رفيف بنت عبدالله الطائية:
لكل فعل ردة فعل، معادلة فيزيائية صحيحة كناحية علمية، ولكن؟ هل صحيحة إن تم تطبيقها على التعاملات الاجتماعية؟ فهل حقا هناك ردة فعل تجاه مقولة معينة أو موقف معين أو منظر معين؟ وهل هي تكون متعادلة ومتوازنة تماما كالمعادلة الفيزيائية، أم تختلف ردة الفعل الإنسانية من شخص لآخر تجاه نفس الموقف ونفس المقولة؟
إن مسألة لكل فعل رد فعل اجتماعيا صائبة نوعًا ما، ولكن ليس بالشريطة أن تكن صحيحة تمامًا، ولنكن على يقين أن لكل رد فعل إنساني ردة فعل ذاتية مختلفة من شخص لآخر، ومن فكر لآخر، ومن ذوق لآخر.
حيث تعتمد نفسيًّا على أسلوب الفرد نفسه، والثقافة الفكرية له، ونمط البيئة الاجتماعية المحيطة حوله والتي نشأ عليها، بمعنى من نشأ في بيئة قاسية قد تكن ردة فعل على موقف معين مختلفة تمامًا عن ذي البيئة المتوازنة والمتآلفة.. من نمى على بيئة متصالحة ستكن ردة فعله مختلفة تمامًا عن ردة فعل شخص نشأ في ظل ظروف قاسية لنفس الموقف ذاته، هكذا هي دورة الحياة، أن محور دائرة الحياة يدور حول نفسه لأنماط مختلفة من البشر ثقافات مختلفة بيئات مختلفة، ناهيك عن العنصر الأهم ألا وهو طبيعة شخصية الذات الإنسانية نفسها.
وعندما أقول ليست جزمًا صحيحًا مئة بالمئة، ذلك أن هناك بعض الأفراد لا تكن لهم ردة فعل تجاه موقف معين أو ظرف معين بل تكن ردة فعل باردة جدًّا، أقصد فيها بدون ردة فعل فكرًا وملامح، وهذا يجعلك أن حذرًا ويقظًا من هذا النمط.
فردود الأفعال تتفاوت من شخص لآخر ومن ثقافة لأخرى، مع أن هؤلاء الأشخاص مروا بنفس الموقف ولكن تفاوت معدل التصرف لديهم، ولكي أوضح الصورة. فعلى سبيل قد نصادف في حياتنا العامة الكثير من الأحداث والمواقف، (وأذكر حين كنت في أحد المطاعم وإذا بالنادل يحضر طبق أحد الزبائن ينقصه الخبز وقف الزبون وبأعلى صوت بردة فعل عنيفة وقاسية على ذلك النادل، هنا اختلفت ردود الأفعال للزبائن، النادل وقف صامتًا دون أي ردة فعل متخوفًا أن يجيب على الزبون كي لا ينقطع رزقه.. بعض الزبائن نظر بتعجب، البعض الآخر تناقش مع رفيقه بالخطأ للزبون الغاضب، والبعض الآخر التزم الصمت وأحدهم خرج من المطعم لأنه رؤيته أن المطعم للترفيه وليس للإزعاج وهناك من أنب الزبون الغاضب وهناك من هدأ من نفسيته، وهناك من نظر نظرة ازدراء للزبن المنفعل)، إذن اختلفت ردود الأفعال للجميع كل حسب نمط تفكيره وأسلوبه في الحياة.
وللعلم أن ردة فعل نفس الشخص قد تختلف لنفس الموقف باختلاف المرحلة العمرية واكتساب الخبرة، هكذا هي الحياة البشرية تكتسب الخبرة فتكسبك نمطًا آخر في الفكر وأسلوب الحياة، فتنمي من ذاتك وتطورها...مما يجعلك أكثر حكمة وترويًا، أو قد تكن كما أنت عليه لأنك ترفض فكرة التغيير بالأسلوب.
فكما ذكرت في مثالي السابق، تختلف ردود الأفعال من ذات لأخرى، فأصابع اليد الواحدة ليست متشابهة، فما بالك بردة الفعل؟ الإخوة تختلف تصرفاتهم كل حسب أسلوب حياته التي اكتسبها مع الخبرة الحياتية والعملية والعلمية.
ما هي أنماط ردود الأفعال؟ بالطبع تتنوع من ردة فعل لأخرى.. وكيف؟ هناك ردة الفعل العفوية والتي عادة تصدر من الفرد ذات الشخصية العفوية والمرحة.. أما صاحب الشخصية الجدية الصارمة فستكون ردة فعله مباشرة وصارمة لا جدال فيها بمعنى ينتهي الموقف من حيث بدايته.
ولو تحدثت عن الشخصية الصبورة ذات الطابع المتحمل ستكون ردة فعله للمواقف المتكررة متأخرةً جدًّا.. فهو يلتمس الأعذار، أما إن تكلف ذلك فوق طاقته فهنا يتخذ ردة فعل هادئة وصامتة لكنها بالفعل وليست بالقول، بمعنى تكون ردة فعل عملية (بالفعل) أو اتخاذ موقف.
وأما الشخصية التي تتمتع بالحكمة فعادة تأخذ بمبدأ للصمت حكمة ردة فعل صامتة ولا يجادل ولا يعاتب إلا ما بينه وبين ذاته.
وليس شرطًا أن تكون ردة أي فعل كلامية قد تكون عن طريق برمجة الجسد وهي الأصدق والأوضح والتي لا نستطيع التغلب عليها.. قد تكون عن طريق نظرة أو حركة أو نبرة الصوت أو ابتسامة أو ملامح غاضبة، حتى ردة الفعل عن طريق لغة الجسد مختلفة من شخص لآخر كل حسب ثقافته وأسلوبه في الحياة.
ومن هنا لا بد أن نتعلم أن نسيطر على ردود أفعالنا من أجل بقاء الود ما بين العلاقات الاجتماعية، يجب أن لا تصل ردة أي فعل قاسية أو حاقدة، ولا تكون طيبة القلب والتسامح تجعلك في وضع ذليل، وإني أري لا بد من عملية التوازن عند ردة الفعل ما بين العقل والقلب لكي تتحكم بذاتك بشكل صحيح ومتوازن، مما يساعدك على التحكم بلغة الجسد لديك، من أجل أن تتخذ قرارًا صائبًا لا تندم عليه لاحقًا، وأجل أن لا تخسر معارفك وأحبابك.. تحسب دومًا لردة فعلك وتصرفاتك، لا تتهور ولا تتسرع وأيضًا لا تتهاون، التوازن مطلوب في التحكم بردة الفعل.