علي بن سالم الرواحي
جاء العقلانيون وهم يعبدون إلههم على حسب هواهم،ويقدمون منطقهم على الآيات المتشابهات دون ردها إلى الآيات المحكمات حسب قانون الله سبحانه وتعالى، فإذا توافق الهوى والدين عبدوا الله، وأن تخالفا انزاحوا إلى منطقهم وأهوائهم وردوا الوحي.
جاءوا وهم يتقوّلون على الله الكذب بغية إفتان الناس ببعض ما علموه من زخارف الدنيا ومن ضرورياتها.
جاءوا وهم يفسرون الآيات والآيات حسب مفهوم العقل ويقولون إن افتراق العالم الإسلامي سببه اختلافهم في الأحاديث النبوية التي منها المضطرب والمعضل والموضوع والمكذوب والمختلق، فرأوا ضرورة الابتعاد عن الأخذ بالأحاديث النبوية التي جمعت التناقضات، وأخذوا بالسنة الشيء الذي يوافق القرآن، ولم يأخذوا السنة كشرع مستقل للأحكام الخالية في القرآن العظيم، وتناسوا إنها من وحي الله لرسوله الكريم، كما أن القرآن وحي لذلك سموا أنفسهم (القرآنيون) الذي كل نصوصه قطعية الثبوت وكل محكمه قطعي الدلالة.
وتناسوا أن الرسول نسخ حكم الوصية للوالدين والأقربين الورثة وإنما جعلها للقريب غير الوارث، أليس هذا استقلالاً للسنة في التشريع بل وقد نسخت حكم آية متواترة الثبوت تتلى إلى يوم القيامة.
لقد فسّر العقلانيون بعض آيات القرآن بظاهر متنها دون تأويل بل مع ما يتوافق مع عقولهم ومما انكروه:
أ ـ قصة يونس (عليه السلام) فسروا الالتقام بانطباق فكي الحوت على يونس عليه السلام ثم ألقاه على الشاطئ، إذن ما فائدة تسبيح يونس في بطن الحوت وما فائدة كاد أن يلبث فيه إلى يوم البعث؟ ومن المعلوم لو كان الأمر بين فكين فنجاته سهلة جداً دون الحاجة إلى غم كبير.
لقد أجمعت الأمة الإسلامية وأصحاب اللغة والتفسير إلى أن المراد بالالتقام الابتلاع وإنه وصل إلى بطن الحوت فنجاه الله من الغم.
ب ـ قصة أصحاب الكهف لبثوا في كهفهم مضروباً على آذانهم بقدرة الله حوالي 309سنة قمرية وعندما تيقظوا من سباتهم وجدوا أنفسهم إنهم لبثوا يوماً أو بعض يوم أي أن الزمن تباطأ عليهم جداً وكاد أن يصل إلى الصفر فشعورهم لم تتغير وأجسادهم وملابسهم لم تخْلِق وما أكلوا وما شربوا أو ليس ذلك من خوارق العادات، وقد أقرته النظرية النسبية من بعد السنة النوية والتاريخ المرئي المتتابع.
ج ـ استبعادهم لقصة الذي عنده علم من الكتاب، وفي انكارهم تشكيك لقدرة الله العظيم، فماذا يجيب هؤلاء ويفسرون قيام الساعة عندما يفنى الكون الوسيع كماً ونوعاً ويتغير كل شيء إلى أطوار جديد، ويحصل ذلك في صفر من الزمان.
والخلاصة:
أ) آمن العقلانيون بالحس والعقل متناسين إن المعجزات خارقة للحس والعقل ومدركاتهما محدودة جداً.
ب) أنكروا استقلال السنة النبوية بالتشريع متناسين وجود أحكام تشريعي فيها دون وجودها في القرآن نحو صلاة السفر وإعفاء اللحية، منع الإرث للقاتل ولو كان ابنه، والجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها حفاظاً على بقاء ود القربى.