علي بن سالم الرواحيإنّ للأنبياء والرسل عدداً من الصفات، ومن صفاتهم الرحمة وهي أعظم صفة إنسانية فيهم قد اكتسبوها من الرعي ومنه تعلموا كيف يسيسون المواشي ويتصرفون معها مما هيأهم للنبوة والرسالة، وبدون الرحمة لا تنجح الدعوة فلا بد من تلازمهما معاً لأن هدف الدعوة إخراج الناس من النار إلى الجنة، وقد شملت رحمة الرسول محمد أقصاها حتى وصلت إلى كل العوالم ومن أولاها عالم الإنسان، وأي نبيٍّ يبلّغ رحمةً كرحمة محمد؟!.ولما كانت جميع صفاتهم الواجبة والمستحيلة والممكنة كلها عظيمة جداً لا يستطيع الصمود في تطبيقها ممن دونهم من البشر، فقد اصطفاهم الله من خيرة الإنسان يبلغون رسالات ربهم إليهم وينشرون الخير والسلام في أجواء العالم بأكمله ويطفأون لهيب النار والحروب والظلام.ولو تساءلنا حول الحكمة من تعدد الرسل لقلنا: إن للنقاش حول ذلك يوجد حالين، كما قال الشيخ محمد متولي الشعراوي ـ رحمه الله ـ هما:أـ حال استدعى تعدد الرسل:حينما كان العالم السابق ما قبل البعثة المحمدين عالم كل دولة منفصلة عن الأخرى ويكاد التواصل بينها قليلاً، فلا يعرف المجتمع هذا المجتمع الثاني وهكذا، وكانت المعاصي كل مجتمع مجهول لدى الآخر فاقتضت حكمة الله سبحانه وتعالى أن يبعث كل رسولاً أو نبياً الى قومه أو شعبه يعالج المعصية لكن من الملاحظ أنّ أشد المعاصي موجودة لدى كل المجتمعات الكافرة حتى يومنا هذا وهي الشرك بالله، وبجانبها هناك معاصي مختصة بقوم دون قوم وهي: اللواط والتطفيف والسحر والتنجيم والرهبنة، أما في تعدد النبيين فنرى أن هناك عدداً انبياء لقوم كبني اسرائيل في زمن واحد وهذا من فضل وللحفاظ على ميثاق السابقين كميثاق موسى وهارون وداود وسليمان ويوسف ويعقوب وعيسى حتى لا تمتحي هذه الآثار فيمتحي معها دين الله بأكمله، ومن جهة أخرى هو تفضل من الله على عباده وابتلاؤهم بأن قُتِلوا فطهرهم الله تطهيراً ليكونوا وجيهين عن الله سبحانه وتعالى.ب ـ ولما جاء الإسلام والجرح واحد مخيم على كل العالم وتواصلت الشعوب والدول بينها فاحتاج العالم إلى رسول واحد يعالج هذا الجرح وخلد هذا الدين بتخليد معجزة القرآن الكريم عبر الأمكنة والأزمنة، وها نحن إن الدعوة الإسلامية وصات إلى كل المجتمعات وإلى كل بيت وإلى كل فرد حين أصبح العالم كقرية صغيرة واحدة، لو تعدد الرسل في هذا الحال لاختلف الناس لأن لكل رسول منهجه وشرعته ولافترق الناس ولتحاربوا.ج ـ تعدد الرسل مع اختلاف الأقوام يولد التواصل الحضاري بين هؤلاء الأقوام.د ـ إنّ مجيء رسل من كل قوم، جعلت لا ميزة قوم على آخر، فتقترب الناس إليهم وبما أن الرسل إخوة فإن قومهم سيقتدون بهم ويكون إخوة في الإنسانية ناهيك عن احتمال أخوة الدين الواحد لأن جميع الرسل جاءوا بدين الإسلام من أولهم إلى آخرهم.هــ ـ رحمة من الله لأن كل رسول يحمل الرحمة فإذا تعددوا زاد مقدار الرحمة والرحمة ينبوع الحضارة ونهر العدل والمساواة.