.. فاسم الجلالة (الله) قام مقام التنوين في (كتاب)، إذن فمن الخطأ الجمع بين التنوين، والإضافة، ولا بين التنوين والمعرف بأل، ونحو قوله تعالى:(لخلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون)، فكلمتا:(خلق، وأكثر): حذف منهما التنوين للإضافة، فنزل المضاف إليه منزلة التنوين، وعندما دخل المضاف إليه حذف التنوين لأجل تلك الإضافة، فكأن الكلمة الثانية هي التنوين بعدما حلَّت محله، وحذف هو.
ثانيًا: حذف نون المثنى، نحو قولنا:(هذان كتابان)، ثم قولنا:(هذان كتابا محمد)، )فقد حُذِفَتْ نونُ المثنى للإضافة(، فنون المثنى تساوى التنوين في الاسم المفرد، فلمَّا حذف تنوين الاسم المفرد عند الإضافة حذفت كذلك نون المثنى عند الإضافة؛ لكونه يساوي تلك النون، فهي والتنوين في المفرد سواء، قال الشاعر:
النفسُ تعرفُ منْ عينيْ مُحدثِها
إن كان مِنْ حزبها أو مِنْ أعاديها
وأصله (عينين)، ثم حُذِفَتْ تنوين المثنى عند الإضافة، وهكذا في كل مثنى مضاف، تحذف نونه عند الإضافة، نحو قوله تعالى:(تبت يدا أبى لهب وتب)، فأصله (يدان)، وهي فاعل للفعل: (تبَّتْ)، وقد حذفت النون عند الإضافة إلى ( أبى)، فصارت (يدا) من غير نون، وهي تساوي ـ كما سبق ـ تنوين المفرد، فكل مفرد منون يحذف تنوينه عند الإضافة لأجل دخولها.
ثالثاً: حذف نون جمع المذكر السالم، فكلمة مسلمون في قولنا: (نحن مسلمون)، بقيت فيها النون بسبب انقطاعها عن الإضافة، لكنْ عندما تضاف ستحذف تلك النون التي تساوى التنوين في الاسم المفرد (مسلمٌ)، فنقول مثلاً:(جاء إلى النبيِّ الكريم مسلمو الحبشةِ) فقد حذفت النون في (مسلمو) للإضافة، (فالقاعدة في التركيب الإضافي أنه تحذف النون لوجود المضاف إليه)، وقد وضح لك أيضا عند الإضافة إلى ياء المتكلم، كما في كلام النبي لابن عمه ورقة بن نوفل:(أو مُخْرِجِيَّ هم؟)، فقد حذفت النون عند الإضافة، وأدغمت الياء في الياء الثانية (ىّ)، وأصل هذا القول هو:(أو مخرجون لي هم؟، حذفت اللام تخفيفا، فصارت (أو مخرجين) وبعدها (ياء المتكلم) المضاف إليه، ثم حذفت النون، فصارت هناك ياءان: ياء مخرجين، وياء المتكلم، فأدغمت الياء في الياء، وشدِّدتا معا، هكذا:(أو مخرجون لي هم أو مخرجيني هم ، ثم أو مخرجيني هم، ثم أو مخرجيي هم، ثم أو مخرجيَّ هم؟، وهكذا كلُّ ما أضيف إلى ياء المتكلم يحدث معه هذا.
رابعًا: حذف أداة التعريف (أل):نحو قولنا: (كتاب الله كريمٌ)، فكلمة (كتاب) لا تعرف لكونها مضافة ولا تنون لكونها مضافة، فالمضاف لا يعرَّف، ولا ينوَّن، ما دامت الإضافة معنوية، لا لفظية، والقاعدة الأساسية هي ألا تجمع بين لفظ معرف بأل، ومعه مضاف إليه، ولا تجمع كذلك بين منون، ومضاف إليه، ومقتضى ذلك أن التعريف والإضافة لا يجتمعان، بل يترافعان لأنهما متضادان، والمتضادان لا يجتمعان بل يترافعان، كما يقول أهل أصول الفقه، فنحو قول الله تعالى: (محمد رسول الله) لا يمكن أن نضع (أل) قبل (رسول) لكونها مضافة، كما لا يمكن تنوين كلمة (رسول) مادامت الإضافة قائمة، وأما إذا انقطعت الإضافة، فيجوز عندئذ التنوين، وهكذا في كلِّ جملة فيها تركيب إضافي، لا ينون صدرها ولا يعرف أولها مادامت الإضافة معنوية لا لفظية، ولكل لون من الإضافتين أحكام تعرف في محالها من باب الإضافة.
ثانيًا: التركيب المزجي، وأعاريبه، وأحكامه:التركيب المزجي هو عبارة عن كلمتين كان لكل واحدة منهما معنًى مستقلٌّ قبل الدمج، والمزج، ثم امتزجتا، ورُكّبَتَا معا، فلما سُبِكتَا، ومُزِجَتا ورُكِّبتا معًا صار لها معنًى جديدٌ تُنُوسِيَ معه المعنى الخاص الذي كان لكلٍّ منها قبل المزج على حدة، نحو:(معد يكرب - بختنصر- نيويورك - بورسعيد- حضرموت - بعلبك - سيبويه - خمارويه- عمرويه - راهويه - بور توفيق- بور فؤاد، وغيرها من المزجيات)، وفي مثل هذا النوع ثلاثة أعاريب أو أحكام، الأول: أن يكون الإعراب على آخر الجزء الأول، والثاني مضاف إليه مجرور (هذه بورُسعيدٍ- رأيت بورَسعيدٍ- مررتُ ببورِ سعيدٍ)، أي تعامل معاملة التراكيب الإضافية أن الأول يعرب حسب موقعه في الجملة، ويبقى الثاني مضافا مجرورًا دائمًا.

د.جمال عبدالعزيز أحمد
كلية دار العلوم بجامعة القاهرة ـ جمهورية مصر العربية
[email protected]