جودة مرسي:
تحظى المرأة باهتمام بالغ من الرجل لما تمثله من مكانة كبيرة في الأسرة والمجتمع حتى خصص لها يوم عالمي سمي باسمها، وهو اليوم العالمي للمرأة، ويتبع هذا اليوم في نفس الشهر "مارس" احتفالا آخر للمرأة الأم، حيث يحتفل في العديد من البلدان بيوم الأم، كتعبير عن عطاء الأم وتفانيها في خدمة ورعاية بقية أفراد الأسرة التي هي تمثل لهم رمزا للتضحية والعطاء والاحتواء. وتنضم السلطنة إلى بقية دول العالم في الثامن من مارس من كل عام للاحتفال باليوم العالمي للمرأة. وفي هذا العام، احتفل العالم باليوم العالمي للمرأة تحت عنوان "المرأة في القيادة"، وقد وجَّهت السَّيدة الجليلة حرم جلالة السُّلطـان المعظم ـ حفظها الله ورعاها ـ كلمة بمناسبة يوم المرأة العالمي قالت فيها:
“يحتفل العالم في مثل هذا اليوم من كل عام بيوم المرأة العالمي، إيمانًا بمكانتها العظيمة، وعرفانًا بأدوارها الأصيلة في بناء الأمم، وتأكيدًا على الاستمرار في دعمها وتمكينها في كافة المجالات.
واليوم ونحن نشارك العالم هذه المناسبة السعيدة، فإننا نفخر ونعتز بما تحقق للمرأة العمانية من مكانةٍ مرموقةٍ محليًّا ودوليًّا، تعكس رؤية وطنية متقدمة".
وبالفعل تحقق للمرأة العمانية الكثير من النجاحات المجتمعية فأصبحت وزيرة وممثلة للمواطنين في مجلسي الدولة والشورى، وأخذت مكانات متميزة أثبتت نجاحاتها من خلال تولي عجلة القيادة في العديد من المناصب، وشاركت في صنع النهضة العمانية، وأصبح لها جمعيات في كل ولايات السلطنة تحمل اسمها تناقش فيها همومها وطموحها، وتسهم في نمو المجتمع، وتشارك من خلالها في الفعاليات والمناسبات الدينية والوطنية، مما دفعها في أن تنال ما تستحق من ثناء الرجل على أدوارها الفعالة في المجتمع، سواء في البيت أو العمل، وكذلك إبداء الرأي في مختلف القضايا السياسية والحياتية، وهن من يقدمن الإلهام للكثير من النجاحات، ويقفن في الصفوف الأولى لتحمل المسؤولية.
كما أن المرأة العربية رغم معاناتها في بعض المجتمعات من نقص لبعض حقوقها، إلا أنها تقدمت الصفوف لحمل شعار التضحية، كما يحدث في فلسطين المحتلة من نضال تتحمل المرأة الجزء الأصعب منه، وكذلك في البلدان العربية التي كثر فيها أعداد اللاجئين، فكان على المرأة أن تعمل وتوفر المأكل والحماية والعيش في أوقات خلت حياتها من رجل يعينها على تحمل هذه الأزمات.
وفي تأمل لشعار هذا العام والذي يحمل عنوان "المرأة في القيادة"، والذي يأتي بعد مرور أكثر من قرن "110" والعالم يحتفل بيوم المرأة، بإظهار جهودها المميزة في تربية النشأ وتحمل مشاكل العمل، وبالفعل هي تستحق هذا الاحتفال بها، بل هي تستحق أن يحتفل بها كل يوم طوال العام، فنحن نحتفل بالأم والزوجة والأخت والابنة، إنها المرأة التي كرمتها الديانات السماوية، وفي الصدارة منها الدين الإسلامي، بأن خصص باسمها سورة من سور القرآن الكريم سماها سورة «النساء»، وحينما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك".
وفي ظل بحثها عن القيادة ـ كما يقول شعار هذا العام ـ يجب أن تكون علاقتها مع الرجل قائمة على الحب والاحترام، لأن الحياة ليست صراعا بين أنت أو أنا، ليس من في الأسرة الحاكم أو المحكوم، لكن هذه العلاقة الثنائية يجب أن تنضج على نيران الخبرة الإنسانية في رحلة الحياة، لنتكامل بلا إقصاء لرأي دون آخر، فنصنع التنوع والثراء من الاختلاف والتعارض، فإن كان هناك صراع بين المرأة والرجل فهو ليس عنصريا وليس احتكاريا وليس إقصائيا أو هندسيا، برغم ما يبدو أحيانا على السطح في بعض الأزمات الحياتية لإثبات الذات. وتقديرا وإجلالا واعترافا منه للمرأة بدورها، لم يطالب الرجل بمساواته بها في الحقوق التي تتمتع بها، ومنها بطبيعة الحال أن يكون له يوم للاحتفال به من قبل الأمم المتحدة، كما يحتفل سنويا بالمرأة، أو يكون له يوم تلتف حوله الأسرة لتكرمه على عطائه؛ لأن الرجل يدرك جيدا أن الحياة بدون الشريك الآخر "المرأة" كمن يفقد الهواء تحت الماء، وحينها لن تكون الحياة قابلة للحياة.