رفيف بنت عبدالله الطائية:
نعيش في زمن تختلف فيه الظروف والثقافات الاجتماعية والفكرية، زمن المتغيرات، والمفاجآت، زمن ثقافة وسائل التواصل وعدم الثقة والحذر من الآخرين ... بتنا نعيش في حاضر التعايش والتقبل المفروغ منه في التعاملات الاجتماعية المحيطة بنا بغض النظر عن منبع وكيفية هذه العلاقة الاجتماعية فقد تكون على صعيد العمل والجيرة والأهل أو وسيلة تواصل اجتماعي ... ولتكملة مشوار الحياة بشكل صحي وسليم لابد من النظرة العميقة للذات... فما المقصود من النظرة للذات؟
إن التغيير في نمط الحياة ليس مقصورا على تغيير مستوى معيشي، أو تغيير في مجال مؤسسي وعملي....بل بات التغيير على الصعيد الذاتي أيضا.. بمعنى تطوير وتنمية الذات لمواكبة التغيرات التي تطرأ على نمط الحياة بشتى مجالاتها.
لو نتأمل الطبيعة الذاتية للإنسان... فهو مخلوق بالفطرة قابل للتغيير من أجل تنمية وتطوير الذات نحو الأفضل، وتعايش بيئي بشكل متوازن وسليم.
ومع تأثيرات التكنولوجيا الحديثة في نمط الحياة هناك ثلاثة أصناف من الناس... الصنف الروتيني الذي يرفض التغيير وهو النمط ذو الثقافة التقليدية بمعنى لا متغيرة... والصنف الثاني المتقبل للتغيير وهو النمط الاندفاعي والمنجرف وهو الصنف ذو التغيير البعيد عن القيم.... أما الصنف الثالث وهو ذو التغيير المتوازن ويكون ما بين الصنفين السابقين فهو نمط متغير من أجل الارتقاء بالذات نحو الأفضل ولكن بتوازن.
والصنف الذي سأركز عليه في أسطر مقالي هو الصنف المتغير المتوازن الذي يبحث عن الارتقاء بالذات نحو الأفضل بما يتناسب مع الفكر الاجتماعي والقيم الدينية، حيث هذا النمط يتميز بفن الارتقاء بالذات... ويجمع ما بين الذكاء الاجتماعي من حيث التعامل مع مجريات الحياة، والذكاء الذاتي من حيث فهم الذات والقدرات والمهارات التي يستطيع أن يبدع فيها.... فهو صاحب فكر من سار على الدرب وصل...مهما كانت الإخفاقات التي قد يجدها أثناء مرحلة تطوير الذات نحوف الأفضل، ولكنه في النهاية يحقق النجاح نحو الارتقاء بالذات،فهو ذو طابع متحدي وشجاع ومجازف.
إن ماهية تطوير الذات أمرمهم جداً، حيث إنها مبدأ الرقي بالذات الإنسانية في مختلف مجالات التعاملات الاجتماعية... ويسعى فيها الفرد لتطوير ذاته نحو الرقي بالأخلاقيات والفكر الإنساني ويعمل على مبدأ الارتقاء بالذات خُلقا وفكراً... إذ أنه حريص على تنمية الذات من حيث القدرات والمهارات والفكر والأخلاقيات بما يتناسب مع طبيعته الفطرية وما يتناسب مع المجتمع المحيط به فهو صاحب تغيير متوازن للذات.
وإن كان هناك تساؤل عن كيفية تطوير الذات.... الكيفية نفسها نابعة من التوازن ما بين قيم المجتمع والتغييرات المفاجئة التي قد تطرأ بطبيعة الحياة الإنسانية، فلا ننسى نحن نعيش في زمن التطور والمفاجآت...وعند تطوير الذات لابد من دمج القيم الاجتماعية وبما يتناسب مع المتغيرات الحديثة بشكل متعادل ومتوازن... وذلك لأنه زمن التعايش مع المتغيرات.
