رؤية: طارق علي سرحان
يضم موسم الدراما التليفزيونية في شهر رمضان هذا العام، باقة متنوعة تحوي أكثر من 28 مسلسلا ما بين الاجتماعي والدرامي والكوميدي، أضف اليها الحربي والخيال العملي في محتوى غير مسبوق.
ومع دخول الأسبوع الثاني من الشهر، نستطيع القول إن هناك أعمالا محددة، قد استحوذت على أعلى نسب مشاهدة وإهتمام بين المسلسلات المعروضة، وهي التي راهن الكثير من رواد مواقع التواصل الإجتماعي عليها بمجرد عرض إعلاناتها التشويقية.

الاختيار ..

يأتي في مقدمة تلك المسلسلات، ويحكي قصة البطل المصري الشهيد أحمد المنسي قائد الكتيبة 103 صاعقة بالعريش في محافظة شمال سيناء، والذي استشهد في كمين مربع البرث بمدينة رفح عام 2017، أثناء التصدي لهجوم إرهابي على أفراد القوات المسلحة المصرية.
سيطر"المنسي" ويجسده الفنان أمير كرارة، على مشاعر الصغير قبل الكبير، فهو لا يروي حكاية واحدة بل يلخص رواية كبيرة مستمرة لآلاف الأبطال الذين ضحوا ووهبوا أنفسهم فداء أرض مصرنا الغالية.
رسائل عديدة يقدمها المسلسل، فخلاف إظهار حجم الحرب التي تخوضها الدولة المصرية ضد الإرهابيين ودعاة الفوضى، كأمثال الإرهابي هشام عشماوي الذي يجسده الفنان أحمد العوضي، يضع صناع المسلسل عملية إتخاذ القرار هي المحور الأساسي للعمل والذي سمي من خلاله، فـ"الإختيار" قد يصنع لك شرف وعزة تخلد بهما التاريخ كالمنسي ورفاقه، أو يوصمك بعار يلقي بك الى مزبلته كعشماوي وعصابته.
"الإختيار" من تأليف باهر دويدار، وإخراج بيتر ميمي الذي نجح في إعادة إحياء مرحلة تاريخية هي الأصعب في حياة المصريين، واثرائها بمشاهد حقيقية إرشيفية للشخصيات والأحداث التي شهدتها تلك الفترة.
كما أنه تفوق باحترافية في تصميم وتنفيذ مشاهد القتال والمعارك بصورة غير مسبوقة لم أشاهد مثيلها بتلك الجودة في أي عمل درامي عربي.
دعنا لا ننسى وجود كادر تمثيلي مبدع ومتفاهم أدى الى الإرتقاء بالعمل في أولى حلقاته، خاصة أحمد العوضي الذي جسد بنجاح دور الإرهابي وميوله المتطرفة منذ أن كان ضابطا في الجيش المصري.

النهاية..

من الواقع المصري الى الفانتازيا والخيال العلمي والمستقبل البعيد، حيث يأخذنا مسلسل النهاية بأجوائه الديستوبية الى عام 2120، وبعد حرب عالمية لم يخض العمل في تفاصيلها حتى اللحظة، يعيش من بقي من سكان العالم في مدينة القدس "المحررة" تحت حكم مؤسسة أمنية مستبدة تدعى "إنرجكو"، لا يهمها غير تحقيق مصالحها الشخصية فهي المتحكم الأساسي بمقادير حياة السكان، من خلال توزيع ما يعرف بشرائح الطاقة" AC Power" عليهم، فيما تمنع التعلم من خلال عملية يطلق عليها إسم "التعليم الإنتقائي".تركز أحداث المسلسل على المهندس زين ويقوم ببطولته الممثل يوسف الشريف، الذي يعمل في إنرجكو، ويأخذ على عاتقه عملية تحسين الحياة من خلال تطوير شرائح الطاقة تلك، الا أنها تقابل بشكل سلبي من مديريه وأصدقائه في المؤسسة، حيث توجه له تهمة استخدام إحدى شرائح الطاقة غير القانونية ويصبح مطلوبا أمنيا.
على الجانب الآخر نلتقي بصباح "سهر الصايغ"، التي تقوم بتصنيع روبوت آلي يشبه المهندس زين، بمساعدة عزيز كبير الفنيين في المدينة "عمرو عبد الجليل"، وذلك بعد أن أقنعته بحبها لزين الحقيقي وبأن رضوى زوجته "ناهد السباعي"، قامت باختطافه منها.
مع تقدم الحلقات، تظهر مؤسسة علمية أخرى تدعى "الواحة" تؤمن بعملية إتاحة العلم للجميع وتعمل على تطوير درع يحميها باستخدام آلاف من شرائح الطاقة التي تعمل بقوة أشعة الشمس وهو ماجعلها تختار المهندس زين للعمل ضمن طاقمها.
يحمل "النهاية" بين طياته، كثيرا من التشويق والغموض وهو مااعتدناه من أعمال يوسف الشريف السابقة.
وبرغم تصاعد أحداثه مع كل حلقة إلا أنه يتم تقديمها بصورة سلسة وهو ما راعاه الشريف الذي تنسب إليه فكرة العمل، نظرا لحداثة ذلك النوع على كثير من جمهور الوطن العربي.
تفوق صناع المسلسل في تنفيذ وتصميم كافة تفاصيله، برغم التأثر البصري الواضح بالأعمال الأميركية في كثير من عناصره، كما أنه يتميز بثراء مضمونه حيث يلعب في خطين دراميين متوازيين بينهما خطوط فرعية كثيرة.
دراما متماسكة قام بكتابتها عمرو سمير عاطف فيما قام بإخرج العمل ياسر سامي.

رجالة البيت (تيمون وبومبا)

من أجواء الأكشن والخيال العلمي الى الفكاهة وخفة الدم، وكما هو الحال في أغلب مواسم الدراما الرمضانية السابقة، فإن المسلسلات الكوميدية تحظى بالنصيب الأكبر، يطل علينا هذا العام ثنائي كوميدي خفيف الظل يعتمد على "الإفيهات" و"الأفشات" المضحكة، بجانب الأغاني الساخرة.
تدور أحداث "رجالة البيت" في حلقات منفصلة متصلة حول تيمون "أحمد فهمي" وبومبا "اكرم حسني"، وهما شابان عاطلان عن العمل ويسكنان في منزل واحد مع عائلتيهما، حيث بومبا متزوج ولديه طفلان من زوجته تهاني أو تونا "ويزو" وأخت تيمون، وهي من تقوم بتحمل مصاريف المنزل من خلال عملها بالتدريس.
تيمون هو الآخر عاطل عن العمل ووالده "بيومي فؤاد".يسعى الثنائي الى استخدام الحيل والألاعيب للحصول على المال سواء من جد تيمون او زوجة بومبا.
حيث تتطرق إحدى الحلقات لطريقة جديدة للتعليم عبر تأليف الأغاني الشعبية، للطلبة وعلى طريقة الفنان الراحل محمود عبد العزيز في فيلم "الكيف" ليؤسس الثنائي معا فرقة موسيقية تدعى "مزاج التلميذ" في إشارة الى مجموعة ملخصات دراسية شهيرة "سلاح التلميذ" كما أنهما يلبسان على نفس طريقة الولدين في غلاف تلك الملخصات.
يذكر أن "رجالة البيت" هو ثاني عمل درامي يجمع بين الفنانين أكرم حسني وأحمد فهمي، بعد مسلسل "ريح المدام" في 2017، وهو من تأليف أيمن وتار وإخراج أحمد الجندي