[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/mohamedabdel.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]محمد عبد الصادق[/author]
تعرضت جهود العالم للتعايش مع "كورونا" لانتكاسة شديدة الأسبوع الماضي، بعد معاودة أرقام الإصابات حول العالم إلى التزايد، في الوقت الذي كان الجميع يمني نفسه بقرب زوال الغمة وعودة الحياة لطبيعتها، خصوصا بعدما قررت معظم الدول فتح الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والرياضية، بعد شهور طويلة من التوقف والإغلاق، تعرضت خلالها اقتصادات العالم لخسائر فادحة فاقت الـ6 تريليونات دولار، وخسائر في الأرواح اقتربت من المليون، وقرابة 30 مليون مصاب، وضغط شديد على الأنظمة الصحية، وصل لدرجة الانهيار في بعض الدول الإفريقية ودول أميركا اللاتينية الفقيرة التي قفزت فيها أعداد الإصابات والوفيات لأرقام مرعبة، عجزت أمامها بنيتها الصحية عن توفير الرعاية الصحية اللازمة للمصابين.
كما تعرضت جهود العلماء في التوصل للقاح فعال وآمن للانتكاسة، بعد إعلان شركة استرازينيكا ـ التي كانت تجري التجارب بالتعاون مع جامعة أكسفورد البريطانية وبتمويل معظمه يأتي من أميركا ـ عن وقف تجارب المرحلة الثالثة والأخيرة على البشر، بعد إصابة أحد المتبرعين الذين تلقوا اللقاح بمرض غامض في النخاع الشوكي، لم يتوصل العلماء لتشخيص دقيق له حتى الآن، وإن كانت الشركة أعلنت مطلع الأسبوع الحالي استئناف التجارب السريرية، بعد مراجعة معايير السلامة من قبل الهيئة البريطانية لسلامة الأدوية، ويعول العالم كثيرا على هذا اللقاح تحديدا، بعد أن صنفته منظمة الصحة العالمية بأنه الأفضل بين اللقاحات النظيرة التي تقوم عدة دول بتطويرها الآن، وبناء على هذه السمعة قام كثير من الدول بالتعاقد على شراء ملايين الجرعات مع الشركة المنتجة للقاح، الذي كان منتظرا ظهوره في شهري نوفمبر أو ديسمبر القادمين.
أكثر ما يشغل الناس الآن هو كيفية ذهاب أبنائهم إلى المدارس، بعد اتفاق معظم الدول على ضرورة استئناف الدراسة واختيار شكل الدراسة الهجين التي تجمع بين الذهاب للمدرسة والدراسة الإلكترونية عن بُعد عبر الشبكة العنكبوتية، بتقسيم الطلاب إلى مجموعات تتناوب الحضور فيما بينها إلى المدرسة، لتقليل الكثافات داخل الفصول وتحقيق التباعد، وسبب خوف أولياء الأمور من عودة الدراسة بالشكل المعتاد، هو قلقهم من إصابة أبنائهم بـ"كورونا"، وإذا كان الرد: إن الأطفال لا تظهر عليهم أعراض شديدة ولم تسجل حالات وفاة تذكر لمن هم دون العشرين عاما، ولكنهم قد يتسببون في نقل العدوى من المدارس لآبائهم أو أجدادهم الأقل مناعة، وكذلك تشكك أولياء الأمور في إمكانية تطبيق الإجراءات الاحترازية على الأطفال، بسبب صعوبة السيطرة على حركتهم الزائدة وارتكابهم حماقات قد تصل لتبادل الكمامات وتحولها لوسيلة لنقل العدوى، وإن كانت منظمة الصحة العالمية أوصت بعدم ارتداء الأطفال دون الثانية عشرة للكمامات.
أعلنت السلطنة عودة الطلاب إلى المدارس في أول نوفمبر القادم، واختارت الدراسة الهجين مثل معظم دول العالم، مع تقسيم الطلاب إلى مجموعات تداوم كل مجموعة أسبوعا بالتناوب، بحيث لا يزيد العدد عن 16 طالبا داخل الصف، لضمان وجود مسافة متر ونصف المتر بين الطلاب، مع تدريس المواد الأساسية داخل المدرسة وباقي المواد تدرس عن بعد، وتخفيض ساعات الدراسة إلى ثلاث أو أربع ساعات لطلاب رياض الأطفال والمرحلة الابتدائية، مع الالتزام بتطبيق كافة الإجراءات الاحترازية.
لا بد للوزارة أن تطمئن أولياء الأمور، بالإعلان عن بروتوكول طبي واضح وصريح يبين كيفية التعامل في حال ظهور حالة إصابة بـ"كورونا" داخل أحد الصفوف، وكيفية التصرف في حال تسجيل أكثر من إصابة داخل المدرسة، وتوعية أولياء الأمور بالأعراض الواجب ملاحظتها على أبنائهم عقب عودتهم من المدرسة، ومتى يتم عزل الطفل في المنزل وآلية إبلاغ الإدارة في حالة الإصابة بالفيروس، حتى تتخذ إجراءات مع المخالطين، والقلق الأكبر لدى أولياء الأمور من حافلة المدرسة وكيف نضمن التزام الطلاب بالتباعد داخلها، حتى لو قللنا عدد الركاب إلى النصف.
سنظل ندور في غياهب القلق وكهوف الحيرة، طالما لم يظهر لقاح آمن وفعال يقينا شر الإصابة بـ"كورونا"، ويجعلنا نعاود ممارسة حياتنا بشكل طبيعي، آمنين على أنفسنا وعلى أبنائنا وأحبائنا من غدر هذا الفيروس، الذي أطار النوم من عيوننا وأصابنا بالخوف والجزع والاضطرابات النفسية.