وعند تطوير الذات لابد من توافر عدد من السمات الشخصية لدى الفرد نفسه، حيث إنه يواجه قيما مجتمعية، وفكرا ثقافيا ذاتيا، وتطورا تكنولوجيا، وتعايشا مع المتغيرات.. ومن هنا لابد من توظيف هذا التغيرات بشكل متوازن نحو الارتقاء بذاته الإنسانية.
ومن السمات المهمة لصاحب هذا النمط المتوازن في التغيير... القوة والعزيمة نحو التغيير،أيضا أن يكون هناك حوار خاص بينه وبينه ذاته كيف يرتقي بذاته؟ وما هي نقاط ضعفه المحتاجة لتطوير المهارات والقدرات؟ وما هي نقاط القوة التي تساهم في التحفيز نحو تنمية الذات للأفضل....علاوة على الثقة بالذات والنفس والعزيمة لمواكبة ارتقائه الذاتي بقيمه المجتمعية.
المثابرة على تحقيق الهدف والطموح بشكل متوازن غير خارج عن المألوف... ولابد أن يعي من يرغب في الارتقاء بذاته أن هناك طريقين وهما الطريق الأول اخفاق ومثابرة والسعي نحو النجاح.... والطريق الآخر نجاح واستمرارية بالنجاح.... وعليه أن يكون على يقين أنه لا يوجد هناك فشل من أجل الارتقاء بالنفس وتطويرها نحو الأفضل.
إن فن الارتقاء بالذات له أهمية كبيرة من حيث... احترام الانسان لذاته الشخصية، والثقة بقدرات هذه النفس، والأهم في الرغبة نحو تطوير الذات للأفضل.
وللارتقاء بالذات خطوات تبدأ منذ الطفولة، وهنا يأتي دور مساندة الوالدين والمدرسة لمساعدة الطفل فهمه لقدراته وتحفيزه عليها...ثم مرحلة المراهقة وهناك يأتي الخلل في التوازن لتطوير النفس وعلى المراهق أن يعي تماما لا خروج عند تطوير ذاته وقدراته عن القيم والاخلاقيات وأيضا أن لا يكون تقليديا لا يرغب في التغيير... والمرحلة الأخيرة مرحلة النضج وتبدأ من عمر الثلاثين ،فالشخص هنا يصل لفهم واضح لذاته وقدراته وهي أفضل مرحلة نحو الارتقاء بالذات للأفضل.
ولفن تطوير الذات مهارات من حيث فهم نقاط الضعف وتفاديها وتحفيز نقاط القوة، والتوازن الإنساني ما بين العقل والعاطفة، أن يتمتع بالمرونة والتغيير وعدم التمسك بالفكر والقيم الخاطئة وأن يسعى لتطوير نفسه بما يتناسب مع ثقافة المجتمع.
ولتكون بارعا في الارتقاء الذاتي لابد أن تحاول اثبات الذات الخاصة بك دون الاعتماد على الغير ولكن عليك أخذ المشورة من خبرات الآخرين لترقى بفكرك وتأخذ ما يتناسب مع فكرك ومع ثقافة مجتمعك...وعليك أن تكون لك رغبة أكيدة في تطوير نفسك نحو الأفضل، وأن تحرص في الاعتماد على الثقافة الإنسانية، الشجاعة والثقة بالنفس... عليك أن تنظر بإيجابية نحو التغيير الذاتي للمستقبل وسعادة الحاضر... والأهم أن تنعم بسلام ذاتك أنت...عليك أن تكون متسامحا مع ذاتك أولا ومع الآخرين ثانيا... إن للارتقاء بالذات فوائده الكثيرة منها العيش بتوازن وبشكل صحي وسليم... احترام ذاتك وذات الآخرين وتحسين مهاراتك وقدراتك نحو الأفضل.. تحقيق التوازن في نمط حياتك الحاضرة والمستقبلية.
الارتقاء بالذات يساعد على استكشاف ذاتك الإنسانية، وقدرة التعايش والتغيير هي مكسب اجتماعي تجعلك محبوبا بين الآخرين ومصدر ثقة لهم.
ونحو وقفة مع الذات، وحوار الذات مع الذات لاستكشافها من أجل الارتقاء بها للأفضل، أرق بأخلاقك ترقى بفكرك.. وارق بفكرك ترقى بذاتك.