوات الفاعلة لتشخيص وقياس فاقد التعليم) حيث تحدث في بداية الورقة عن الجهود الكبيرة التي بذلتها وزارات التربية والتعليم، والمعنيون بالتربية والتعليم في مختلف دول العالم، بجانب الدور الكبير الذي قام به المعلم وولي الأمر في ظل جائحة كورونا كوفيد-19؛ للمحافظة على استمرار العملية التعليمية ومعالجة الوضع الاستثنائي للعام الدراسي من خلال توفير التعليم عند بعد للطلبة وهم في منازلهم، كما أوضح بأنه من الممكن تفهم القلق المتزايد وكثرة الحديث بين صانعي السياسات والقيادات في مجال التعليم حول موضوع (الفاقد التعليمي)، وكيف من الممكن تحديده بشكل حاسم، وما هي طرق المساعدة في تقليل هذا الفاقد؟، كما تطرق فيها إلى التعريف بمصطلح ( الفاقد التعليمي ) والذي يشير إلى فكرة أن الطلبة قد فقدوا شيئًا من معارف ومهارات التعليم كانت تتوفر لهم في السابق، وبالتالي أوجد ذلك نوعا من الفجوة التعليمية بين ما تلقاه الطالب من معارف وبين ما كان من المفروض أن يتعلمه.
وقدم أندرياس شلايشر، مدير التعليم والمهارات في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، الورقة الثالثة، بعنوان: “آليات معالجة فاقد التعليم”، وقال فيها: “تسبب انتشار جائحة فيروس كورونا (كوفيد-19) في أزمة تعليمية غير مسبوقة، مما جعل استخلاص الرؤى من الماضي أمرًا صعبًا، ولكن في الوقت نفسه حثّنا على الاطلاع على كيفية استجابة أنظمة التعليم الأخرى لتحديات مماثلة، وقد جمعت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية البيانات حول التطورات أثناء انتشار هذا الوباء، والتي تُظهر أن بعض الدول استطاعت إبقاء المدارس آمنة، ومفتوحة؛ لاستقبال الطلبة حتى في حالات الوباء الصعبة، كما أثبتت هذه البيانات أن إجراءات التباعد الاجتماعي، والمحافظة على النظافة هي الإجراءات الأكثر اتباعًا لمنع انتشارفيروس كورونا، ولكن في الوقت نفسه فرضت هذه الإجراءات قيودًا كبيرة على الطاقة الاستيعابية للمدارس وأنظمة التعليم، وتحكمت في اتخاذ الخيارات المطلوبة فيما يتعلق بتخصيص الفرص التعليمية، فالدول التي أحسنت إدارة هذه الأزمة هي من كان لديها أنظمة تعليمية جيدة. وقدمت سعاد نبهان خبيرة برامج التعليم والشباب بمنظمة اليونيسف الورقة الرابعة، والتي جاءت بعنوان: “المكتسبات التي صاحبت جائحة كوفيد19 والطريق إلى الأمام” : تطرقت فيها إلى التعريف بفاقد التعلم والأسباب والتدابير العلاجية المرتبطة في حالات الإغلاق للمدارس التي اندرجت تحت أربعة بنود رئيسية وهي: تخفيف أثر إغلاق المدارس على المهارات الأساسية للأطفال، وتقييم آثار الوباء، وفعالية التعلم عن بعد، من أجل اتخاذ القرارات المناسبة في ظل الظروف المتغيرة، واعتماد أساليب مبتكرة؛ لرصد وتقييم التعلم، وتوفير تعلم أكثر شمولا عبر تطوير التعلم عن بعد وتنويع قنواته، وتعزيز التواصل بين المعلمين والأهل والمتعلمين، كما تطرقت فيها إلى العواقب الخطيرة والطويلة الأجل على الاقتصاد والمجتمعات من جراء وقف التعليم: كزيادة عدم المساواة، وضعف النتائج الصحية، والحد من التماسك الاجتماعي، وتأثر الأطفال.