ـ (التخصص) نظم ممارسة مهنة الطب وقضايا الأخطاء الطبية ووضع مجموعة من القواعد والأنظمة في التبرع بالأعضاء والأنسجة البشرية ـ القانون نظم الكثير من الممارسات الطبية مثل علم الوراثة والاستنساخ وزرع الأعضاء والصحة العقلية والبحوث العلمية ـ نقل البلازما من المتعافين إلى المصابين تمثل قيمة أخلاقية ومعرفية وتسهم في رفع معاناة الآخرين ـ أخلاقيات الأوبئة لا تقف عند الفرد والكادر الصحي بل تشمل التقليل من آثار الوباء والتخفيف من التوتر المجتمعي بأن تكون التصريحات والتقارير منضبطة أخلاقيا ـ الأخلاقيات الطبية تساعد المجتمع على تحديد الأولويات وقت الوباء وتنظم الممارسة الطبية في أصعب الظروف ـ القانون الطبي امتداد لقانون (حقوق الانسان) وكلاهما يسير على نهج واحد من حيث حفظ كرامة الانسان وعدم التمييز والمساواة
حاورها ـ سهيل بن ناصر النهدي:
يُعدُّ تخصص قانون وأخلاقيات مهنة الطب واحدًا من التخصصات النادرة، على مستوى السلطنة، حيث يدخل هذا التخصص ليضع نفسه كواحدٍ من التخصصات الهامة التي تدخل في تنظيم العلاقة بين العديد من الاطراف وفي عدد كبير من المجالات.
ويسعى العديد من الشباب العماني الطموح الى تحقيق أهدافهم الحياتية والعملية من خلال الدخول في تحديات كبيرة، ليحطموا باصرارهم وكفاحهم كل الصعوبات ويصلون الى أهدافهم التي وضعوها منذ مرحلة شبابهم لتكون لهم البداية لمسيرة عملية وحياتيه فاعلة ومميزة، من خلال الدخول في تخصصات نادرة ويحصلون على شهادات دولية معتمدة من جامعات عريقة ليعودوا بعد ذلك الى وطنهم للمساهمة في التنمية وتعزيز مختلف القطاعات بتعليمهم وخبراتهم.
ومن بين العديد من الشباب الطموحين الذي حققوا بجدهم واجتهادهم واصرارهم النجاح وبلوغ الهدف والغاية، الدكتورة رقية بنت اسماعيل الظاهرية ـ الطبيبة في قانون مزاولة مهنة الطب البشري والأخلاقيات البيولوجية وهو التخصص النادر جدًّا على مستوى السلطنة، والذي ينظم العلاقة في المنظومة الصحية لتحترم فيه إنسانية الطبيب والمريض والعملية الطبية كاملة، حيث التحقت الظاهرية بجامعة (كنت) وهي احدى الجامعات البريطانية العريقة ونالت درجة الماجستير مع مرتبة الشرف في القانون والأخلاقيات الطبية من كلية الحقوق، ودرست بالولايات المتحدة الأميركية لمدة سنه كاملة حصلت فيها على شهادة معتمدة تخصصية في الأخلاقيات البيولوجية والمجتمعية وأخلاقيات الحروب والتواصل المجتمعي وحقوق الأنسان من جامعة أوبورون الأميركية.
* تنظيم العلاقة
(الوطن) التقت بالدكتورة رقية الظاهرية للحديث عن تخصص قانون وأخلاقيات مهنة الطب، وتفاصيل هذا التخصص النادر، والدور الذي يقوم به المختصون بهذا المجال، إضافة الى التعرف على المؤهلات العلمية التي حصلت عليها من عدة جامعات دولية، ففي البداية قالت الدكتورة رقية الظاهرية: مهنة الطب فريدة عن سائر المهن، سامية عن الاعتبارات والأعراف التي اعتاد الناس عليها، أوجد القانون لتيسير الامور بشكل صحيح وعلى وجه مستقر وثابت وهذا لا يتم إلا إذا وجدت قواعد عامة يجب على الجميع الالتزام بها واحترامها، ومن هنا جاءت فكرة القانون الطبي كتخصص جديد وضع لتنظيم العلاقة في المنظومة الصحية لتحترم فيه إنسانية الطبيب والمريض والعملية الطبية كاملة.
