إكرام بنت الوليد الهنائية:
حتما إن التفكير الإيجابي له دور كبير في تكوين شخصيات الأفراد والتركيبة الصحية من الناحية النفسية والجسدية، وكذلك التفكير الإيجابي له دور كبير في قراءة الأحداث من حولك، والمتأمل في نهج الرسول عليه الصلاة والسلام يلمس هذا الجانب في سيرته العطرة مع أصحابه رضوان الله عليهم ومع كافة أفراد المجتمع المدني في تلكم الحقبة، فكان المصطفى عليه الصلاة والسلام يحث جميع الصحابة بضرورة التفكير الإيجابي التي تؤثر على المشاعر وتؤثر على الحياة والاستمتاع بها، فبناء على تكوين الفكرة يولد الشعور وعلى أثره يظهر السلوك، فإذا استنطقنا في أذهاننا الأفكار الإيجابية ظهر السلوك الإيجابي، وبناء على ذلك تدور عجلة الحياة، ويساعد التفكير الإيجابي على إمكانية تحقيق الأحلام، وسرعة إنجاز الأهداف، فالتفكير الإيجابي هو ليس الحياة الخالية من المشاكل وضغوطات الحياة، فالحياة مليئة بالتحديات والعقبات ولكن بالتفكير الإيجابي وقدرة الفرد على قراءة الأحداث بعدسة إيجابية يجعله قادرا على التعامل الإيجابي مع أحداث الحياة، وبالتفكير الإيجابي يتمكن الفرد من تطوير ذاته وتحقيق أهدافه، ومن ينتهج التفكير الإيجابي في حياته ترتفع حصانته النفسية ويكن ذا صلابة نفسية، وبطبيعة الحال سينعكس على حصانته الجسدية. فالصحة النفسية جزء لا يتجزأ من الصحة بشكل عام، وأيضا هنا يتمتع الفرد بالشعور بالأمان والسكينة ويتبدد لديه الشعور بالقلق ويساعده على تكوين علاقات اجتماعية سليمة وصحيحة والأفراد تستقبله بحفاوة، ويكون له حظوة وحظور في الأوساط الاجتماعية.
وعلينا أن نعي مع هذه الأزمة الوبائية الحالية أن العالم أجمع تأثر بهذه الأزمة؛ فمن البديهي أن يتأثر منهج التفكير لديه، فقد تتواتر الأفكار السلبية عند البعض بشكل متفاوت، ولكن المؤكد أن الأفكار الإيجابية لا تلازمك طوال الوقت. ولكي تحافظ على سلامة أفكارك كل ما عليك فعله هو اتباع بعض من الآليات التي تساعدك على التفكير الإيجابي وتمكنك من استبدال الأفكار السلبية بأفكار إيجابية، على سبيل المثال: كلما هاجمتك فكرة سلبية هاجمها بعدة أفكار إيجابية، وكذلك قم بتدوين أفكارك ومراقبة تفكيرك، وهذا بدوره يساعدك أن تعي ما هي الأفكار السلبية التي تغزو مشاعرك وابنِ لها خطة علاجية لتغييرها لأفكار إيجابية، وأيضا قم بمكافأة وتعزيز ذاتك كلما نجحت في تغيير الأفكار السلبية إلى إيجابية، ويمكنك أيضا ملازمة الاستماع إلى القرآن الكريم، ففيه شفاء للنفس والجسد وراحة وطمأنينة للقلب وسكينة واستقرار في النفس، وكما وصفه الله جل جلاله فيه الشفاء {وَنُنَزِّلُ مِنَ القُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا}[الإسراء:82] حافظ على علاقاتك الاجتماعية وتواصلك الإيجابي مع الأصدقاء الإيجابيين الذين يقدمون لك الدعم والتشجيع على تحقيق أحلامك، لتساعدك بالقيام في عدة مناشط اجتماعية وترفيهية، وابتعد عن الأفراد السلبيين الذين يمتصون ويقتاتون على طاقتك الإيجابية.
كما يمكن لبعض الأفراد الاستماع إلى الموسيقى الهادئة فقد تساعدهم على الاسترخاء وتجعلهم في تحسن وتحفزهم على التفكير الإيجابي، كما أن المواظبة على ممارسة الرياضة تساعدك على الصفاء الذهني، فالرياضة تحفز هرمون الأندروفين المسؤول عن الشعور بالسعادة بذلك يمكنك من التفكير بإيجابية وحب، وأيضا ممارسة الهوايات كالرسم والتلوين أو أية هوايات أخرى ممتعة لك، فكل هذه الممارسات والمناشط تساعدك على التخلص من مشتتات التفكير الإيجابي، كما أنها تساعدك على التمكن من التعامل مع المشكلات والضغوطات من حولك وتزيد من قدرة الإبداع في التفكير الإيجابي.
فعلى الأفراد الراغبين في تحفيز تفكيرهم الإيجابي عليهم أن يتبعوا نظاما غذائيا صحيا، وأن يتجنبوا الإكثار من شرب المنبهات كالقهوة أو الشاي أو مشروبات الطاقة وغيرها، وأن يتيقنوا بأخذ قسط كافٍ من النوم بعدد ساعات كافية وبطريقة نوم صحيحة وصحية وسليمة، فلا تناموا وأنتم تحتضنون الألم والتعب والتفكير السلبي، تخلصوا منها قبل الخلود للنوم. كما يجب على الأفراد ترتيب أولوياتهم وعدم تراكم الالتزامات، عليهم حتى لا يرهق الفرد نفسه بقضاء الأعمال المتراكمة، وأيضا من المهم ممارسة عملية التأمل والاسترخاء والمواظبة على عملية الامتنان باستشعار النعم كما قال الله تعالى: (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّث) الضحى:11، فكن من الأشخاص الممتنين لله سبحانه والمتمتعين بالتفكير الإيجابي لتكون قدوة لغيرك.

أخصائية إرشاد وصحة نفسية