رفيف بنت عبدالله الطائية:
ليس كل ما يلمع ذهباً، وليس كل ما تصادفه ويبرق بعينيك لمعانه حقيقي، وليس كل ما تصورته غالي وثمين يستحق قيمته... واقع ملموس في الجانب المادي، ولكن هل أيضا هذه الحكمة واقع أثناء التعاملات الإنسانية بشتى مجالاتها؟ هذا ما سوف أربطه في مقالي اليوم حقيقة هذه الحكمة في المجال المعرفي الإنساني.

فكن حذرا... وليس كل ما تراه وتسمعه ذو بريق صادق ولامع... وليس كل متعلم مثقف وواعي واستفاد من علمه... إن الانسان يا عزيزي بطبيعة الحال غير متشابه في طبيعة الأخلاقيات والثقافات والبيئة، وفي مقالي هذا ليس حديثي عن البيئة التي ينشأ فيها الفرد ذاته، وإنما،هو عن أن تكن على يقين أن ليس كل ما تراه جذاباً وجميلاً بالمظهر كذلك جوهره... بل في أغلب الأحيان تكن مختلفة، فلا تنسى هناك من هو كاذب ومن يتبع في أسلوبه التذاكي بالمكر والخداع... فكن متيقنا أن ليس كل ما كان له بريق جذاب لامعاً، بل قد يكون لمعان مؤقت وفي الواقع منطفيء تماما.

ونحن البشر بطبيعة الحال... نصادف الكثير من أنماط الفكر والثقافات الإنسانية، فكن على علم ليس كل ما يلمعُ ذهباً خالصاً تماماً كالنحاس ذو بريق غير صحيح.... وليس كل لطيف الكلام صادق، وليس كل جميل المظهر جميل الجوهر.

معادن الناس مختلفة جدا، وأفكارهم متنوعة جداً، وأساليبهم تختلف من شخص لآخر...فحذاري كل الحذر من صاحب البريق المخادع ،من السهل أن يتجمل الانسان بمظهره، ومن السهل أن يجذب الآخرين بكلامه الطيب ولكن هناك تساؤل هل الجميع يستحق أن نصدقه؟

ألا يوجد هناك أقنعة زائفة للبشر؟ بالطبع هناك دلالة على انتشار ظاهرة النصب والاحتيال، وصفة قبيحة كالكذب والخداع... ومبدأ كريه كالنفاق.... هكذا طبع البشرية فهناك الصالح وهناك السيء.... التوخي والحذر حق على ذاتك في كل الأحوال.

حقيقةٌ وأمرٌ واقعٌ... ليس كل ما يلمع ذهباً، وليس كل ما غلي ثمنه حسنت جودته، في أغلب الأحيان يجذب النفس الإنسانية أشياء كثيرة وعندما يحين الأوان ونقترب منها جداً تصبح مؤلمة جداً، وقاسية لحد الهلاك لذاتك أنت، حيث يظهر الجانب المرعب والمخيف الذي يضرك أنت ... فلا تقسو على نفسك، لا تدمر ما هو جميل في روحك بسبب بريق كاذب... فلمعان السيف جميل ورهف السيف رقيق ولكن من السهل أن تجرح نفسك فيه فكن أنت الرفيق والرؤوف لنفسك.

فاعلم أن ليس كل لطيف الكلام كما يقال(ذو الكلام المعسول) نيته صادقة وجيده لك بل العكس فقد يكون هو من أسوأ أنماط البشر لك أنت... من السهل الخداع بأقنعة زائفة ومركبة.

تمسك بمبادئك وأفكارك وأخلاقياتك الراقية الجميلة والطيبة،ولكن كن على علم أنك ستصادف في الحياة أناس يفسرون هذا الخُلق الطيب واللطف منك على أنه ضعف... ولكن كن أنت الأقوى.

وكن على علم في هذا الزمن ستصادف الكثير من الأنماط البشرية بمختلف دائرة المعرفة ووسيلة التواصل سواء كانت على صعيد مباشر أو من خلال وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة... سيحاول البعض منهم استغلال الجانب الجميل بشخصك الكريم وكسب ثقتك ونيتك الصافية تجاههم وهم لا يضمرون لك سوى المكر والخداع، ستصادف من هم يسعون على استغلالك ماديا ومعنويا فكن أنت المحامي لذاتك.

ورؤيتي... ليس كل ما يلمع أمامك ذهبا، وليس كل معدن بشري ذو نية صادقه، ولتأخذ قصة الراعي والذئب الخرافية مثالا على الواقع المعيشي الذي قد يوما من الأيام تصادفه.

قصة الراعي والذئب... تلك القصة عن الراعي ذو البريق اللامع والصادق مع جيرانه الطيبين، وفي كل منتصف الليل يظهر قناعه الزائف من خلال طلب النجدة له لينقذه الجيران من الذئب الذي يهاجم قطيعه... وعندما يهموا بإنقاذه يكتشفون أنه كاذب... إلى أن وقعت الواقعة بهجوم الذئب ولم يصدقه أحد فوقع بشر قناعه الزائف، فكان هذا الراعي الفقير البسيط المحبوب من قبل جيرته الطيبة والتي انخدعت ببريقه الكاذب سقط ضحية لمكره، فمهما فعل من الصعب إعادة تلك الثقة، واعادة لمعان مظهره الكاذب.

حذارٍ! من ذوي الأقنعة الزائفة، والبريق الكاذب... وتذكر! ليس كل ما يلمع ذهبا، وليس كل من تحدث إليك كان صادقا، وليس كل من لجأ إليك محتاج، وليس كل من تقرب منك أصبح صاحباً وصديقاً، وأيضا ليس كل من قال لك أحبك أصبح حبيباً.

وتأكد! ليس كل جميل المظهر جميل الأخلاق والروح، ليس كل لطيف الكلام صادق، فكن حذراً وفطناً، عند تعاملك مع الغرباء ذوي القناع والبريق الكاذب.

اعلم... لنفسك عليك حق، وتذكر... ليس كل ما يلمعُ ذهباً.