وأوضحت الدكتورة رقية بأن وجود إطار قانوني لتنظيم هذه العلاقة يحمي حقوق الجميع ويسهل عملية تقديم الرعاية الصحية.
* علم الوراثة
وأكدت على أن القانون الطبي نظم ممارسة مهنة الطب ونظم قضايا الأخطاء الطبية، كما وضع مجموعة القواعد والأنظمة التي تخص مواضيع التبرع بالاعضاء والأنسجة البشرية، ووضع أساسيات قوانين حماية المجتمع من الأمراض المعدية، حيث نظم الكثير من الممارسات الطبية بوجود التحديات الطبية الأخلاقية المعاصرة التي يواجهها جميع الذين يعملون في مجال الطب والتي تشمل القضايا والممارسات الطبية المثيرة للجدل كالتي تنشأ في سياق علم الوراثة، والاستنساخ، وطب زرع الأعضاء، والصحة العقلية والبحوث العلمية.
* مستويات علمية
وعن اختيارها لهذا التخصص النادر قالت الظاهرية: بعد تخرجي من كلية الطب عملت لسنتين كطبيبة ولكن كنت طموحة لأكثر من ذلك خصوصًا للتكيف مع النجاح، أي: بمعنى كطبيبة عمانية كنت أعي تمامًا من أي جذور أتيت وأعرف تمامًا كيف أطور من نفسي ليكون لي دور في تعزيز ثقافة واقع العملية الطبية القائم ووضعه بالمسار الصحيح من خلال إحياء أسس تنظيم الممارسات الطبية وتحمّل المسؤولية الذاتية كطبيبة لتكملة الدور الريادي في بناء وطننا والتأقلم لكل المتغيرات المستجدة و المتسارعة كل يوم.
ومن هذا المنطلق كان شغفي كبيرًا كطبيبة للالتحاق بكلية الحقوق ودراسة القانون الطبي، واخترت جامعة (كنت) وهي احدى الجامعات البريطانية العريقة ونلت درجة الماجستير مع مرتبة الشرف في القانون والأخلاقيات الطبية من كلية الحقوق، وبعد ذلك رعدت للسلطنة وعملت في التخصص ولكني لم أكتفِ من العلم ولذلك توجهت الى الولايات المتحدة الأميركية لمدة سنة كاملة حصلت فيها على شهادة معتمدة تخصصية في الأخلاقيات البيولوجية والمجتمعية وأخلاقيات الحروب والتواصل المجتمعي وحقوق الانسان من جامعة أوبورون.
* حقوق الانسان
كما أن لدى الدكتورة رقية بنت اسماعيل الظاهرية العديد من الاسهامات في عدد من المجالات حيث أتاح لها هذا التخصص التعمق في مجالات حقوقية اخرى وحول هذه المجالات قالت: القانون الطبي يعتبر امتدادًا لقانون حقوق الانسان، حيث أنهما يعملان على نطاق واسع من أجل حماية الصحه وتعزيزها، كما أن كليهما يسير على نهج واحد من حيث حفظ كرامة الانسان وعدم التمييز والمساواة ويكمن السعي الى أعمال الحق في الصحة عن طريق وضع سياسات صحية وأعتماد صطوك قانونية.
