رفيف بنت عبدالله الطائية:مقال أهديه لروح معلمتي لمادة اللغة العربية بمدرسة دوحة الأدب الثانوية الأستاذة زينب حسنين مخلوف رحمها الله.لا أعرف لماذا في بعض اللحظات ينتابني الحنين إلى الماضي مع معلمة اللغة العربية عندما كنت في المرحلة الثانوية، تلك المعلمة التي كانت لها الأثر الكبير في تكوين مراحل شخصيتي بتلك الحقبة من العمر.فهذه المعلمة ليست كأي معلم تلقيت منه الدروس، فالبقية كانوا مجرد شخصيات أكاديمية لي أكن لها الاحترام، ولكن مع أستاذتي زينب رحمة الله عليها أمر مختلف..فكنت لا أناديها بأستاذة أو كما يقول جيلنا سابقاً أبلة زينب بل تعدى أن كنت أناديها ماما زينب.برغم من تكوين شخصيتي في ظل أسرة ولله الحمد متعلمة ومتحابة ومتآلفة وبحكم أنني كنت الأصغر ما بين أخوتي فقد نهلت الكثير من الحب والحنان، ولكن مع ماما زينب رحمة الله عليها أمر مختلف كنت استمتع بحصتها ونصحها وارشادها لي، كنت اتفاخر واعتز بتشجيعها الدائم لي، وعلي رتابة ودسامة مادة اللغة العربية إلا أنني بسبب هذه المعلمة المميزة والأم الثانية لي أحببت اللغة وباتت لي حصة رسم وموسيقي.كنت انتظر حصصها بفارغ الصبر، لماذا؟ كنت لا أعلم....وقد أكن علمت ذلك في فترة متأخرة من مراحلي الدراسية وعندما أصبحت فتاة عاملة.تعلمت الكثير منها، أما قصتي مع معلمتي قصة لا تحتويها أسطر مقال...ولا حكاوي الزمن فهي بالنسبة لي أكبر بكثير عن كونها معلمة.مرت سنتين من مرحلتي الثانوية، وتخرجت...ودخلت الجامعة وازددت ثقة وايمانا بأن هذه المعلمة لها فضل كبير في تكوين مراحل النمو الفكري، وتكوين كاريزما شخصيتي الأقرب للشخصية المعطاءة والايجابية، وبت أكبر وصار حبي لبلدها مصر شغف وعشق.تعلمت الكثير منها لم أكن حقاً أعي ماذا تعلمت، ولكن كنت على يقين تام بأنني لم أتعلم منها فنون اللغة العربية وعلومها فقط بل الأكثر.فأخلاقيات أمي ومعلمتي زينب باتت ترافقني في خطوات حياتي، في دراستي الجامعية، وخلال فترة عملي، في كل شؤون حياتي أراها كناصحة وموجهة لي حتى أخذ الله أمانته ورحلت عن عالمنا في شهر يناير منعام ٢٠١١فمازال طيفها يراودني وأذكر في كل موقف أمر به أخلاقيات وفكرة هذه المعلمة.وبدأ بكل ما أمر فيه في حياتي يظهر كل ما تعلمته منها، ولماذا أنا أرى فيها ما لم أره بأي معلمة أخرى معها بدأت بالتدريج في كل مراحل حياتي تظهر هذه الدروس الأخلاقية والفكرية.وبعد فترة من تخرجي من الجامعة، إذا بي ينادوني بالمنزل أن هناك اتصال خاص لي، واذا بي اتفاجأ بأمي ومعلمتي زينب متصلة بي من القاهرة ليس لمصلحة وليس لأي هدف سوى لتقول لي اشتقت إليك يا ابنتي اشتقت لشقاوتك فأنت ابنتي الروحية ولا تقطعي سؤالك عني...وقالت شهادة في حقي لا أعرف إن كنت استحقها أم لا يا ابنتي أنت فتاة مميزة وطالبة لم استطع أن نسيانها مدى حياتي فأنت في ذاكرتي تلميذة مميزة وابنة....شعرت كم أنا محظوظة بأن أنال شرف حب معلمة مثلها.واستمر تواصلي معها إلى أن رحلت عن عالمنا في يناير ٢٠١١، فعندما علمت بهذا الخبر المؤسف حينها علمت وأصبحت على يقين لم هي تمثل لي شخصية مميزة.علمتني هذه المعلمة المعنى الحقيقي للمرأة المسلمة، علمتني الإخلاص والوفاء، هذبتني أن الكبير لا ينتظر الأصغر لكي يبادر بالاطمئنان والسؤال، بل الروح والذات الأسمى هي من يبادر بذلك...تعلمت منها الاهتمام واحتواء الآخرين والصدق والعطاء بلا حدود.علمتني ماذا تعني كلمة احترام المعلم، علمتني معنى الأمومة الروحية، تعلمت منها كيف أثمن ما هو بواقعي وكيف أشعر بجماليات الحياة المحيطة، هذبتني على الرضا، والاستمتاع باللحظات للشعور بالسعادة.تحية لروحك الطاهرة يا ماما زينب، تحية لروحك الجميلة يا غاليتي، معلمتي وأمي أحبك وسأظل على ذكراكِ مدى حياتي، ستظلين الروح الموجهة لأمور حياتي، والقلب النابض بالعطاء لي، ستظلين ذلك الفخر والشرف أنني تتلمذت بين يديك، رحمك الله أستاذتي.