[author image="http://alwatan.com/files/2014/04/ahmedalma3shany.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]أحمد المعشني[/author]
تمثل النية وعيًا مستترًا يعبر عن ذاته من خلال تجلي وتجسد ما تحمل في داخلك من نوايا، يشيع في ثقافتنا الشعبية مقولة:(دحار إنيتك) وتعني: قابل نيتك، أو ستقلى نيتك.
كذلك تقال لمن يدعي عمل الخير للناس من حوله وأفعاله تتعارض مع ما يقوله، أو يعمل أذى في الخفاء، فتكون النية فيصلًا وقاضيًا بينه وبين من يتعامل معهم.
وتمثل النية طاقة تنتشر في مناحي حياة الناس بكل مجالاتها، الشخصية والاجتماعية والمادية، وتكاد النية أن تكون وعيًا كونيًا يربط كل شيء بكل شيء، فمهما حاول إنسان أن يخفي عن الناس ما يحمل لهم من نوايا فإن نيته تحركه نحو المصير الذي يستحقه ولو بعد حين، وكذلك فإن من يحمل نية طيبة فإن نيته تتجسد خيرًا وبركة في حياته.
فالنية تقود صاحبها وتدفعه بفاعلية في مجالات الصحة والمال والأسرة، فهي تتولى بذكاء روحي مجالات حياة الإنسان المختلفة، ويعرفها علماء الروح والطاقة بأنها مجموعة مقاصد وعزم تعمل على تنشيط طاقات الإنسان العقلية والوجدانية والسلوكية في اتجاه ما ينوي تحقيقه.
لا يرى صاحب النية ما يجري خلف النية، ولا يستطيع ترتيب الأحداث بالمنطق والقياس والمشاهدة لكنه يرى النتائج تتحقق ويشاهد ما يشبه المعجزات، فالنية خارطة طريق عقلية وروحية لا تضل الطريق تقود الشخص صاحب النية إلى تحقيق أهدافه بكفاءة ودقة وسرعة تشبه المعجزات فعلًا.
ذات مرة حضرت دورة مع المدرب الأميركي (كيرت مورتسن) وأخبرنا عن تجربة له مع النية عندما كان طالبًا في الجامعة سأله أحد أقربائه عن هدفه فأخبره مورتسن على الفور بأنه سيكتب كتابًا عن الكاريزما وسيحقق أعلى المبيعات، فضحك قريبه ساخرًا ومستغربًا لأنه يعرف مورتسن كطالب متوسط التحصيل وضعيف في مهارات الكتابة والتأليف، ويعرفه هزليًا ويميل إلى الدعة والراحة.
يُعقّب الدكتور مورتسن على تعليق قريبه: لكنه لا يعرف أنني أستطيع أن أتطور وأستطيع أن أستعين بشخص يمتلك مهارات في التحرير والتأليف، وفوجئ الذين كانوا يراهنون على فشل مورتسن بإصداره كتاب:(القيادة بالكاريزما) الذي كتبه ونشره بعد تخرجه من الجامعة بقليل وحقق الكتاب أعلى المبيعات وتمت ترجمته إلى عدة لغات.
إن النية طاقة تتشكل قوتها وتترتب أحداثها بطريقة مستترة ومجهولة، يقول عنها الكاتب الروسي (فاديم زيلاند) بأنها قرار بالامتلاك والفعل، وهي تختلف عن الأمنيات والرغبات التي تمثل رأس مال الحالم المفلس الذي لا يتحرك ولا يقوم بخطوات عملية، لأن النية تتطلب فكرًا واعتقادًا وقناعة مقرونة بالعمل والحركة مع العزم والإصرار والاستمرار بأن ما تضعه في عقلك على شكل نية سوف يتحقق ويتجسد على أرض الواقع.
فعلى الإنسان أن ينوي ويعمل ويجتهد وعلى الله سبحانه وتعالى التمكين، وبالتالي يستطيع الإنسان أن يتفقد نواياه في كل لحظة لأنها تقود العقل والعاطفة والعزم والفعل، ولكي تحقق النية نتائج إيجابية فإنها تتطلب أن يحدد الشخص ما يريد تحقيقه، من أهداف تتعلق بما يحقق طموحه كالدراسة أو التوظيف أو صناعة المال أو الزواج أو الشفاء من المرض، ثم يستحضر النية لفظا وعزما ويبدأ خطوات عملية وفقًا لاستطاعته، وأن يستمر على ذلك ويتفقد نيته باستمرار ويجددها، وعليه أن يعامل نفسه باستمرار كما لو كان قد حقق ما يريد، تصرف بنفس الطريقة التي ستتصرف بها عندما تتجسد نيتك وتتحقق على أرض الواقع فعلًا، واعلم بأنك على قدر قوة نيتك ويقينك وشعورك بأنك فعلًا قد حققت ما تطمح إلى تحقيقه فإن النتائج تأتي لتظهر قوة وصدق نيتك.

* رئيس مكنب النجاح للتنمية البشرية مؤسس العلاج بالاستنارة ( الطاقة الروحية والنفسية)