* خبرات ومشاركات
وأشارت الدكتورة رقية الى أن لديها خبرة عملية لأكثر من عشر سنوات في قانون وأخلاقيات العمل ومهنة الطب، وقالت: بدأت بمتابعة الأدوار التي يمكنني من خلالها مساعدة المؤسسات الصحية على النمو والتطور وأصبحت لدي خبرة في التعاطي مع القضايا التي تعتني بفئات معينة في المجتمع والتعامل معها بمعايير حقوق الانسان ووضع سياسات ملائمة، ومن هنا بدأت أشق رحلتي بين حقوق الانسان والصحة كوني ممارسة للعمل الصحي ولدي اطلاع بالقانون، وهذا هو حافز كبير للعمل في المجال الانساني من حيث دعم حقوق الانسان ومراجعة السياسات.
وتحدثت الدكتورة رقية الظاهرية عن العلاقة بين الطبيب والمريض والتعامل بين الطرفين وقالت: كطبيب تكون مختلفًا ومتميزًا في عطائك وتعاملك، حيث أنك لا تتعامل مع مريض بأعراض جسدية فقط بل دورك الانساني يتعدى ذلك لتمكين المستضغف وتفعيل السياسات ومراجعتها، كما أن للطبيب دور في النشر العادل للمعرفة الطبية.
وأشارت الدكتورة الظاهرية إلى أنها عملت في مراجعة قانون الطفل وتفعيله كذلك الحقوق الصحية للعمال الوافدين، والمشاركة بالمؤتمرات في مواضيع مكافحة الاتجار بالبشرعلى المستوى المحلي، وعلى المستوى الدولي، إضافة الى اطلاعها الواسع بحقوق اللاجئين الصحية ودور المجتمع في تفعيل القانون الانساني الدولي والحقوق الصحية لللاجئين وحماية المدنين في وقت الصراعات وعدم تسييس المساعدات الانسانية.
* تقدم الشعوب
وأكدت الظاهرية على أن تقدم الشعوب يُقاس بمدى حمايتها لحقوق الانسان وأن العامل الإنساني اليوم نفسه هو مفتاح للتطور الإنساني والجودة الإنسانية وأن التدريب على المهارات الفردية والجماعية المهنية الخاصة والإنسانية العامة التي تلبي الاحتياجات التنموية المناسبة وهو ما بادرت به في مسيرتي الطبية وعملت ولا أزال على تحصيله علميًا وعمليًا وتطويره باستمرار، بعد أن أدركت عن وعي وعن علم الأبعاد الحقيقية لدوري المهني الانساني الهام كطبيبة.
* خدمة المجالات
وعن توظيف هذا التخصص ومن يخدم هذا القانون قالت الدكتورة رقية بنت اسماعيل الظاهرية: القانون الطبي يخدم في أغلب المجالات الطبية ويكاد لا يوجد تخصص في الطب يخلو من تنظيمات قانونية للممارسة، حيث أنه يخدم في مجال الأخطاء الطبية، فالسلطنة من الدول السباقة في مجال تقديم الحقوق الصحية وبالفعل أولت اهتمامًا كبيرًا، حيث تم إنشاء صندوق للتعويضات عن الأخطاء الطبية بالمرسوم السلطاني رقم:(67/ 2004) الذي يعني بدراسة قضايا الأخطاء الطبية وتحديد الخطأ الطبي من عدمه عن طريق اللجان المتخصصه، كما أن القانون الطبي شمل تنظيم أساسيات قانون الانعاش القلبي والابحاث الطبية والتبرع بالاعضاء و تطرق الى مواضيع معقدة جدًّا في مجال الطب لتسهيل التعامل مع الحالات حسب الاصول العلمية المبينة على مرجعيات دينية وقانونية.
* كورونا والقانون
وعند دور هذا القانون في إطار جائحة كورونا قالت الظاهرية: على مر التاريخ كانت الحاجة هي المحرك الأساسي لتطور العقل البشري وكانت البشرية تتعرض بين الحين والآخر إلى كوارث تجعل منها في موقف معرفي أخلاقي يحتم عليها سنّ القوانين والتشريعات التي تجعل للانسان قيمة عُليا تدور بين الحقوق والواجبات.
