علي بن سالم الرواحي:
لقد كان قبيل البعثة النبوية أحد الحنفاء يعبد الله وحده لكن على حرف وطمع هو مؤمن بالله وبشرعه لكنه طامع في أن تكون النبوة له حاله حال إبليس حينما كان يتظاهر بالعبادة ويخبِّي كفره بالله ففضحه الله سبحانه أمام خلائقه، وعلى الصعيد الآخر كان سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) لا يطمع في النبوة ولم يكن يعرفها، ولما رأى الله سبحانه وتعالى نقاوة سيدنا محمد في الصبر والشكر والإيمان الخالص لم يكن واحداً أفضل منه في النبوة اختاره الله نبياً، أما ذلك الحنفي واسمه أمية بن الصلت عتا وتكبر فآمن شعره وكذب قلبه وعصى ربه لأن النبوة اصطفاء إلهي وهي مقام لا يكتَسب، فإنّا لله وإنا إليه راجعون.
فالأنبياء ليسوا ذوو مهمة سهلة بل مهمتهم أصعب الصعاب لا يستطيعها كل الناس إلا من وفقه الله لها، ولقد جاءت النبوة كحجة الله على العباد.
إنّالله سبحانه وتعالى حكيم بمن يختارهم انبياء لأنه خبير بأخبار الناس كلهم، فالنبوة ليست تكتسب إنما هي فضل رباني لمن ناسب من الناس اصطفاؤه كنبي لا كل من طلبه فهي تكليف سامٍ جداً لا يستطيعه الناس العاديون.
ومع ذلك لا نقول بوجوب الأصلحية على الله سبحانه وتعالى فهو فعال لما يريد لا ما يريد الآخرون منه، فأفعاله جلال لا تستطاع, وصفاته كمال وفي غيره هي محال ثم محال، ولا يطمع فيها أحد حتى من تجبر وادعى الألوهية والربوبية يعرف كذب نفسه وما حمله ذلك إلا الانهماك في شهوات الدنيا الفانية, لذا وجبت عبادته وحده لأنه ربنا سبحانه وتعالى وجده ولا رب غيره لكل العالم، ولقد اصطفى الله محمداً خصوصاً سيداً على كافة الأنبياء والرسل لأنه أفضلهم شكلاً ومضموناً.
فيكفي في حق الصحابة الكرام أن الله أحل رضوانه عليهم وإكرامه لهم كما ذكرت الآية الكريمة، ولقد سماهم المؤمنين وهو لفظ عام ينطبق على الصحابة وغيرهم، ويبقى الاختلاف هل الرضوان يستغرقهم جميعاً أو غالبهم فقط.
فعفا الله عن جميع الصحابة المؤمنين المخلِصين لله، وجعلهم الله من المخلَصين له، فكل أخذ بما وصل إليه فكره واجتهاده في القرآن والسنة، ولعل الجملة ينعمون في الجنة تبدأ بزوال هذه الأغلال والآصار التي بينهم، يضحك بعضهم إلى بعض، فجلّ الذي لا يخطأ .. والله أعلم.
إن أركان الإسلام والإيمان هي واحدة بين كل المذاهب المعتمدة والمسلمة بشكل عمومي فلماذا نبحث في أشياء لم يكلفنا الله بها صراحة؟!، نترك الأخريات الضروريات ونبحث عن غيرها التي أشغلت المسلمين عن جوهر دينهم، حيث وجدت وفي عملي السابق لم يكن يصلي من العمال إلا الربع مع أنهم مسلمون كلهم، ولم يصم منهم إلا واحداً أو اثنان، بحجة قيامهم بالأعمال الشاقة ولو صاموا ما قدروا، وقد بلغ تعداد من 60 الى 80 رجلاً عاملاً، فلزاماً علينا أن نبحث عن إيجابيات اولئك الصحابة التي لا حصر لها،حيث قال الرسول (صلى الله عليه وسلم) وتقديره لهم:(أصحابي كالنجوم أيهم اقتديتم اهديتم).