[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/mohamedabdel.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]محمد عبد الصادق[/author]جميل أن تحرص الأمم المتحدة على احترام حقوق الإنسان وأن تنشئ من أجل ذلك المجالس والمنظمات الدولية، والتي طالما سيطرت عليها الدول العظمى، كونها تمتلك رصيدا وتقاليد عريقة في الحرية والديمقراطية وقطعت شوطا طويلا في منح الحقوق الأساسية لمواطنيها، مثل حرية التنقل والمساواة والحق في المحاكمة العادلة وافتراض البراءة وحرية الرأي والتفكير والاعتقاد وحق التظاهر وحماية حقوق الأقليات، وتجريم التعذيب والعبودية والسخرة والاعتقال والاحتجاز التعسفي ونبذ الكراهية والعنصرية.ورغم بعض التجاوزات والانتهاكات التي يمكن أن تحدث من حين لآخر في بعض هذه الدول، لكن لا نستطيع إنكار تفوقها في هذا المجال، لدرجة التطرف في إعطاء الحريات لفئات وممارسات وعلاقات منافية للفطرة والطبيعة الإنسانية، كانت في الماضي القريب حبيسة "التابوهات" الاجتماعية في الغرب، ولكنها في السنوات الأخيرة خرجت للعلن، وأصبحت جزءا أساسيا من السياسة والثقافة والفن في أوروبا وأميركا، فلا يكاد يخلو برنامج انتخابي، ولا كتاب أو رواية أو فيلم أو حتى عمل تشكيلي من إقحام تلك الحقوق الشاذة، وهناك منصة إلكترونية غربية شهيرة لعرض الأفلام والمسلسلات لا يخلو عمل تنتجه من إقحام لهذه الممارسات الشاذة، وللأسف مشترك بهذه المنصة ملايين الشباب والمراهقين العرب، وشهدت مؤخرا رواجا كبيرا أثناء فترات العزل الممتدة منذ ظهور وباء كورونا، وقضاء الشباب ساعات طوال أمام الشاشات يتابعون ما تبثه هذه المنصات.ومن أجل تحسين وضع حقوق الإنسان حول العالم أنشأت الأمم المتحدة مجلسا لحقوق الإنسان والذي يقدم تقارير دورية سنوية عن حالة حقوق الإنسان في دول العالم للجمعية العامة، ويتكون المجلس من 47 عضوا ممثلين لدول يتم انتخابهم عن طريق أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة وعددهم 193دولة، ويراعى أن تكون الدول المرشحة سجلها خاليا من انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، بل توقع على تعهدات والتزامات باحترام حقوق وحريات محددة، ليتسنى لها نيل شرف عضوية المجلس.وكثيرا ما اتهم مجلس حقوق الإنسان بالازدواجية والنفاق، بسبب نجاح دول في الفوز بعضويته رغم ما يدور حولها من شبهات انتهاك حقوق الإنسان، أو صدور قرارات إدانة لا تأتي على هوى بعض الدول الأعضاء، ووصل الأمر لانسحاب إحدى الدول الكبرى من المجلس في العام 2018م اعتراضا على إدانة المجلس لإسرائيل لبنائها المستوطنات في الضفة الغربية والجولان.ويستقي المجلس معلوماته عن طريق المنظمات الحقوقية وتقارير الخبراء وزيارات الأعضاء للدول، وفتح المجال لتلقي الشكاوى الفردية والجماعية المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان، ولكن يظل هناك تحالفات وتكتلات وحسابات سياسية ومصالح تحكم تصويت الأعضاء في المجلس.ولعل أعظم حق للإنسان هو الحق في التنمية والذي كفله مؤخرا الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والذي يطالب الدول والحكومات بتحقيق تكافؤ الفرص والتوزيع المنصف للثروة والموارد الاقتصادية، وصيانة حقوق النساء والمسنين والأشخاص ذوي الإعاقة، ومكافحة الفقر والتهميش، وتحسين مستوى معيشة جميع أفراد المجتمع، ومنع الاحتكار والاستغلال الاقتصادي، وتمكين الشباب بتوفير فرص العمل والحياة الكريمة.ومن جهتي أضيف .. حق الإنسان في الحصول على اللقاح، حيث كشفت جائحة كورونا عورات العالم الذي يدعي الإنسانية والتحضر والرقي واحترام حقوق الإنسان، فـ90% من لقاحات كورونا المنتجة حتى الآن استحوذت عليها 10 دول فقط الأكثر تقدما وثراء، وتركت بقية دول العالم ينهشها الوباء؛ عاجزة عن الحصول على أقل الجرعات التي تحتاجها لحماية أطقمها الطبية التي تواجه كورونا بصدور عارية، أو الفئات الأكثر عرضة لمضاعفات المرض الفتاك.أخشى أن ينتهي بنا المطاف، وقد انتهت أوروبا وأميركا والصين واليابان وبعض الدول الغنية في آسيا وأميركا اللاتينية من تطعيم شعوبها بنهاية هذا العام، ثم تفرض هذه الدول حظرا على التعامل مع بقية دول العالم الموبوءة بكورونا، وتتعامل معها كما تعاملت مع الإيبولا والملاريا والحمى الصفراء التي قضت على ملايين الأفارقة جنوب الصحراء دون أن يهتز للبشرية جفن.لا بد من تدخل أممي لصون وحماية حق الإنسان في الحياة من خلال منظمة الصحة العالمية لتأمين جرعات كافية من اللقاحات، والضغط على الشركات المنتجة، والتي جنت أرباحا بالمليارات، لتأمين جرعات مجانية أو بأسعار مخفضة للدول الأكثر فقرا، وأن يتم ذلك في أسرع وقت، ويكفي انتهاكا لحقوق الفقراء.