وأضافت: الاخلاقيات الطبية تساعد المجتمع على تحديد الاولويات وقت الوباء وتنظم الممارسة الطبية في أصعب الظروف، وكان لنا دور كبير في التصدي لهذه الجائحة، حيث تم تفعيل قانون الامراض المعدية أو قانون الصحة العامه للتصدي للمخالفين والحد من انتشار الوباء.
وبينت الظاهرية بأن قوانين الأوبئة تفرض علينا تصرفات استثنائية قد تعارض ما استقر عليه الأمر من أحكام، وأن أخلاقيات وقوانين الأمراض المعدية تلزم الفرد بتقييد حريته والتباعد الجسدي ولبس الكمامات وعزل نفسه عن اللزوم واعتزال وتبدو إجراءات قاسية لكنه اذا نظرنا إليها في بوتقة الجماعة وحفظ الصحة العامة وإنها تصب أخيرًا في مصلحته كانت مبررة لأحوال الطبيعية كتقييد تحركات الناس، والعزل الاجتماعي، والحجر للمرضى، والعزل الصحي، كما أن الواجبات المهنية للعاملين في مجال الطب قد تواجه تحديات لأتخاذ قرارت صعبة في ظروف الأوبئة، ومنهج الأخلاقيات الطبية يساعدنا على تحديد الأولويات وتقديم التعليلات الأخلاقية اللازمة لها لتكون الممارسة الطبية أخلاقية وليست اختيارًا شخصيًا، مثلًا في ظروف الأوبئة قد تتضاعف الحاجة إلى العلاج في حين قد تكون الإمكانات المتاحة محدودة مثل الأسرة أوالمعدات أو الفريق الطبي، فأي نظام صحي له طاقة استيعاب محددة وعند حدوث ظروف بتدفق عدد كبير خارج السعة التي يتحملها النظام الصحي يكون غير قادر على استيعاب جميع الحالات المرضية في وقت واحد، وحينها يكون على الفريق الطبي أن يقوم بترتيب أولوياته عن طريق حقل الأخلاقيات الطبية ويضعه أساسًا لاتخاذ قرارت قد لا تكون قرارت هينة لكنها محايدة ومنصفة ولا تقوم سوى على الاعتبارات الطبية، وتحديد الممارسة الصالحة أخلاقيًّا لكل فرد بحسب حالته الصحية.
وبينت الظاهرية ان أخلاقيات الاوبئة لا تقف فقط عند الفرد والكادر الصحي بل تشمل التقليل من آثار الوباء والتخفيف من التوتر المجتمعي بأن تكون التصريحات والتقارير منضبطة أخلاقيًا غير مشتغلة للحدث لتحقيق مصالح شخصية وكذلك إيجاد روح مجتمعية متكافلة غير منزعجة ولا تحت ضغط نفسي يزيد الوضع سوءًا، كما أن أخلاقيات التبرع جزء أصيل وتبرز في أوقات الكوارث مثل الأوبئة والحوائج تكون محل أخذٍ وردٍّ وشدٍّ وجدبٍ أخلاقي معرفي في زمن الاوبئة مثل أخلاقيات التبرع والتطوع بشكل عام ويمثلها التبرع بالبلازما في حالات الكورونا مثلًا فقد أثبتت الأبحاث فائدة نقل البلازما من المتعافين الى المصابين، فلاشك أنه يمثل قيمة أخلاقية ومعرفية ويسهم في رفع معاناة الآخرين، كما أن التبرع بالاعضاء بشكل عام يُعدُّ من أهم مبادرات القيم الانسانية التي تعزز دور التكافل في المجتمع والايثار، والقانون الطبي ينظم عملية التبرع وفق ضوابط دينية وضوابط قانونية وضوابط علمية وطبية حسب ما أقرته اللائحة التنظيمية لنقل وزراعة الاعضاء والأنسجة البشرية بالقرار الوزاري رقم:(179/2018).