أحاط المشرع العماني أجر العامل بجملة من الضمانات، وهي ما تسمى بالحماية التشريعية أو كما يسميها البعض الحماية القانونية لأجر العامل. باعتبار الأجر عنصرا جوهريا في عقد العمل وركنا من أركانه، فارتباط الأجر بالعمل كارتباط السبب بالمسبب، فالتزام العامل بالعمل يقابله التزام صاحب العمل بأداء الأجر. ولذا أوجبت المادة (23) من قانون العمل أن يتضمن عقد العمل على وجه الخصوص عدة بيانات أهمها أجر العامل الأساسي وأية علاوات أو ميزات أو مكافآت يستحقها بموجب شروط العقد. وقبل الحديث عن موقف المشرع العماني في حالة تأخر صاحب العمل في صرف رواتب العامل يكون علينا لزاما أن نبين للقارئ مفهوم الأجر ومشتملاته. فالأجر وفقا للمادة (1) من قانون العمل الوارد بالبندين (12)، (13) على التوالي... حيث بموجبها الأجر الأساسي هو" المقابل المتفق عليه بين العامل وصاحب العمل نقدا والثابت في عقد العمل مضافا إليه العلاوة الدورية" أما الأجر الشامل فهو" الأجر الأساسي مضافا اليه جميع العلاوات الأخرى التي تقرر للعامل لقاء عمله." وعلى هذا فالأجر كل ما يدخل في ذمة العامل مقابل العمل الذي يقوم به. وحيث الأجر يعد المصدر الأساسي وربما الوحيد لرزق العامل فقد أحاطته الكثير من التشريعات المعاصرة بالحماية منها ما ورد في الاعلان العالمي لحقوق الانسان" أن لكل فرد يقوم بعمل الحق في أجر عادل مرض يكفل له ولأسرته عيشة لائقة بكرامة الانسان تضاف اليه عند اللزوم وسائل أخرى للحماية الاجتماعية" وعلى هذا تدخل المشرع العماني ونص في قانون العمل بوجوب تأدية الأجور وفق المواعيد المتفق عليها في العقد حيث جاء نص المادة (51) بقولها" تؤدى الأجور في أحد أيام العمل وفي مكانه مع مراعاة الأحكام الآتية:1-العمال المعينون بأجر شهري تؤدى أجورهم مرة على الأقل كل شهر..." والملاحظ من النص أن المشرع رتب عدة ضمانات للعامل للوفاء بأجره منها أن تؤدى الأجور في مكان عمله بغية التيسير على العامل وعدم اجهاده بالانتقال الى مكان آخر لاستلام أجره. وكذلك يتم تأدية الأجر في أحد أيام العمل ومن ثم لا يجوز أن يقع الوفاء في اليوم المخصص لراحة العامل حتى لا يضطر العامل الى الذهاب الى مقر العمل فيكون ذلك على حساب راحته. كما أنه يفهم من النص أن الوفاء بالأجر يجب أن يكون قبل نهاية الشهر الذي استحق الأجر فيه. وحيث أن معظم الأجور في السلطنة تؤدى شهريا لذلك اقتصر بحثنا في هذه المقالة بالوفاء بالأجر الشهري. وعلى هذا نخلص أن تأخر صاحب العمل في تأدية أجر العامل يشكل خطأ من جانبه وحالة من حالات التعسف في استعمال الحق يستوجب تعويض العامل. كما أن تأخر صاحب العمل في صرف رواتب العامل يعد اخلالا من جانب صاحب العمل بما يوجب عليه القانون تجاه العامل حيث عندها يحق للعامل ترك العمل دون اخلال بحقه في التعويض ان وجد له مقتضى وهو من المسائل التي تختص بها محكمة الموضوع والتي تنحصر عليها رقابة المحكمة العليا ان أقامت هذه الأولى قضائها في هذا الخصوص على أسباب سائغة ومتسقة واقعا وقانونا. ولها أصلها الثابت في أوراق الدعوى.في نهاية مقالنا هذه يمكننا القول إن المشرع العماني يحمد على ما جاء به من نصوص توفر الحماية القانونية لأجر العامل وهي بطبيعتها نصوص آمرة لا يجوز الاتفاق على مخالفتها... يبقى أملنا قائما بأن نرى محاكمنا على اختلاف درجاتها خالية من أي دعوى متعلقة بمطالبة العامل بأجره، ونناشد أصحاب الأعمال بالالتزام في تأدية رواتب عمالهم وفق التاريخ المتفق عليه في عقد العمل اتباعا لقوله صلى الله عليه وسلم: "اعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه"... قراءتنا القادمة- ان شاء الله- مع صورة أخرى من صور الحماية التشريعية لأجر العامل...سالم الفليتي محام ومستشار قانونيكاتب وباحث في الحوكمة والقوانينالتجارية والبحرية