علي بن سالم الرواحي
أولاً ـ الحديث المُعضل:

المُعضل في اللغة هو: الشديد الصعب المتعِب، واصطلاحاً هو ضرب من الحديث المنقطع، خاص بسقوط راويين فأكثر على التوالي

أي: من موضع واحد، والمثال عليه: قال مَالِكٌ: أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم):(لِلْمَمْلُوكِ طَعَامُهُ

وَكِسْوَتُهُ بِالْمَعْرُوفِ. وَلاَ يُكَلَّفُ مِنَ الْعَمَلِ إِلاَّ مَا يُطِيقُ)، فقد سمع مالك الحديث عن محمد بن عجلان عن أبيه عن النبي (صلى الله

عليه وسلم) فسقط محمد وأبوه من الإسناد، والبعض من قيّد هذا السقوط بما قبل الصحابي، أما سقوط الصحابي فلا.

حجية الحديث المعضل: وحكمه (ضعيف)، وهو أسوأ حالاً من أنواع المُنْقْطِع الأخرى، لأن سقوط راويين فأكثر على التوالي من سند

الحديث يزيد الإشكال في الأخذ به.

ثانياً ـ الحديث المعنعن:

وهو: ما أسناده فلان عن فلان، لأن قد يحتمل فيه السماع وقد لا يحتمله، وصحح القطب ـ رحمه الله: لا يُقال معنعاً إلا إن كان

متصلاً، وشروط الاتصال إمكانية اللقاء بين الراوي وشيخه والبراءة من التدليس، وعدالة الرواة، وسبب استعمال العنعنة بدلاً من

أحدثكم عن سماعي من فلان، الاختصار ودفع الضجر الحاصل من التكرار.

مثال على الحديث المعنعن: قَالَ أَبُو عَمْرٍو الرَّبِيعُ بْنُ حَبِيبٍ بْنِ عَمْرٍو الْبَصْرِيُّ: حَدَّثَنِي أَبُو عُبَيْدَةَ مُسْلِمُ بْنُ أَبِي كَرِيمَةَ التَّمِيمِيُّ عَنْ

جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ الأُزْدِيِّ عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قَالَ:(نِيَّةُ الْمُؤْمِنِ خَيْرٌ مِنْ عَمَلِهِ)، ومن المعروف أن

أبا عبيدة سمع الحديث من جابر، وأن جابر سمعه من ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ وبذلك يثبت اتصال السند، وبالتالي تثبت صحة

الحديث بنفي الانقطاع الناتج من العنعنة.

حجية الحديث المعنعن: ولا يصح عن النبي (صلى الله عليه وسلم) حتى يثبت لقاء كل راو من رواته بشيخه، واكتفى مسلم بمجرد

إمكانية اللقاء، لا بذاتية حصوله.

ثالثاً ـ الحديث المؤنن:

وهو ما إسناده حدثنا فلان أن فلاناً كذا وكذا، مثاله: أَبُو عُبَيْدَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُول اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ

وَسَلَّمَ) أُوتِيَ بِكَتِفٍ مُؤَرَّبَةٍ فَأَكَلَ ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ، قَالَ الرَّبِيعُ: الْمُؤَرَّبَةُ: الْمُوَفَّرَةُ، وهذا الحديث قد يحمل على اتصاله لأن ابن

عباس من الصحابة العلماء الرواة.

حجية الحديث المؤنن: والجمهور جعله كالمعنعن، والمعتبر فيه السماع والمعاينة والسلامة من التدليس، فإذا تحققت فيه هذه

الاعتبارات حُكِم باتصاله، ونفي الانقطاع فيه، وإذا ثبت الاتصال والسماع ولم يعارض القرآن ولا حديثاً أقوى منه ولا الإجماع، حُكِم

عليه بالصحة أو قد حسُن قبوله.